فی البدء لا بد من التوجه لمسألة مهمة، فی تشکیل حکومة إسلامیة فی زمن غیبة المعصوم (ع)، و تتمثل فی وجود رکنین مؤثرین:
1ـ وجود أئمة و علماء دین من ذوی التدبیر و الإدارة و من أهل التقوى و الشجاعة و...
2ـ وجود أناس متدینین یسندون الحکومة و یقفون إلى جانبها مع الالتزام بأحکام الإسلام و تعالیمه و ممن یطمئن لهم.
و حیث أن الأئمة المعصومین أشاروا إلى خصائص المتصدی نظیر التقوى، و الشجاعة، و مخالفة الهوى و غیرها... حتى یتم انتخابه للقیادة[1]. فمن البدیهی أن یکون أفراد الأمة هم المخاطبون فی مثل هذه الأحادیث، و هم الذین یختارون القائد الحائز على هذه المواصفات لیسیروا خلفه بثقة و اطمئنان.
و من الطریف أن نفس الروایة التی تدعو الناس لإتباع علماء الدین تحذرهم من الإتباع الأعمى و من دون تثبت، و تصف الذین یسیرون خلف من یتظاهر بالدین و لکنه یسعى لطلب الدنیا و التعصب، و یرتکب الذنوب و المعاصی بأنهم کالیهود[2].
و من جهة أخرى، فإن أفراد المجتمع الواسع و المتنوع لا یمکن أن ینبری کل واحد منهم لمراقبة علماء الدین و إظهار النظر فی سلوکهم، و على هذا الأساس یجب على الناس انتخاب أفراد لهم معرفة و اطلاع على سیرة العلماء و طبیعة أعمالهم و یطلبون منهم مراقبة المتصدین و ملاحظة الصفات و المشخصات التی عینها المعصومون کشروط لاستحقاق القیادة و الولایة. و على هذا الأساس تم إدراج مجلس الخبراء فی القانون الأساسی للجمهوریة الإسلامیة فی إیران.
خلاصة الامر أن مجلس الخبراء مهمته تشخیص وجود الصفات فی القائد و عدمها، و مع عدمها ینعزل القائد تلقائیا بحیث لا یصبح مؤهلا شرعاً للقیادة لفقدانه الشروط التی اشترطها الشارع المقدس فی القائد.
[1]الحر العاملین محمد بن حسن، وسائل الشیعة، ج27، ص131، ح33401، مؤسسة آل البیت، قم، 1409 هـ.ق. » فأمَّا مَنْ کان منَ الفقهاء صائناً لنفسه حافظاً لدینه مخالفاً على هواهُ مُطیعاً لأمر مولاه فللعوام أنْ یُقلّده»
[2]«و کذلک عوامُّنا إذا عرفوا من علمائهم الفِسْقَ الظَّاهرَ و العصبیَّةَ الشَّدیدةَ و التَّکالبَ على الدّنیا و حرامها فمن قلَّد مثل هؤلاء فهو مثلُ الیَهُودِ الذین ذمّهم الله بالتقلید لفَسَقَةِ عُلمائِهِمْ».