الروایات فی قضیة استشهاد الامام (ع) متعددة منها ما تقول ان الامام ضرب خارج المسجد و على هذا یمکن القول انه (ع)سبق الحسنین (ع). و هناک طائفة من الروایات تؤکد انه ضرب فی اثناء الصلاة و هی التی نرجحها کما یاتی فی الجواب التفصیلی.
اما بالنسبة الى حضور الامامین الحسن و الحسین (ع)، نقول:
1. على فرض صحة الطائفة الاولى یکون الامام قد سبقهما الى المسجد فی تلک اللیلة. 2. و على فرض عدم صحتها و صحة الطائفة الثانیة بانه استشهد فی الصلاة (و هذا ما نرجحه)، فلا منافاة بینهما لان الطائفة الثانیة لم تقل استشهد فی الصلاة الواجبة تحدیداً. 3. أما على فرض کونه فی الصلاة الواجبة، نقول:
الف: لم یذکر لنا مستند قول الخطباء حتى تتم مناقشته مناقشة علمیة بالاضافة الى أن هناک من الخطباء من یروی انه قد جاء به (ع)الحسن و الحسین و استقبلتهم ام کلثوم نادبة اباها.
ب: ان الشیخ الطوسی یروی بصریح العبارة لما ضرب ابن ملجم أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب (ع)، و کان معه آخر فوقعت ضربته على الحائط، و أما ابن ملجم فضربه فوقعت الضربة و هو ساجد على رأسه على الضربة التی کانت، فخرج الحسن و الحسین (ع) و أخذا ابن ملجم و أوثقاه. و هذه الروایة تدل على وجودهما فی المسجد.
ج: ماذا یعنی جیء به الى الحسن و الحسین علیها السلام؟ فمن الواضح انهما کانا متزوجین و کان لکل منها بیته الخاص، فهل جیء به الى بیت الحسن أم الى بیت الحسین؟ ام الیهما معا؟ فمن الواضح ان هذه الفروض غیر صحیحة و ذلک.
1. اذا کانوا قد ذهبوا به الى بیت الامام الحسن (ع) فلابد ان یصرح بذلک، و هکذا اذا کانوا قد ذهبوا الى بیت الحسین (ع)، لا ان یقال ذهبوا به الیهما!
2. من الطبیعی و المتعارف فی مثل هذه الحوادث ان ینقل الرجل الى بیته هو و یجتمع ابناؤه حوله و هذا ما تؤیده الروایات الاخرى التی تقول باجتماع الشیعة حول بیت الامام.
من هنا یبقى احتمال اخیر و هو ان الامامین بعد ان وقعت الحادثة سبقا الناس فی الذهاب الى بیت ابیهما لیخبرا العائلة لتستعد کی لا تفاجئ، و بعد ذلک عاد اصحاب الامام الکبار امثال حجر بن عدی به (ع) الى داره و هذا امر طبیعی جداً.
فی قضیة استشهاد الامام (ع) توجد طائفتان من الروایات یظهر من طائفة منها انه ضرب قبل ان تنعقد صلاة الجماعة،و طائفة اخرى تقول أنه (ع) ضرب فی أثناء الصلاة.
اما الطائفة الاولى فقد جاءت الاشارة الیها فی بعض المصادر، منها ما جاء فی ارشاد المفید.[1]
و هناک طائفة اخرى[2] نقلها اکثر من مؤرخ و باحث اسلامی تشیر الى انه علیه استشهد اثناء الصلاة.
من هنا نرى من الضروری بیان ای من الطائفین هی الراجحة و التی تنسجم مع الواقع فنقول:
هناک قضیة من الضروری الالتفات الیها لترجیح القول بانه استشهد فی الصلاة، و هی أن الخوارج الثلاثة (ابن ملجم و صاحباه) قد خططوا للعملیة بان یغتالوا ثلاثة اشخاص فی لیلة واحدة هی لیلة التاسع عشر من رمضان... .
و نحن عندما نرجع الى الروایات التی تعرضت لذکر اغتیال معاویة و عمرو بن العاص نجد من بینها ما یلی:
1. قال البلاذری فی هذا الصدد: ضرب البرک معاویة و هو ساجد، فمذ ذاک جعل الحرس یقومون على رؤس الخلفاء فی الصلاة، و اتخذ معاویة (بعد ذلک) المقصورة.[3]
2. و قال ایضا: و أما عمرو بن بکیر- و یقال: بکر- فرصد عمرو بن العاص «فلم یخرج فی تلک اللیلة لعلة وجدها فی بطنه/ 432/ و صلی بالناس خارجة بن حذافة العدوی فشد علیه و هو یظنه عمرا فقتله.[4]
فاذا ضممنا الیها:
1- الروایات التی تؤکد بان امیر المؤمنین (ع)ضرب فی المحراب و هی کثیرة منها:
*ما رواه فی الحدیث (18) من الجزء الثالث من امالی الطوسی مسندا عن الإمام على بن الحسین قال: لما ضرب ابن ملجم امیر المؤمنین، کان معه آخر فوقعت ضربته على الحائط، و اما ابن ملجم فضربه فوقعت الضربة و هو ساجد، على الضربة التی کانت ...
