العقل الكلي في لسان الروايات يعني القلم الأعلى، و النفس الكلية تعني اللوح المحفوظ، و أما العلاقة بين العقل و النفس فهي تشبه العلاق بين القلم و اللوح؛ بمعنى أن العقل يفيض بأمر الله تعالى نور المعرفة و أن للنفس جنبة التلقي و القبول.
اما بالنسبة الى علاقة تلك المفاهيم و ارتباطها بأهل البيت (ع)، نقول: لما كان أهل البيت (ع) يمثلون الانسان الكامل و المطلق في اصطلاح العرفاء، من هنا فهم يتوفرون على جميع العوالم، و من حيث الروح و العقل هم كتاب العقل الذي يعرف بأم الكتاب، و من حيث القلب هم اللوح المحفوظ.[1]
و لكي ندرك هذه القضية ادراكاً صحيحا لابد من الالتفات الى أن العقل الكلي للانسان لا يعني العقل المحاسب، و ان قلب الانسان لا يعني ذلك العضو الصنوبري الموجود في صدر الانسان و لا يعني مركز الاهواء النفسانية، بل هو – انطلاقا من الروايات- بيت الله تعالى الذي وصف بانه اوسع من السماوات و الارض[2]، و ان العقل القدسي هو أول المخلوقات التي خلقها الباري تعالى.
و قد تعرضت الروايات للعلاقة بين القلم و اللوح و أنوار المعصومين (ع)، و كذلك ورد في تفسير بعض الآيات كقوله تعالى «وَ إِنَّهُ في أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكيمٌ»،[3] و «وَ كُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ في إِمامٍ مُبين»[4]" انهما تشيران الى مقامات الأئمة (ع)، و هذا البحث له علاقة بالبحث العرفاني الدائر حول الانسان الكامل و العقل الكلي و النفس الكلية.
البحث التفصيلي في مثل هذه الابحاث يحتاج الى فرصة اوسع، نسأل الله تعالى أن يتيح لنا تلك الفرصة للغوض مفصلا في هذه الابحاث.
[1] جاء في المعجم الفلسفي، ج1، ص157، نشر الشركة العالمية للكتاب: ورد في معجم المعارف الاسلامية في خصوص العقل و القلب و علاقتهما بالانسان الكامل و العالم: ان نسبة العقل الاول او العقل الكلي مع العالم الكبير كنسبة الروح ( العقل المجرد التام) مع الانسان الصغير، و نسبة النفس الكلية التي هي قلب العالم الكبير مع كل العالم الكبير كنسبة النفس الناطقة مع قلب الانسان بالانسان. (انظر: فرهنگ معارف اسلامي، ج1،ص 319. انتشارات جامعة طهران، بتصرف قليل).
[2] «فِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ لَمْ يَسَعْنِي سَمَائِي وَ لَا أَرْضِي وَ وَسِعَنِي قَلْبُ عَبْدِي الْمُؤْمِنِ»، المجلسي، محمد باقر، بحار الانوار، ج 55، ص 39، موسسه الوفاء، بیروت، 1409ق.
[3] زخرف، 4.
[4] یس، 12.