لا تخلو الأحكام الإلهية من المصالح و الحكم التي قد شرعت على أساسها، لكنها قد خفيت علينا فلسفة كثير منها كوجوب ترك الصلاة و الصوم بالنسبة للنساء في أيام الحيض و العادة الشهرية، فلا مجال لفهمها.[1] و الشيء الوحيد الذي نعرفه هو إن القرآن الكريم اعتبر المرأة في حال الحيض كالإنسان المبتلى بمرض عدة أيام يتبعه بطبيعة الحال ضعف و أذى، و بتعبير القرآن الكريم عن الحيض هو "وَ يَسْلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاءَ فىِ الْمَحِيضِ وَ لَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يحِبُّ التَّوَّابِينَ وَ يحُبُّ الْمُتَطَهِّرِين".[2]
فما جاء في القرآن عن أحكام الحيض هو حرمة مقاربة النساء في هذه الأيام، أما باقي الأحكام فقد وردت في السنة و روايات أهل البيت (ع). يقول الله عزّوجل "وَ يَسْلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاءَ فىِ الْمَحِيضِ".[3]
أحكام الحيض في الروايات:
لقد وردت في الروايات أحكام خاصة للحائض، منها ترك الصلاة و الصيام. ورد عن الإمام الرضا (ع) أنه قال: "إذا حاضت المرأة فلا تصوم و لا تصلي".[4]
و ورد عن المعصومين في باب "وجوب قضاء الحائض و النفساء، الصوم دون الصلاة"[5] أن المرأة يجب عليها قضاء الصيام الذي فاتها أيام الحيض دون الصلاة فلا يجب عليها قضاء ما فاتها من صلاة أيام الحيض بل لا يجوز ذلك.[6]
أما عن فلسفة عدم قضاء الصلاة و وجوب قضاء الصوم، فقد جاء عن الإمام الصادق (ع) في مناظرة بينه و بين أبي حنيفة أن الإمام الصادق (ع) قد أشار إلى نكتة و ملاحظة مهمة في هذا الباب فقد أكد على أن علل الأحكام و فلسفتها لا تؤخذ بالقياس،[7] فقال الإمام الصادق (ع): فيجب على قياس قولك على الحائض قضاء ما فاتها من الصلاة في حال حينها دون الصيام، و قد أوجب الله تعالى عليها قضاء الصوم دون الصلاة...[8]
نفهم من هذه الروايات بشكل واضح أن مثل هذه الموارد لا يمكن تصوير حِكم التشريعات بالتفلسف كالقياس و غيره و الخوض في علل الأحكام الإلهية لمجرد الظنون و التخمينات و من دون استناد الى برهان قويم.
لذلك، يجب على النساء ترك الصلاة و الصيام في أيام الحيض، طبقاً للروايات و إجماع الفقهاء.[9]
الموضوع المتعلق:
السؤال 1259 (الموقع: 1451) (النساء و نقص عقولهن و عدم مشورتهن).
[1] انظر: فلسفة الأحکام.
[2] البقرة، 222.
[3] البقرة، 222.
[4] العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشیعة، ج 2، ص 334، باب تحریم الصلاة و الصیام و نحوهما علی الحائض، برمجیة جامع الأحادیث.
[5] وسائل الشیعة، ج 2، ص 346، باب وجوب قضاء الحائض و النّفساء، الصوم دون الصلاة إذا طهرت.
[6] عن أبي عبد الله (ع) قال :"إنّ السّنة لا تُقاس ألا تری المرأة تقضي صومها و لا تقضي صلاتها الحدیث. نک: وسائل الشیعة، ج 2، ص 346.
[7] یقول الإمام الصادق (ع) في روایة أخری في باب الرأي و القیاس: "إن دین الله لا یصاب بالمقیاس". انظر: الکلیني، الکافي، ج 1، ص 56.
[8] الطبرسي، الاحتجاج، الغفاري المازندراني، ج 3، ص 345، الناشر المرتضوي، طهران،بلا تاريخ.
[9] النراقي، محمد مهدي، معتمد الشیعة في أحکام الشریعة، ص 300، برمجیة جامع فقه أهل البیت (ع).