لاریب أن الرجوع الى المختصین فی مثل هکذا أمور یعد أمراً مستحسناً و طریقة مناسبة لکن یبنغی الحذر من الوقوع فی فی الخرافة و فی مخالب المحتالین، و لا ینبغی تعقید القضیة أکثر مما هی علیه فعلاً:
أما بالنسبة الى کون القضیة قد تجرک الى الفساد فهذا أمر غیر مقنع و لا مبرر لان هناک الکثیر من الرجال و النساء یبقون عوانس طلیة حیاتهم و مع ذلک لا یقترفون المحرم و لا یقعون فی الفساد و لم یتخطوا الحدود التی رسمها الله تعالى لهم.[1] و لیس الأمر کما تتصورون أن کل من لم یشبع حاجته الجنسیة یجوز له ارتکاب المفسدة و المحرم، فلو فرضنا أنک لم تتزوج أصلاً لا یحق لک ذلک فکیف و أنت قد تشبع الى حد ما غریزتک الجنسیة.[2]
اما قضیة الطلاق، صحیح أن الطلاق أمر قد ذمته الشریعة و قد تم التأکید على اجتنابه بالحد الممکن لانه ابغض الحلال عند الله تعالى کما ورد فی الروایة.[3] لکن مع ذلک لا یحرم الطلاق و لا محذور فیه فی حالات استثنائیة عندما یصبح العیش المشترک حرجیاً وعسراً على الزوجین. لکن لا ینبغی التسرع فی اتخاذ قرار الطلاق بل لابد من التأمل فی القضیة و دراسة ابعادها من کل الجوانب و الاجابة عن جمیع التساؤلات التی یمکن ان تطرح فی هذا المجال، من قبیل:
1. هل استنفدت کل الطرق لمعالجة المشکلة و الخروج من المعضلة أو أن برودة الزوجة جنسیاً قد اتخذت ذریعة للطلاق و الانفصال؟
2. هل حصل عندکم اطمئنان بان مشکلتک ستحل اذا طلقت زوجتک؟ لانک بعد الطلاق ستقف أمام خیارین هما:
الف: ان تبقى طیلة ما بقی من حیاتک عزباً و حینئذ تحرم من کل انواع العلاقة الجنسیة حتى هذا المقدار القلیل الذی تؤمنه لک زوجتک التی وصفتها بالبرود الجنسی؛ و من المستبعد جداً ان یکون هذا هو الحل الانسب لک و الامثل فی هذه القضیة.
ب: تسعى للزواج من إمرأة ثانیة، وهنا یثار السؤال التالی: هل أنت مطمئن من الحصول على الزوجة المثالیة خاصة و انت قد مررت بتجربة سابقة؟ و هل تؤمن لک تلک المرأة الجدیدة ما تریده من اشباع جنسی؟ او أن مصیر زواجک الثانی سیکون شبیها للاول لا ثمرة منه الا إیذاء الطرف المقابل.
3. على فرض الحصول على زوجة مناسبة ترتبط معها بعلاقة حمیمة جداً، أ لیس من الممکن تحصیل ذلک من دون اللجوء الى الطلاق والانفصال و تجنب نفسک و زوجتک الاولى العقد الروحیة التی یولدها الطلاق، وأ لیس الجمع بین الزوجتین ممکناً؟ خاصة اذا کانت زوجتک الاولى ضعیفة المزاج الجنسی- کما جاء فی متن السؤال – راضیة بالانفصال و الطلاق بسبب کونها سبب المشکلة الجنسیة، أ فلا ترضى أن تعیش معک و أنت متزوج بأخرى سواء بالعقد الدائم أو المنقطع؟! و إن کنا لا نحبذ التسرع فی إتخاذ هکذا قرار، نعم لو انقطعت جمیع السبل و وصلتم الى طریق مسدود فحینئذ جمیع السبل ممکنة منها اختیار طریق الطلاق الذی هو طریق مشروع قطعاً.
4. و أخیراً نقول: هل فکرتم بمصیر الاطفال- إن کانوا موجودین- و حضانتم ؟ ما هو الطریق لعلاج المشکلة التى تواجههم بسبب الانفصال؟ هل فکرتم بطبیعة العواقب الوخیمة التی تواجه هؤلاء الاطفال خصوصاً فی عالمنا المعاصر؟ ما هو الجرم الذی ارتکبوه لیتحملوا کل هذا المشاکل الاجتماعیة الوخیمة؟ لا ذنب لهم الا انهم وقعوا ضحیة و الدین لم یفکروا بمصیرهم شیئاً!!
انطلاقاً من کل ما ذکرناه لا یوجد مانع شرعی أو قانون یحول بینک و بین الانفصال و الطلاق، لکن نصیحتنا لکم ان تفکروا بسبل علاج صحیحة و نافعة للخروج من المشکلة و مواصلة الحیاة الزوجیة و عدم اللجوء الى الطلاق الا اذا کان آخر العلاج و عندما تنسد جمیع السبل أمامکم.
وفی الختام: ان قضیة البرود الجنسی نابعة من عدة عوامل قد یکون موقف الرجل و طبیعة تعاملة واحد من تلک الاسباب فلا ینبغی لک الغفلة عن هذا العامل؛ من هنا علیک ان تراجع طریقة سلوکک و تعاملک مع زوجتک لتقییمه وهل له اثر فی خلق المشکلة أم لا؟ فقد تصل الى نتیجة لا تحتاج معها الى اختیار الطلاق.