*و قال فی الحدیث: (497) فی باب فضائل علی (ع) من کنز العمال: ج 15/ 170، ط 2 عن عبد الرازق فی امالیه (عن معمر) عن الزهری ان ابن ملجم طعن (کذا) علیا حین رفع راسه من الرکعة، فانصرف و قال: أتموا صلاتکم. و لم یقدم أحدا.
*و قال ابن عساکر- فی الحدیث (1397) من ترجمة امیر المؤمنین من تاریخ دمشق:
أخبرنا ابو القاسم إسماعیل بن احمد، أنبأنا احمد بن محمد بن احمد، أنبأنا عیسى بن علی، أنبأنا عبد الله بن محمد البغوی، أنبأنا احمد بن منصور، أنبأنا یحی بن بکیر المصری، اخبرنی اللیث بن سعد: ان عبد الرحمان بن *ملجم ضرب علیا فی صلاة الصبح على دهش بسیف کان سمه ...
*و قال فی الحدیث: (63) من فضائل امیر المؤمنین- من کتاب الفضائل لأحمد بن حنبل-:حدثنا عبد الله بن احمد، حدثنا احمد بن منصور، حدثنا یحی بن بکیر المصری حدثنی اللیث بن سعد: ان عبد الرحمان بن ملجم ضرب علیا فی صلاة الصبح على دهش بسیف کان سمه بالسم، و مات من یومه و دفن بالکوفة. هذا إن حملنا الصلاة علی الرکعات و السجدات و إن حملنا الصلاة علی وقت الصلاة فلا یدل علی المطلوب و الکلام فی الحدیث السابق نفس الکلام فی هذا الحدیث.
*و قال ابن أبی الدنیا- فی مقتل امیر المؤمنین- حدثنی أبی، عن هشام بن محمد، قال: حدثنی رجل من النخع، عن صالح بن میثم، عن عمران بن میثم، عن ابیه (قال:) إن علیا خرج فکبر فی الصلاة، ثم قرأ من سورة الأنبیاء احدى عشرة آیة، ثم ضربه ابن ملجم من الصف على قرنه ...
*و قال أیضا: حدثنی أبی، عن هشام بن محمد، قال: حدثنی عمر بن عبد الرحمان بن نفیع بن جعدة بن هبیرة (عن ابیه عن جده).انه لما ضرب ابن ملجم علیا (ع) و هو فی الصلاة، تأخر فدفع فی ظهر جعدة فصلى بالناس ...[5]
و هذه الروایات الکثیرة التی ذکرتها المصادر المهمة لدى الفریقین السنة و الشیعة تولد الاطمئنان الکبیر بان القضیة وقعت فی المحراب.
2. انه لا توجد عندنا روایات تنفی صراحة استشهاده (ع) فی المحراب بل غایة ما تقول انه اعترضه ابن ملجم او کمن له او ما شابه ذلک و هذا یعنی انها لاتعارض الروایات التی تقول استشهد (ع)فی محرابه.
3. فمن الواضح ان الاشقیاء الثلاثة قدد خططوا باحکام لتنفیذ ما یرومونه ومن الواضح ان انسب حالة هی تنفیذ العملیة فی اثناء الصلاة و ذلک لانه لو فرضنا ان الامام علیاً (ع) کان یخرج للصلاة من دون حرس و حمایة و حینئذ یسهل الغدر به، لکن ماذا نقول فی معاویة المعروف بالحذر و الاحتیاط لنفسه بل من المعروف عنه انه کان یتحرک حرکة القیاصرة والملوک، فکیف یخرج لوحده فی اللیل البهیم لیسهل على قاتله! و هکذا الامر بالنسبة الى عمرو بن العاص (لع) فانه هو الآخر کان یحتاط کثیرا على نفسه بل کان لا یبالی حتى لو انجر الامر الى کشف عورته بین الصفین من اجل الحفاظ على نفسه! فکیف یمکن تصوره خارجا لوحده لیلاً ! و هذا یکشف أن خطتهم کانت تتمثل فی تنفیذ العملیة أثناء الصلاة حتى تتوفر لها فرصة نجاح اکبر.
4. کان الامام أمیر المؤمنین من الشخصیات المعروفة بالشجاعة التی یحسب لها الف حساب فکیف غابت شجاعته عن ابن ملجم؟!!! لاشک انه خطط لقتله (ع) و هو مشغول بامر الصلاة و التضرع الى الله تعالى لتسهل علیه مهمته.
