عقوق الوالدین عبارة عن اغضاب الأب و الأم و أذاهما و کسر خواطرهما و بالطبع فان اذی واحد منهما یوجب العقوق ایضاً. و بعد دراسة آیات و روایات هذا الباب یمکننا ان نستنتج ان ملاک الحقوق الواجبة للوالدین هو تنفیذ طلباتهما الی الحد الذی لا یکون عدم تنفیذها مؤدیاً الی أذاهما و لا یکون طلبهما من الناحیة الفقهیة فعل حرام او ترک واجب.
عقوق الوالدین هو (اغضاب الأب و الأم واذاهما و کسر خاطرهما و بالطبع فان اذی واحد منهما یوجب العقوق ایضاً)[1] و مع ان جمیع الادیان و الثقافات قد وضعت احتراماً خاصاً للوالدین من قبل ابنائهما و لکن الاسلام قد اضاف لهذه الحقوق حقوقاً اخلاقیة کثیرة للوالدین، و وسع من دائرة هذه الحقوق بحیث اعتبر الحاق أدنی اذی او ضرر بهما تضییعاً لحقوقهما. و الی جانب ذلک فقد وضع بعض الحقوق الفقهیة ایضاً علی عهدة الولد و اوجب علیه العمل بها، و منها وجوب دفع النفقة من قبل الولد الی الوالدین المحتاجین.[2] و قد وردت عبارات قرآنیة عدیدة حول حق الوالدین، و منها قوله تعالی (وَ قَضى رَبُّکَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِیَّاهُ وَ بِالْوالِدَیْنِ إِحْساناً إِمَّا یَبْلُغَنَّ عِنْدَکَ الْکِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ کِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَ لا تَنْهَرْهُما وَ قُلْ لَهُما قَوْلاً کَریما)[3].
و کما یلاحظ فان الامر بالاحسان الی الوالدین قد ذکر الی جنب الایمان بالله و عدم الشرک به و نهی عن الاضرار بهما حتی باقل کلمة. و فی الروایات ایضاً فمع انها جعلت عقوق الوالدین من الذنوب الکبیرة [4] و لکنها - کالآیات القرآنیة- لم تجعل حداً لهذا الامر و لاجل تعظیم حق الوالدین فانها قد اشارت الی مجرد التسبب فی اذاهما.[5] إذن فاذی الوالدین و اغضابهما هو الملاک فی تعیین الحق الواجب للوالدین.[6] فاذا خالف الولد رأی أبویه فی بعض الموارد و أدت هذه المخالفة الی اذاهما، فانه یکون قد تسبب فی کونه عاقاً لهما. و لکن مخالفة رأی الوالدین لا تکون احیاناً بالدرجة التی تؤدی الی اذاهما، ففی مثل ذلک فان عدم عمل الولد طبقاً لرأیهما و ان لم یتسبب فی اذاهما و لکن الافضل له العمل برأیهما. نعم، هناک موارد مختلفة لا تعد شرعاً من موارد اطاعة الولد للوالدین، و یمکن الاشارة منها الی ما اذا أمر الوالدان ولدهما بامر مخالف للتعالیم و القوانین الالهیة و الاسلامیة، و طلبا منه اداء عمل مخالف للشرع. ففی هذه الموارد لا یجب العمل باوامرهما و لا یؤدی ذلک الی التسبب فی العقوق ایضاً.[7]
و بناءً علی هذا یمکننا ان نستنتج ان ملاک الحقوق الواجبة للوالدین هو العمل باوامرهما الی الحد الذی لا یؤدی عدم العمل الی اذاهما- من الناحیة الاخلاقیة- و ان لا یکون أمر الوالدین مشتملاً علی فعل حرام او ترک واجب من الناحیة الفقهیة. و بالطبع فان هناک أمور أخری حث الشرع علی مراعاة رأی الوالدین فیها و لکنه لم یوجبها. اذن فللتعرف علی کل من تلک الموارد بشکل خاص یتبع رأی مرجع التقلید فی ذلک المورد.
[1]المحدث القمی، الشیخ عباس، نزهة النواظر فی ترجمة معدن الجواهر، ص128، المنشورات الاسلامیة، طهران، الطبعة الاولی.
[2]و للاطلاع أکثر، راجع السؤال: 9970(الموقع: 9937) (وجوب نفقة الاب علی الابن) فی نفس هذا الموقع.
[3]الاسراء: 23
[4]عَنْ عُبَیْدِ بْنِ زُرَارَةَ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (ع): عَنِ الْکَبَائِرِ؟ فَقَالَ: هُنَّ فِی کِتَابِ عَلِیٍّ (ع) سَبْعٌ الْکُفْرُ بِاللَّهِ وَ قَتْلُ النَّفْسِ وَ عُقُوقُ الْوَالِدَیْنِ وَ أَکْلُ الرِّبَا بَعْدَ الْبَیِّنَةِ وَ أَکْلُ مَالِ الْیَتِیمِ ظُلْماً وَ الْفِرَارُ مِنَ الزَّحْفِ وَ التَّعَرُّبُ بَعْدَ الْهِجْرَة) لاحظ: العاملی، محمد بن الحسن، وسائل الشیعة،ابواب جهاد النفس، منشورات الناس،طهران، 1364ش.
[5]عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ (ع) قَالَ: لَوْ عَلِمَ اللَّهُ شَیْئاً أَدْنَى مِنْ أُفٍّ لَنَهَى عَنْهُ وَ هُوَ مِنَ الْعُقُوقِ وَ هُوَ أَدْنَى الْعُقُوقِ وَ مِنَ الْعُقُوقِ أَنْ یَنْظُرَ الرَّجُلُ إِلَى أَبَوَیْهِ یُحِدُّ النَّظَرَ إِلَیْهِمَا. لاحظ: الکلینی، محمد بن یعقوب؛ الکافی،
[6] -وقد اشارت بعض الاستفتاءات فی هذا المورد الی هذا الامر ایضاً. و کنموذج علی ذلک فقد ورد سؤال یقول:( ماهو معنی عقوق الوالدین؟ وما هی شروط تحققه؟ وما هی آثاره؟
وکان الجواب: کل عمل یؤدی الی اذی الوالدین وضررهما فهو بمعنی عقوق الوالدین، الا فی الموارد التی یکون فیها تکلیف واجب او حرام و یأمر الوالدان ولدهما بمخالفته. لاحظ: الاستفتاءات الحدیثة (آیة الله مکارم الشیرازی) ج3 ص559.
اذا امرت الام ابنها بتطلیق زوجته و الا فهو عاق وحرام علیه لبنها الذی شربه؟
باسمه تعالی: لا یجب اطاعة الام فی هذه الامور. لاحظ: صراط النجاة (آیة الله التبریزی) ج6 ص257.