الاحکام و التعالیم الالهیة علی قسمین: تأسیسیة و إمضائیة:
- الاحکام التأسیسیة: هي الاحکام التي یشرعها الاسلام للموضوعات، و یکون الموضوع أحیاناً جدیداً و لم یکن متداولاً و معروفاً سابقاً بین الناس، مثل دفع الزکاة و الخمس. و لمشروعیة هذا القسم یجب إقامة دلیل خاص اثباتي من قبیل الآیات و الروایات او الاجماع و...
- الاحکام الإمضائیة: و احیاناً اخرى یکون ذلک الموضوع شائعاً بین الناس نظیر البیع و الشراء و الاجارة و الزواج و الربا و.. فمثل هذه الامور إما أن یکون الاسلام قد وقف منها موقف الرافض لها، کالربا [1] فحينئذ يثبت عدم مشروعیتها برفض الشارع المقدس لها. واخرى لم يصرح برفضها و يقف موقف الساكت عنها، ولكن السكوت هذا و عدم الرفض من الشارع يكشف عن مشروعیتها و اقرار الشارع لها، بشرط عدم وجود مانع للشارع و المعصوم يمنعه من التصريح برفضه لها؛ إذ مع وجود المانع لا يمكن اكتشاف إقرار الشارع لها.[2] مثل قبول خبر الشخص العادل و العمل علی طبقه.
و طبيعة الحال توجد حالات اخرى يقوم الشارع المقدس باجراء بعض التعديلات و الاصلاحات عليها اولاً ثم یعلن عن امضائه لها كالبیع و الشراء حیث رفض بعض البيوع كالبيع الربوي[3] و صحح بيوعات أخرى و هي الاكثر تعرض لها الفقهاء في موسوعاتهم الفقهية.[4]
و لاريب أن الاجارة هي الاخرى من المعاملات التي كانت رائجة و متداولة بین الناس قبل الاسلام، و التي أقرها الاسلام مع اجراء بعض التعديلات الفرعية و التفصيلية بحيث اصبحت تمثل رأي المشرع الاسلامي لا القانون الوضعي المتعارف في عصر ما قبل البعثة؛ ثم جاء الدليل الخاص ليضفي عليها الشرعية.
وقد استدل بعض الفقهاء[5] على مشروعية الاجارة و ثبوتها بآيات من القرآن الكريم [6] و الروایات[7] و الاجماع. و لما كان اصل ثبوت الاجارة في الشریعة و مشروعیتها أمراً مسلماً و قطعيا عند المعصومین (ع)، من هنا نرى الفقهاء ركزوا البحث على انواع الاجارة و شروطها و الاحکام المتفرعة علیها. و قد وردت روایات کثیرة و متعددة في باب الاجارة. و للاطلاع اکثر یراجع کتاب انوار الفقاهة للمرحوم کاشف الغطاء في باب الاجارة.
[1] (الَّذينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلاَّ كَما يَقُومُ الَّذي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا وَ أَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَ حَرَّمَ الرِّبا فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهى فَلَهُ ما سَلَفَ وَ أَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَ مَنْ عادَ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فيها خالِدُون)، البقرة:275.
[2] المظفر، محمد رضا، اصول الفقه، ج2، ص67-68، الطبعة الثالثة، مرکز النشر التابع لمکتب الاعلام الاسلامي، مطبعة مکتب الاعلام الاسلامي، 1406ق.
[3] (وَ أَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَ حَرَّمَ الرِّبا)، البقرة:275.
[4] انظر: كتاب المكاسب للشيخ الانصاري و الشروح التي دونت عليه.
[5] النجفي، کاشف الغطاء، حسن بن جعفر بن خضر، أنوار الفقاهة- کتاب الاجارة- ص1، الطبعة الاولی، مؤسسة کاشف الغطاء، النجف الاشرف، العراق، 1422ق.
[6] (قالَتْ إِحْداهُما يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمينُ )، القصص:26،( يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُود)، المائدة:1.
[7] (نَهَى رَسُولُ اللَّهِ (ص) أَنْ يُسْتَعْمَلَ أَجِيرٌ حَتَّى يُعْلَمَ مَا أُجْرَتُهُ )، الشیخ الحر العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشیعة، تحقيق و تصحيح، مؤسسة آل البیت علیهم السلام، قم، الطبعة الاولی، 1409ق.