اضف الى ذلک انه (ع)کان معروفا بالحذر و شدة الانتباه و هذا ما یؤکده وحشی لعنه الله کما جاء ذلک فی المغازی-: قالوا: و کان وحشىّ عبدا لابنة الحارث بن عامر بن نوفل- و یقال کان لجبیر بن مطعم- فقالت ابنة الحارث: إنّ أبی قتل یوم بدر، فإن أنت قتلت أحد الثلاثة فأنت حرّ، إن قتلت محمّدا، أو حمزة بن عبد المطّلب، أو علىّ بن أبی طالب، فإنی لا أرى فی القوم کفؤا لأبی غیرهم. قال وحشیّ: أمّا رسول الله فقد علمت أنّی لا أقدر علیه، و أنّ أصحابه لن یسلموه. و أمّا حمزة فقلت: و الله لو وجدته نائما ما أیقظته من هیبته، و أمّا علیّ فقد کنت ألتمسه. قال: فبینا أنا فی الناس ألتمس علیّا إلى أن طلع علیّ، فطلع رجل حذر مرس، کثیر الالتفات. فقلت: ما هذا صاحبی الذی ألتمس .[6]
من هنا نحن نرى ان الروایات التی تقول ان الامام ضرب فی اثناء الصلاة هی الارجح.
اما بالنسبة الى حضور الامامین الحسن و الحسین؛ نقول:
1. على فرض صحة الطائفة الاولى و ان الامام استشهد فی طریقه الى المسجد، یکون الامام قد سبقهما الى المسجد فی تلک اللیلة.
2. على فرض عدم صحتها و صحة الطائفة الثانیة بانه استشهد فی الصلاة (و هذا ما نرجحه)، فلا منافاة بینهما لان الطائفة الثانیة لم تقل استشهد فی الصلاة الواجبة تحدیداً.
3. أما على فرض کونه فی الصلاة الواجبة، نقول:
الف: لم یذکر لنا مستند قول الخطباء حتى تتم مناقشته مناقشة علمیة بالاضافة الى أن هناک من الخطباء من یروی انه قد جاء به (ع)الحسن و الحسین و استقبلتهم ام کلثوم نادبة اباها.
ب: ان الشیخ الطوسی یروی بصریح العبارة لما ضرب ابن ملجم أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب (علیه السلام)، و کان معه آخر فوقعت ضربته على الحائط، و أما ابن ملجم فضربه فوقعت الضربة و هو ساجد على رأسه على الضربة التی کانت، فخرج الحسن و الحسین و أخذا ابن ملجم و أوثقاه.[7] و هذه الروایة تدل على وجودهما فی المسجد.
ج: ماذا یعنی جیء به الى الحسن و الحسین ؟ فمن الواضح انهما کانا متزوجین و کان لکل منها بیته الخاص، فهل جیء به الى بیت الحسن أم الى بیت الحسین ؟ أم الیهما معا؟ فمن الواضح أن هذه الفروض غیر صحیحة و ذلک.
1. اذا کانوا قد ذهبوا به الى بیت الامام الحسن (ع) فلابد ان یصرح بذلک، و هکذا اذا کانوا قد ذهبوا الى بیت الحسین (ع)، لا أن یقال ذهبوا به الیهما!
2. من الطبیعی و المتعارف فی مثل هذه الحوادث ان ینقل الرجل الى بیته هو و یجتمع ابناؤه حوله و هذا ما تؤیده الروایات الأخرى التی تقول باجتماع الشیعة حول بیت الامام.
من هنا یبقى احتمال أخیر و هو أن الامامین بعد أن وقعت الحادثة سبقا الناس فی الذهاب الى بیت ابیهما لیخبرا العائلة لتستعد کی لا تفاجئ، و بعد ذلک عاد اصحاب الامام الکبار أمثال حجر بن عدی به (ع) الى داره و هذا امر طبیعی جداً.
[1] المفید، الإرشاد فی معرفة حجج الله على العباد، ج1، ص 19 و 20، مؤتمر الشیخ المفید، قم، الطبعة الاولى، 1413 ق؛ا لطبرسی، إعلام الورى بأعلام الهدى، ص 2000 و 2001، ناشر اسلامیه، طهران، الطبعیة الثالثة 1390 ق.
[2] ستاتی الاشارة الیها فی مطاوی البحث.
[3]أنسابالأشراف،ج2،ص:490(چاپزکار،ج3،ص:251).
[4] نفس المصدر، ص491.
[5]اخذنا هذه الاحادیث من هامش انساب الاشراف ، ج2، ص 492،(چاپزکار،ج3،ص:254).
[6]انظر: المغازى،ج1،ص:285.
[7]الشیخ الطوسی، الأمالی، ص : 365.