لم ترد في المصادر الروائية التي تحت متناول ايدينا حول الرؤيا مصطلحات من قبيل الحكائية و الارضائية و المزاجية[1]، و لكن ورد في الروايات تقسيمها الى الرؤيا الصادقة و الكاذبة او اضغاث الاحلام.
و لكي تتجلى القضية بصورة اوضح نرى من الضروري الاشارة الى أن النفس الانسانية اثناء النوم و تجردها عن العالم الخارجي و مشاغله الكثيرة، تتوجه الى عالمها الخاص بها، و تكون العلاقة بين تجرد النفس و بين اتصالها بعالم الملكوت علاقة طردية كلما تجردت اكثر ازادات اتصالا بذلك العالم.
و قد يحدث أحيانا ان لا تتعدى الرؤيا كونها حركة و تخيلات ذهنية. و تارة تتصل النفس بعالم الملكوت الى حد ما و لكن ما تتلقاه يخضع لتأثير الذهنيات الشخصية فيصاب بتقلبات و تحولات كثيرة، و لكن قد تصل النفس في حالات خاصة الى درجة من اللقاء الشفاء كالمرآة الصافية الخالية من كل الشوائب و التصورات و التخيلات الزائدة، فلا يحدث أي تصرف او تلاعب برؤياها.[2]
من هذه الزوايا تقسم الرؤيا الى تلك التقسيمات المختلفة، كذلك قسمت الرؤيا في بعض المصادر الى تقسمين كليين " اضغاث احلام" و " الرؤيا الصادقة أو الصالحة".[3] و من المعروف أن مصطلح "اضغاث الاحلام" اصطلاح قرآني يطلق على الاحلام وليدة نشاطات الذهن الشخصي.
و لكن قد يحدث احيانا ان تتفرغ النفس عن العلاقة بعالم المادية و تتجرد عن التخيلات تجردا تاما، مما يوفر لها الارضية المناسبة للاتصال بعالم الملكوت أكثر، و بعد تلقيها لصور و انوار و معارف و حقائق عالم الملكوت و تدركها من خلال مجاريها الفكرية، فتكون تلك الرؤيا كالمرآة الصافية التي تتجسم لها حقائق عالم الملكوت. و هذا النوع من الرؤيا يعبر عنه بالرؤيا الصادقة و لكنه يبقى بحاجة الى تأويل و تعبير، و بعد التعبير تخبر عن حقائق في عالمها كما حصل في رؤيا النبي يوسف (ع) التي اشار اليها القرآن الكريم.
[1] تقسم الرؤيا من زوايا و موضوعات مختلفة الى عدة تقسيمات من قبيل الرؤيا الحاكية تطلق على الرؤيا المنقولة عن الغير( انظر مقالة: الرؤيا و دورها من الزاوية العرفانية، للدكتور منصور ثروت، نشر كلية الآداب تبريز، عام 52، العدد211).
[2] مستل من شرح حكمة الاشراق لقطب الدين الشيرازي، ص 503، نشر انجمن آثار مفاخر فرهنگي.
[3] سجادي، سید جعفر، فرهنگ معارف اسلامي =معجم المعارف الاسلامیة، ج 1، ص 231، انتشارات دانشگاه طهران.