يعد البكاء شأنه شأن الحالات الاخرى من النعم الالهية التي افاضها على عباده، و قد أشار الإمام (ع) الى هذا المعنى في العبارة المعروفة :" بکاء العیون و خشیة القلوب من رحمة الله تعالی...".[1]
و المستفاد من تعاليمنا الدينية أن هناك الكثير من الآثار و البركات التي تترتب على البكاء، و لمّا كان الأئمة (ع) بشراً مخلوقين تراهم يستغلون هذه الفرصة و النعمة الالهية في كل مراحل حياتهم و حينما تسنح لهم الفرصة المناسبة من قبيل البكاء اثناء الصلاة و التهجد و الخلوة مع الله و.... للفوز بثمار تلك الحالة الايجابية، و من هنا نقل عن الامام الكاظم (ع) أنه كان لايدع فرصة تمر الا و استغلها بالبكاء و الخشية من الله تعالى و أنه (ع) كان يبكي من خشية اللَّه حتَّى تخْضَلَّ لحيتهُ بدموعه.[2]
دلائل بكاء الأئمة
يمكن تعليل كثرة بكاء الأئمة (ع) اثناء الصلاة و غيرها من الحالات، بعدة اسباب نشير الى بعضها هنا:
1. التقرب من الله تعالى: من الاسباب التي تؤدي الى اكثار الائمة من البكاء رغبتهم الشديدة بالتقرب الى الله تعالى، و قد اشار الإمام الرضا (ع) الى هذا المعنى في ما نقل عنه: " کان فیما ناجی الله به موسی (ع) انه ما تقرب الی المتقربون بمثل البکاء من خشیتي".[3]
2. رحمة بالأمة: من العوامل التي دعتهم (ع) الى الاكثار من البكاء أهتمامهم بشأن الأمة و طلب الرحمة الالهية لها، فقد وري عن أمير المؤمنين (ع) أنه قال: " و لو أن عبداً بکی في أمةٍ لرحم الله تعالی ذکره تلک الأمة لبکاء ذلک العبد".[4] و روي عن الإمام الصادق (ع) في هذا المجال أنه قال: " و لو أن باکیاً بکی في أمة لرحموا".[5]
3.الحب الالهي: يسعى الأئمة (ع) بكل ما أوتوا من قوة لتعزيز الحب الالهي و الفوز بحبّه سبحانه، فقد روي عن الامام الباقر (ع) أنه قال: " ما من قطرة أحب الی الله عز و جل من قطرة دموع في سواد اللیل مخافة من الله لایراد بها غیره".[6]
4. نورانية القلب: و هذا من العوامل الاساسية المترتبة على البكاء، و التي لم يغفلها الأئمة (ع) في توجيهاتهم و توصياتهم، فقد روي عن الامام أمير المؤمنين (ع) أنه قال: " البکاء من خشیة الله ینیر القلب ...".[7]
البكاء أثناء الصلاة
ورد في الرواية أن الله تعالى أوحى الى عيسى (ع): " یا عیسی! ابک علی نفسک فی الصلاة".[8] و عن أَبي حنيفةَ قال: سأَلتُ أَبا عبد اللَّه (ع) عن البكاء في الصَّلاةِ أَ يقطعُ الصَّلاةَ؟ فقال: إِن بكى لذكرِ جنَّةٍ أَو نارٍ فذلكَ هو أَفضلُ الأَعمال في الصَّلاة.[9]
إذن افضل الاعمال اثناء الصلاة و المناجاة مع الله أن يقترن ذلك بالبكاء و الخشية من الله تعالى، و لاريب أن أجدر من يقوم بذلك هم الاولياء و الصالحون و على رأسهم الانبياء و الائمة (عليهم السلام).
لمزيد الاطلاع انظر: مقال ثقافة البكاء في موقع حوزه نت.
[1] المجلسي، بحار الانوار، ج 90، ص 336، مؤسسه الوفاء، بیروت، 1404ق.
[2] بحار الانوار، ج 90، ص 336.
[3] بحار الانوار، ج 13، ص 349.
[4] بحار الانوار، ج 90، ص 336.
[5] الحرالعاملي، وسائل الشیعة، ج 11، ص 178.
[6] الكليني، الکافي، ج 2، ص 482، دارالکتب الاسلامیة، طهران، 1365ش
[7] الأمدي التمیمي، عبدالواحد، غررالحکم، ج 2، ص 192، مكتب الاعلام الاسلامي، قم، 1366ش.
[8] بحار الانوار، ج 14، ص 290.
[9] وسائلالشيعة ج 7، ص 248، مؤسسة أهل البيت (ع)، قم، الطبعة الاولى.