المادحون صنفان، صنف ینطلق من قناعة حقیقیة و نیّة خالصة لا یرومون شیئا من وراء مدحهم، فلا شک ان هؤلاء یستحقون الاحترام و مقابلتهم بوجه طلق، لکن ینبغی الطلب منهم - و باسلوب امثل- اجتناب الثناء و المدح و الاستعاضة عنه بالدعاء بحسن العاقبة، اضافة الى الحذر من الاثار السلبیة للمدح و الثناء و تطهیر النفس من العجب و الخیلاء و....، و اما الصنف الثانی فیتمثل فی المتملقین و النفعیین. فهؤلاء لابد من مواجهتم بعدة طرق منها منعهم من التملق الزائف و الظهور أمامهم بمظهر غیر المکترث بمدحهم و ثنائهم. فان لم ینفع معهم ذلک، ننتقل الى اسلوب اکثر حدّة معهم و کما قال النبی الاکرم (ص) " احْثُوا فِی وُجُوهِ الْمَدَّاحِینَ التُّرَاب".
ما تؤکد علیه الکتب الاخلاقیة و الارشادات و مواعظ المعصومین (ع) هو الحذر من ان یصاب الانسان بالعجب بسبب ما یکال له من ثناء و مدیح، بحیث یصل الى حالة یتصور فیها أنه افضل من الناس و بالنحو الذی یخرجه عن مسیر العبودیة لله تعالى.
و من کلمات الرسول الاکرم (ص) التی اوصى بها أمیر المؤمنین (ع) أنه قال: "یا علی إذا أثنی علیک فی وجهک فقل اللهم اجعلنی خیرا مما یظنون و اغفر لی ما لا یعلمون و لا تؤاخذنی بما یقولون".[1]
و من هنا ننطلق لبیان الموقف من المادحین و المثنین علینا، و ما هو الموقف منهم؟
و من الضروری تصنیف المادحین و المثنین الى صنفین، و لکل صنف موقف خاصة یواجه به:
الصنف الاوّل الذین ینطلقون فی مدحهم و ثنائهم من قناعة حقیقیة و نیّة خالصة لا یرومون من وراء ذلک تملقا او التقرب من الشخص للحظوة عنده و نیل المکاسب المادیة او المعنویة منه. فلا شک ان هؤلاء یستحقون الاحترام و مقابلتهم بوجه طلق، لکن ینبغی الطلب منهم - و باسلوب امثل- اجتناب الثناء و المدح و الاستعاضة عنه بالدعاء للشخص الممدوح بحسن العاقبة، اضافة الى ذلک على الانسان الممدوح ان یتذکر نقاط الضعف و الخلل عنده لاجل صیانة النفس من الاثار السلبیة للمدح و الثناء و تطهیر النفس من العجب و الخیلاء و....
اما الصنف الثانی، فیتمثل فی المتملقین و النفعیین بل قد یکونوا من الکاذبین أیضا، الساعین وراء تحقیق مآرب و منافع دنیویة، و النفخ فی شخصیة الممدوح للقضاء على القیم المعنویة و الاخلاص القلبی الذی یتحلى به. فهؤلاء لابد من مواجهتم بعدة طرق منها منعهم من التملق الزائف و الظهور أمامهم بمظهر غیر المکترث بمدحهم و ثنائهم لیعرفوا مدى دناءة هذا الاسلوب و خسته. فان لم ینفع معهم ذلک، ننتقل معهم الى اسلوب اکثر حدّة و بحسب تعبیر النبی الاکرم (ص) " احْثُوا فِی وُجُوهِ الْمَدَّاحِینَ التُّرَاب".[2]
یحدثنا التأریخ و کتب الحدیث أن أمیر المؤمنین (ع) مدحهُ قومٌ فی وجهه، فقال: اللَّهُمَّ إِنَّکَ أَعْلَمُ بِی مِنْ نَفْسِی وَ أَنَا أَعْلَمُ بِنَفْسِی مِنْهُمْ اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا خَیْراً مِمَّا یَظُنُّونَ وَ اغْفِرْ لَنَا مَا لا یَعْلَمُون.[3]