من الواضح أن کل واقف ینوی من وراء عمیلة الوقف تقدیم خدمة و اسداء منفعه للناس فهو یسعى لتحقیق الخیر و المنفعة للموقوف علیهم، فمن اوقف مدرسة یرید من ورائها توفیر الارضیة المناسبة لتحصیل العلم من قبل الموقوف علیهم ان کان الوقف خاصا و لجمیع الناس إن کان الوقف عامّا، و لکن فی کثیر من الاحیان و مع تقادم الزمن یفقد الوقف تلک الخاصیة و لا یوجد من ینتفع بذلک الموقوف منفعة عقلائیة، کمن یوقف مدرسة فی قریة قد أبید أهلها و لم یکن هناک من ینتفع بها، أو یوقف مکاناً (خان) لایواء حیوانات المسافرین کما کان یفعل ذلک قدیما، او یوقف ذلک الخان لیستفاد من عوائده المالیة فی اضاءة المسجد و المدارس بالشموع خاصة او بوسائل الاضائة القدیمة. و لاریب ان العقلاء یرون فی عصرنا الراهن أن هذا الوقف معطل من الناحیتین الاستثماریة و الاستعمالیة؛ فالاستثماریة معطلة لانه لا یوجد من یسافر على الحیوان حتى یتمکن من أخذ المال منه مقابل تقدیم الخدمة له، و معطل من الناحیة الاستعمالیة لعدم وجود مسجد او مدرسة تضاء بالطریقة القدیمة.
بطبیعة الحال نحن لا ندعی أن جمیع الموقفات هی على هذا النحو من انعدام فائدتها الموقوفة لاجلها حتى نغیرها، کذلک لا یمکن التوافق على نوع معین من التغییر لاختلاف الاذواق و السلائق، و من هنا یقتضی العقل الجمعی أن تکون هناک جهة مستقلة تتولى التغییر و ادارة الموقفات بعد التنسیق مع المتولین على الوقف.
ثم أن التعالیم الاسلامیة و ان منعت من تغییر الوقف خلافا لنیة الواقف، و لکن فی الوقت نفسه لا یستطیع الاسلام إبقاء تلک الموقوفات معطلة عن الفائدة کما ذکرنا فی الامثلة السابقة.
و من الطبیعی أیضاً أن کل مؤسسة او جهة حقوقیة غیر منزهة عن الخطأ و لم نکن هنا بصدد الدفاع عن جمیع الجزئیات و التغییرات، و لکن نطرح السؤال التالی: ما الحل اذا لم یتم التغییر؟
من هنا نرى الامام الخمینی (قدس) و سائر الفقهاء یقولون فی هذا الفرض:
مسألة 1: لا یجوز تغییر الوقف و إبطال رسمه و إزالة عنوانه و لو إلى عنوان آخر، کجعل الدار خاناً أو دکّاناً أو بالعکس، نعم إذا کان الوقف وقف منفعة و صار بعنوانه الفعلی مسلوب المنفعة أو قلیلها فی الغایة، لا یبعد جواز تبدیله إلى عنوان آخر ذی منفعة، کما إذا صارت البستان الموقوفة من جهة انقطاع الماء عنها أو لعارض آخر لم ینتفع عنها، بخلاف ما إذا جعلت داراً أو خاناً.
مسألة 2: لو خرب الوقف و انهدم و زال عنوانه، کالبستان انقلعت أو یبست أشجارها و الدار تهدّمت حیطانها و عفت آثارها، فإن أمکن تعمیره و إعادة عنوانه و لو بصرف حاصله الحاصل بالإجارة و نحوها فیه لزم على الاحوط و تعیّن، و إلّا ففی خروج العرصة عن الوقفیّة و عدمه فیستنمى منها بوجه آخر و لو بزرع و نحوه وجهان بل قولان؛ أقواهما الثانی، و الأحوط أن یجعل وقفاً و یجعل مصرفه و کیفیّاته على حسب الوقف الأوّل.[1]
و الجدیر بالذکر اننا لسنا بصدد الخوض فی الجزئیات لان ذلک یحتاج الى دراسة جمیع الفروض و الحیثیات ثم اعطاء الرأی فی کل واحدة منها بصورة مستقلة، و هو خارج عن قدرتنا هنا.
لینک موقع الاستفتاءات (کد 819).