إن الإنسان موجود اجتماعی و هو بحاجة إلى الارتباط مع الآخرین و یحتاج صداقتهم و مودتهم. و بذل السلام هو أول خطوة لإیجاد علاقة سالمة بین الطرفین و یحمل عدة رسالات من قبیل الصداقة و الإخلاص و المحبة و التواضع و دعاء الخیر و طمأنة الآخر و غیر ذلک. إن لفظ السلام کلمة جمیلة تنطوی على معان کثیرة، فبه نعبر عن دعائنا و أملنا بسلامة من نسلّم علیه و فی نفس الوقت نطمئنه عن أنفسنا بأن لن یتوجه إلیه ضرر و لا أذى من قبلنا. لقد ذکر فی الروایات الواردة عن النبی (ص) أن بذل السلام یزید فی المحبة و المودة.[1] و لهذا نجد الإسلام قد بالغ فی توصیته ببذل السلام و اعتبره من المستحبات التی لها أجر عظیم عند الله سبحانه. حیث قال الإمام الحسین (ع): "للسلام سبعون حسنة تسع و ستون للمبتدئ و واحدة للراد"[2] لأن الابتداء بالسلام مستحب لکن الجواب واجب.
و قال أیضا: "البخیل من بخل بالسلام"[3] إذن ما جاء فی الأخبار أن النبی (ص) کان یسبق الآخرین فی السلام و لم یستطع أحد على أن یسبقه فی ذلک لیس بعجیب، إذ کان النبی موقنا بحقانیة الإسلام و أحکام هذا الدین الإلهی و کان مطیعا مستسلما لأوامر الله سبحانه، و من جانب آخر کان النبی قدوة و أسوة للمسلمین،[4] و فی سبیل تطور المجتمع الإسلامی و انتفاعه، کان یعمل بما یقول بل کان یدعوا الناس بعمله لتطبیق أحکام الإسلام. فهذه التعالیم هی التی نفحت طیب المحبة و المودّة بین المسلمین.
[1] مستدرک الوسائل، ج 8، ص 454، "قَال (ع) طَلَاقَةُ الْوَجْهِ بِالْبِشْرِ وَ الْعَطِیَّةِ وَ فِعْلُ الْبِرِّ وَ بَذْلُ التَّحِیَّةِ دَاعٍ إِلَى مَحَبَّةِ الْبَرِیَّةِ".
[2] الحرانی، حسن بن شعبة، تحف العقول، ص 248، انتشارات جماعة المدرسین، قم 1404ق.
[3] المصدر نفسه، ص 229.
[4] الأحزاب، 21، "لَقَدْ کانَ لَکُمْ فی رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ کانَ یَرْجُوا اللَّهَ وَ الْیَوْمَ الْآخِرَ وَ ذَکَرَ اللَّهَ کَثیراً".