من الواضح أن المنهج المعتمد فی التشریع الاسلامی هو بیان احکام القضایا المبتلى بها فی عصر النص بصورة تفصیلیة و بنحو مباشر، و اما القضایا التی لم یتوفر موضوعها فی عصر النص فقد اشار الى حکمها بنحو کلی. فعلى سبیل المثال لما کانت المسکرات فی عصر النص تتمثل فی الخمرة المصنوعة من التمر او من العنب بینت الشریعة تلک الاحکام بصورة مفصلة و اشارت الیها بنحو خاص؛ اما فی العصر الراهن فقد تنوعت المسکرات بشکل کبیر و ترک استنباط حکمها الى الفقهاء یکتشفونه من خلال الکلیات و عمومات الشریعة.
المثال الآخر: لما کان الناس یجهلون انواع الحیوانات البحریة فلم یعرفوا ما هو المحلل منها و ما هو المحرم و عدم التطور التکنولوجی فی ذلک العصر، وضع الائمة علیهم السلام قاعدة کلیة یمکن من خلال السیر وفقاً علیها تشخیص المحلل من المحرم من الاسماک حیث قال الامام الصادق (ع): " کُلْ مِنَ السَّمَکِ مَا کَانَ لَهُ فُلُوسٌ وَ لَا تَأْکُلْ مِنْهُ مَا لَیْسَ لَهُ فَلْس ".[1]
کذلک الأمر بالنسبة الى المواد المخدرة التی کثرت انواعها و تعددت أصنافها و ما زالت تزداد یوماً بعد یوم، صحیح هذه الامور لکونها من الامور المستحدثة لم یتعرض لها القرآن الکریم و لا الاحادیث الشریفة بشکل مباشر، لکن یمکن اقتناص حکمها من القواعد و الاصول الاسلامیة الکلیة و من تلک القواعد حرمة کل شیء یضر بسلامة الانسان.[2]
اما بالنسبة الى علة بیان حکم بعض الاحکام من قبیل الذبح و انواع الذباحة فی القرآن الکریم و الروایات فهو کثرة ابتلاء الناس بها فی عصر النص، و أما الاشیاء الأخرى من قبیل الهیروئین و غیره من المواد الحدیثة فلکونها غیر متعارفة فی ذلک العصر لم یصرح ببیان حکمها بصورة مفصلة لکن یمکن استنباط حکمها من خلال القواعد و الاصول الکلیة التی رسمها منهج الاجتهاد الاسلامی.
لمزید الاطلاع انظر:
1. السؤال رقم586 (الرقم فی الموقع: 399) سر ختم النبوة.
2. السؤال رقم1360(الرقم فی الموقع:2073)أفلسفة حلیة الروبیان.
[1] صدوق، محمد بن علی، من لا یحضره الفقیه ،ج3،ص، 323، ح 4152.
[2] أجوبة الاستفتاءات (بالعربیة)، ج2، ص: 53، یحرم استعمال المواد المخدِّرة و الاستفادة منها مطلقاً، نظراً إلى ما یترتّب على استعمالها من الآثار السیئة من قبیل الإضرار الشخصیة و الاجتماعیة المعتدّ بها، و من هنا یحرم التکسّب بها أیضاً بالحمل و النقل و الحفظ و البیع و الشراء و غیر ذلک.