يمكن الرجوع لمعرفة ماهية النفقة الى سؤال رقم 12889، و أما شروط وجوب النفقة فيرجع فيها الى سؤال رقم 2746.
اما بالنسبة الى فلسفة وجوب الانفاق فقد اشارت الآية الكريمة الى هذا المعنى في قوله تعالى: " الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَ بِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِم".[1]
و لا بدّ لتوضيح هذه العبارة من الالتفات إلى أنّ العائلة وحدة اجتماعية صغيرة، و هي كالاجتماع الكبير لا بدّ لها من قائد و قائم بأمورها، لأن القيادة و القوامة الجماعية التي يشترك فيها الرجل و المرأة معا، لا معنى لها و لا مفهوم، فلا بدّ أن يستقل الرجل أو المرأة بالقوامة، و يكون «رئيسا» للعائلة، بينما يكون الآخر بمثابة «المعاون» له الذي يعمل تحت إشراف الرئيس.
إنّ القرآن يصرّح- هنا- بأنّ مقام القوامة و القيادة للعائلة لا بدّ أن يعطي للرجل (و يجب أن لا يساء فهم هذا الكلام، فليس المقصود من هذا التعبير هو الاستبداد و الإجحاف و العدوان، بل المقصود هو أن تكون القيادة واحدة و منظمة تتحمل مسئولياتها مع أخذ مبدأ الشورى و التشاور بنظر الإعتبار).
إنّ هذه المسألة تبدو واضحة في هذا العصر أكثر من أي وقت مضى، و هي أن أية هيئة حتى المؤلفة من شخصين مكلفة بالقيام بأمر لا بدّ أن يتولى أحدهما زعامة تلك الهيئة فيكون رئيسها، بينما يقوم الآخر بمساعدته فيكون بمثابة (المعاون أو العضو)، و إلّا سادت الفوضى أعمال تلك الهيئة و اختلت نشاطاتها و أخفقت في تحقيق أهدافها المنشودة، و هكذا الحال بالنسبة إلى العائلة، فلا بدّ من إسناد إدارة العائلة إلى الرجل.
و إنّما تعطى هذه المكانة للرجل لكونه يتمتع بخصوصيات معينة مثل القدرة على ترجيح جانب العقل على جانب العاطفة و المشاعر، (على العكس من المرأة التي تتمتع بطاقة فياضة و طاغية من الأحاسيس و العواطف) و مثل امتلاك بنية داخلية و قوة بدنية أكبر ليستطيع بالأولى أن يفكر و يخطط جيدا، و يستطيع بالثانية أن يدافع عن العائلة و يذّب عنها.
هذا مضافا إلى أنّه يستحق- لقاء ما يتحمله من الإنفاق على الأولاد و الزوجة، و لقاء ما تعهده من القيام بكل التكاليف اللازمة من مهر و نفقة و إدارة مادية لائقة للعائلة- أن تناط إليه وظيفة القوامة و الرئاسة في النظام العائلي.[2]
أضف الى ذلك ان الفقهاء اشاروا الى أن فلسفة وجوب النفقة تكمن في كون المرأة تستحقها بالطاعة و التمكين من الاستمتاع.[3] و يسقط بالعصيان و المنع من الاستمتاع.[4]
[1] النساء، 34.
[2] مكارم الشيرازي، ناصر، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، ج3، ص: 216- 217، نشر مدرسة الامام علي بن أبي طالب (ع)، قم، الطبعة الاولى، 1421هـ.
[3] الطوسي، ابو جعفر، محمد بن حسن، المبسوط في فقه الإمامية، تحقيق و تصحيح،کشفي، سيد محمد تقي، ج 4، ص 328، المكتبة المرتضوية لإحياء الآثار الجعفرية، طهران، الطبعة الثالثة، 1387 ق.
[4] نفس المصدر.