تعریف الوکالة:
هي تفويض أمر إلى الغير ليعمل له حال حياته، أو إرجاع تمشية أمر من الأمور إليه له حالها، و هي عقد يحتاج إلى إيجاب بكل ما دل على هذا المقصود، كقوله وكلتك أو أنت وكيلي في كذا أو فوضته إليك و نحوها، بل الظاهر كفاية قوله: بع داري قاصدا به التفويض المذكور فيه، و قبول بكل ما دل على الرضا به، بل الظاهر أنه يكفي فيه فعل ما و كل فيه بعد الإيجاب، بل الأقوى وقوعها بالمعاطاة بأن سلّم إليه متاعا ليبيعه فتسلّمه لذلك، بل لا يبعد تحققها بالكتابة من طرف الموكل و الرضا بما فيها من طرف الوكيل و إن تأخر وصولها إليه مدة، فلا يعتبر فيها الموالاة بين إيجابها و قبولها، و بالجملة يتسع الأمر فيها بما لا يتسع في غيرها، حتى أنه لو قال الوكيل: «أنا وكيلك في بيع دارك» مستفهما فقال: «نعم» صح و تم و إن لم نكتف بمثله في سائر العقود.[1]
أحکام الوکالة: من أهم أحکام الوکالة التي ينبغي التأكيد عليها:
- الوکالة عقد یحتاج الی ایجاب، و تصح بأي لفظ یدل علی المقصود، کأن یقول: (وکلتک) او انت وکیلي في هذا العمل) أو (أوکلت الیک بیع هذا). و لا یجب فيهاالصیغة. فاذا افهم الآخر انه قد جعله وکیلا عنه، و الآخر افهمه بانه قبل الوکالة صحت الوکالة، کأن یعطي شخص ماله لآخر لیبیعه له، فیتسلمه الآخر منه.
- اذا وکل شخص شخصاً في مدینة أخری و أرسل الیه ورقة الوکالة فقبل الآخر فالوکالة صحیحة و ان کانت ورقة الوکالة قد وصلت الیه بعد مدة.
- یشترط ان یکون الموکل (الذي یقوم بالتوکیل) و الوکیل ایضاً، عاقلین و ممیزین و قاصدین و مختارین، بالاضافة الى اشتراط بلوغ الموکل. فمن اکره علی الوکالة ثم رضي بعد ذلک صحت وكالته، و کذا لو لم یکن الموکل بالغاً فاذن ولیه له في الوکالة او اجاز صحت.
- لا يجوز التوكل في العمل الذي لا یتمکن من القیام به، او لا یجوز شرعاً، و كذلك العمل الممنوع شرعا، فمن كان محرما للحج – مثلا- فانه في الوقت الذي لايحق له العقد لنفسه كذلك لا یجوز له التوكل في اجراء صيغة عقد الزواج لغيره.
- اذا وکل شخص آخر في القیام باعماله صح ذلک، و لکنه لو وکله في القیام باحد اعماله و لم یعین العمل لاتصح الوکالة.
- الوكالة عقد جائز من الطرفين، فللوكيل أن يعزل نفسه مع حضور، الموكل و غيبته، و كذا للموكل أن يعزله، لكن انعزاله بعزله مشروط ببلوغه إياه، فلو أنشأ عزله و لم يطلع عليه الوكيل لم ينعزل فلو أمضى أمرا قبل أن يبلغه و لو بإخبار ثقة كان نافذا.یجوز للوکیل ان یعزل نفسه عن الوکالة، حتی لو کان الموکل غائباً.
- يجوز أن يتوكل اثنان فصاعدا عن واحد في أمر واحد، فان صرح الموكل بانفرادهما أو كان لكلامه ظاهر متبع في ذلك جاز لكل منهما الاستقلال في التصرف من دون مراجعة الآخر، و الا لم يجز الانفراد لأحدهما و لو مع غيبة صاحبه أو عجزه، سواء صرح بالانضمام و الاجتماع أو أطلق بأن قال مثلا وكلتكما أو أنتما وكيلاي و نحو ذلك، و لو مات أحدهما بطلت الوكالة رأسا مع شرط الاجتماع أو الإطلاق المنزل منزلته و بقيت وكالة الباقي لو و كل بالانفراد.
- تبطل الوكالة بموت الوكيل، و كذا بموت الموكل و إن لم يعلم الوكيل بموته، و بعروض الجنون على كل منهما على الأقوى في الإطباقي، و على الأحوط في غيره، و بإغماء كل منهما على الأحوط، و بتلف ما تعلقت به الوكالة، و بفعل الموكل- و لو بالتسبيب- ما تعلقت به، كما لو و كله في بيع سلعة ثم باعها، أو فعل ما ينافيه كما و كله في بيع شيء ثم أوقفه.
- يجوز التوكيل بجعل و بغيره، و انما يستحق الجعل في الأول بتسليم العمل الموكل فيه، فلو وكله في البيع أو الشراء و جعل له جعلا فله المطالبة به بمجرد إتمام المعاملة و إن لم يتسلم الموكل الثمن أو المثمن و كذا لو و كله في المرافعة و تثبيت الحق استحقه بمجرد إثباته و إن لم يتسلمه الموكل.
- الوكيل أمين بالنسبة إلى ما في يده لا يضمنه إلا مع التفريط أو التعدي، كما إذا لبس ثوبا أو حمل على دابة كان وكيلا في بيعها لكن لا تبطل بذلك وكالته، فلو باع الثوب بعد لبسه صح بيعه، و إن كان ضامنا له لو تلف قبل أن يبيعه، و بتسليمه إلى المشتري يبرأ عن ضمانه، بل لا يبعد ارتفاع ضمانه بنفس البيع.[2]
وفي الختام ینبغي ذکر ملاحظة و هي انه یوجد في المصادر الفقهیة في موضوع الوکالة کتاب مستقل یسمی (کتاب الوکالة) یفصل فیه الفقهاء هذا الموضوع، و لا یوجد عادة اختلاف مهم في عمومات الوکالة بین الفقهاء. و کذلک فقد بحثت مسألة الوکالة في الحقوق الدینیة ایضاً بالتفصیل. و لمزيد الاطلاع یمکنکم مراجعة المصادر الفقهیة و الحقوقیة.
[1] الامام الخميني، تحرير الوسيلة، ج2، ص: 39، كتاب الوكالة.
[2] لاحظ: الامام الخمیني، تحریر الوسیلة، ج2، ص34-42، مکتب الإعلام الاسلامي، قم، 1363ش؛ شبیري زنجاني، السید موسی، رسالة توضیح المسائل، ص483-485، منشورات سلسبیل، قم، الطبعة الاولی، 1430ق.