مرّ فی الابحاث السابقة[1] البحث عن فاعلیة الدین و دوره الکبیر فی الحیاة المتطورة، و أن الانسان المعاصر و بسبب تعقد الحیاة فی العصر الراهن یتساءل عن الدور الذی یلعبه الدین فی حیاته؟ و ما هی المساحة التی یشغلها الدین فیها؟ و قد ذکرنا فی معرض الاجابة عن التساؤل المطروح: أن مرادنا من الدین هو الدین السماوی النازل من قبل الله تعالى، و بما أن الله تعالى هو الخالق للانسان و العارف بکل ما یحتاجه و ما یصلح شأنه، من هنا بعث الرسل و الانبیاء لیضعوا تحت تصرف الانسان البرنامج و المادة القانونیة و الشرعیة التی تنفعه و تعالج مشاکله فی شتّى الازمان و الامکنة. ثم قلنا: صحیح أن الانسان قد حصل فی حیاته المعیشیة تحول و تطوّر و اختلف طریقة العیش بنحو لا یمکن المقارنة بین ما هو متوفر للانسان فی عالمنا المعاصر و بین ما کان یملکه الانسان فی العصور السالفة. لکن بقی شیء لم یتغیّر و ذلک الشیء یتمثل فی الحاجات الاساسیة للانسان و الغرائز و المیول الثابتة للبشر و کذلک العوامل التی بسببها ضل الانسان الطریق و انحرف عن الجادة القویمة. و بعبارة أخرى: لم تتغیر عوامل السعادة و الشقاء البشری؛ فلم تتبدل الفطرة، و لم تتحول الغرائز و الطبیعة البشریة؛ و انما الذی تغیر هو القشور فقط، حیث تغیر نوع المسکن و الملبس و المرکب و سائر الوسائل التی یعتمدها الانسان فی حیاته العصریة، و بتبع ذلک تعقدت الحیاة و تشابکت الاواصر و العلاقات و لکن بقیت هویة الانسان هی هی لم تتغیر. و فی الواقع ان الدین ناظر الى تلک الحقائق و تلک الهویة الثابتة للانسان. من هنا انصبت التعالیم الدینیة و الارشادات الربانیة على تلک الهویة و الحقیقة الثابتة و التی لم تتغیر على مر الاعصار و الازمان لاصلاحها و الاخذ بیدها فی مسیر التکامل و الارتقاء الى نیل منزلة خلیفة الله فی الارض. و لقد اشرنا فی الابحاث و الاجوبة الاخرى الى دور الدین فی حیاة الانسان المعاصر فلاحاجة هنا للخوض فی الجزئیات.
انظر المواضیع التالیة:
دور الدین فی عالمنا المعاصر، السؤال 2399 (الرقم فی الموقع: 2874).
بیان اسس الدین و دورها فی تطور المجتمعات و ازدهارها، الرقم16828 (الرقم فی الموقع: 16547).