«الصبر» اصل کلّی و أساس اسلامی، یأتی أحیانا فی القرآن مقرونا بالصلاة، و لعل ذلک آت من انّ الصلاة[1] تبعث فی الإنسان الحرکة، و الأمر بالصبر یوجب المقاومة، و هذان الأمران، ای «الحرکة و المقاومة» حین یکونان جنبا الى جنب یثمران کل اشکال النجاح و الموفقیة.
و أساسا یتحقق عمل صالح دون صبر و مقاومة ... لانّه لا بدّ من إیصال الأعمال الصالحة الى النهایة، و لذلک فإنّ الآیة المتقدمة تعقب على الأمر بالصبر بثواب اللّه و اجره إذ تقول: إِنَّ اللَّهَ لا یُضِیعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِینَ و معنى ذلک ان العمل الصالح لا یتیسر دون صبر و مقاومة ... لا بأس بذکر هذه المسألة الدقیقة، و هی انّ الناس ینقسمون الى عدّة جماعات إزاء الحوادث العسیرة الصعبة:
1- فجماعة تفقد شخصیّتها فورا، و کما یعبر القرآن إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً[2]..
2- و جماعة آخرون یصمدون امام الأزمات بکل تحمّل و تجلّد.
3- و جماعة آخرون بالاضافة الى صمودهم و تحملهم للأزمة، فإنّهم یؤدّون الشکر للّه.
4- و جماعة آخرون یتجهون الى الأزمات و المصاعب بشوق و عشق، و یفکرون فی کیفیة التغلب علیها. و لا یعرفون التعب و النصب فی متابعة الأمور، و لا یهداون حتى تزول المشاکل.[3]
یقول الامام الصادق(ع): "الصَّبْرُ مِنَ الْإِیمَانِ بِمَنْزِلَةِ الرَّأْسِ مِنَ الْجَسَدِ فَإِذَا ذَهَبَ الرَّأْسُ ذَهَبَ الْجَسَدُ کَذَلِکَ إِذَا ذَهَبَ الصَّبْرُ ذَهَبَ الْإِیمَانُ"[4].
و فی الحقیقة فان جمیع المشاریع البناءة الفردیة و الاجتماعیة یعتمد نجاحها علی الصبر و الاستقامة، و لولا ذلک لم یفلح أی منها، و ذلک لوجود الموانع و المشاکل فی طریق کل عمل ایجابی، و لا یمکن التغلب علیها الا بقوة الصبر و الاستقامة، فلا الوفاء بالعهد ممکن من دون استقامة و صبر، و لا حفظ العهود الالهیة و لا الخوف من الله و محکمة القیامة، و لا اقامة الصلاة و الانفاق من المواهب الالهیة، و لا تدارک الاخطاء عن طریق فعل الحسنات!.
و بناءً علی هذا فان علی الانسان ان یسعی فکریاً و عملیاً علی تقویة الصبر و تنمیته فی نفسه.
فعلیک ان تسعی لان تتذکر مرة آخری الآثار و النتائج العقلیة و الشرعیة للصفات الحسنة التی کنت علیها، و هذا العمل تحتاجه لا فی هذا الظرف فحسب بل فی العمر کله، و ان قرأت بعض الروایات حول الموضوع مورد النظر مثل مساعدة الناس و حل مشاکل المسلمین و غیرها، فانها تساعدک فی تجدید حیویتک و نشاطک فی هذه الموارد، و مجالسة الاصدقاء الذین یهتمون بهذه الامور مهمة جداً، وفی مقابل ذلک فان الافکار السلبیة للاصدقاء ربما تکون مانعاً فی هذا الطریق.
انظر المواضیع التالیة:
السوال 1214 (الموقع2049)کیف تکون محبوباً عند الله.
السوال 2881(الموقع3193) جمال الانسان و نورانیته فی الروایات.
[1] یقول الله عز وجل:واستعینوا بالصبر والصلاة، البقرة،45.
[2]( اذا مسه الشر جزوعاً)، المعارج20.
[3] مکارم الشیرازی، ناصر، الامثل فی تفسیر کتاب الله المنزل، ج7، ص: 9، مدرسة الإمام علی بن أبی طالب (ع)، 1421 ه، الطبعة الأولى، قم المقدسة.
[4] الکلینی، محمدبن یعقوب، الکافی ج2، ص87، دار الکتب الاسلامیة، طهران،1417.