حديث "الحسود لا يسود"[1] روي عن الإمام علي (ع)، و كذلك مروي ضمن حديث عن رسول الله (ص). فقد حذّر الرسول الأكرم (ص) الناس من ثلاث خصال فقال: "إياكم و ثلاث خصال فإنّهنّ رأس كلّ خطيئة إيّاكم و الكبر فإنّ إبليس حمله الكبر على ترك السّجود لآدم فلعنه الله و أبعده، و إيّاكم و الحرص فإنّ آدم حمله الحرص على أن أكل من الشّجرة، و إيّاكم و الحسد فإنّ قابيل حمله الحسد على قتل أخيه هابيل. و الحاسد جاحدٌ لأنّه لم يرض بقضاء الله و أعلم أنّ الحسود لا يسود".[2]
على كل حال فالمعنى الصحيح لهذه العبارة "الحسود لا يسود" هكذا: الحسود لا يصل إلى السيادة و لا يفوق الآخرين، أي أنه لا يصل عن طريق الحسد للآخرين إلى العظمة و السيادة و المقام الرفيع، إذ إن "لا يسود" من أصل "س، و ، د" و هي بمعنى عظم و مجد و شرف، كما يقول أرباب اللغة.[3] لا بمعنى النفع و الفائدة أو الراحة و السكينة، كما قال البعض و كما راج في العرف الفارسي.
ما يجدر قوله هنا أن فلسفة كون الحسود لا يصل إلى السيادة و الأفضلية، إما من جهة أن الحسد له هذا الأثر بشكل طبيعي، أو أن الله سبحانه يعلم أن الحسود لو وصل إلى مقام سامٍ يسعى للقضاء على نعم من تحت يده، لذلك لا يدعه الله تبارك و تعالى لأن يفوق الآخرين و يصبح ذا مقام رفيع، أو باعتبار أنه قد يعمل عملاً في طريق حرصه للقضاء على نعم الآخرين يجعله حقيراً في أعينهم و يسقطه عن العظمة و الأفضلية و السيادة.[4]
[1] التميمي، الآمدي، عبد الواحد، غرر الحكم و درر الكلم، ص 299، مكتبة التبليغ الإسلامي، قم، 1366 ش.
[2] الديلمي، حسن بن محمد، إرشاد القلوب إلى الصواب (للديلمي)، ج 1، ص 129، الشريف الرضي، قم، الطبعة الأولى، 1412 ق.
[3] الواسطي، الزبيدي، محب الدين، تاج العروس، ج 5، ص 32، دار الفكر، بيروت، الطبعة الأولى، 1414 ق.
[4] الخوانساري، جمال الدين محمد، شرح غرر الحكم و درر الكلم، ج 1، ص 255، جامعة طهران، طهران، الطبعة الرابعة، 1366 ش.