سدرة على وزن «حرفة» و معناها یطابق ما یقوله المفسرون: شجرة کثیفة الأوراق و الظل، و إن التعبیر بـ «سدرة المنتهى» یعنی الشجرة ذات الأوراق الکثیفة و الظل الوافر و الموجودة فی ذروة السموات فیما ینتهی إلیه عروج الملائکة و أرواح الشهداء و علوم الأنبیاء و أعمال الإنسان، إنه المکان الذی منع الملائکة من تجاوزه، و کذلک توقف عنده جبرئیل الأمین فی سفر المعراج.
و مع أن القرآن لم یوضح طبیعة و حقیقة سدرة المنتهى و تفاصیلها إلا أن الروایات أوردت أوصافاً و مشخصات لسدرة المنتهى، و جمیعها تکشف عن أن هذا التعبیر استعمل کنوع من التشبیه، و أنه أکبر من مدیات اللغة و حروفها القاصرة عن بیان مثل هذه الواقعیات العظیمة فقد جاء فی حدیث عن النبی (ص): «رأیت على کل ورقة من أوراقها ملکا قائماً یسبح الله تعالى»[1].
و فی حدیث آخر رواه الإمام الصادق (ع) عن رسول الله (ص): «انتهیت إلى سدرة المنتهى، و إذا الورقة منها تظل أمةً من الأمم»[2].
و هذه التعابیر تشیر إلى أنّ المراد من هذه الشجرة لیس کما نألفه من الأشجار المورقة و الباسقة على الأرض أبدا، بل إشارة إلى ظلّ عظیم فی جوار رحمة اللّه و هناک محلّ تسبیح الملائکة و مأوى الأمم الصالح[3]. و قد ورد فی تفسیر المیزان کلام عن سدرة المنتهى جاء فیه: قوله تعالى: "عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى إذ یغشى السدرة ما یغشى" السدر شجر معروف و التاء للوحدة و المنتهى - کأنه - اسم مکان و لعل المراد به منتهى السماوات بدلیل کون الجنة عندها و الجنة فی السماء، قال تعالى: «و فی السماء رزقکم و ما توعدون»: الذاریات: 22.
و لا یوجد فی کلامه تعالى ما یفسر هذه الشجرة، و کان البناء على الإبهام کما یؤیده قوله بعد: «إذ یغشى السدرة ما یغشى» و قد فسر فی الروایات أیضا بأنها شجرة فوق السماء السابعة إلیها تنتهی أعمال بنی آدم و ستمر ببعض هذه الروایات»[4].
[1] الطبرسی، مجمع البیان، تفسیر الآیة 14 سورة النجم، «عند سدرة المنتهى».
[2] نور الثقلین، ج5، ص155.
[3] الأمثل فی تفسیر کتاب الله المنزل، ج17، ص: 222،دار الکتب الإسلامیة، 1416 هـ، الطبعة الأولى، طهران.
[4] الطباطبائی، السید محمد حسین، المیزان فی تفسیر القرآن، ج19، ص: 3، نشر: مؤسسة النشر الإسلامی التابعة لجماعة المدرسین فی الحوزة العلمیة بقم، 1417 هـ، الطبعة الخامسة، قم.