من المسلّم به أن الانسان اذا احتاج الى شیء ما فی حیاته یجب علیه اختیار الطرق الشرعیة و الصحیحة لتأمین ذلک الشیء مع بذل ما بوسعه لتحصیل الرزق الحلال.
و مع ذلک نرى الکتب الروائیة تشتمل على روایات یشیر فیها الرسول الاکرم (ص) و الائمة الاطهار (ع) الى أیام الاسبوع و ما ینبغی فعله فی کل من تلک الایام بالاضافة الى اعتبار أیام السبت و الخمیس و أول الشهر أیاما مناسبة للسعی فی طلب الحوائج و أن لها الکثیر من البرکات.
أما الایام الاخرى من الاسبوع فحتى لو ورد التحذیر منها لکن الروایات الاخرى ارشدتنا الى طریق آخر للعمل فیها یتمثل فی التخلص من الآثار السلبیة عن طریق التصدق قبل العمل. و على کل حال لا ینبغی للانسان المؤمن أن یعطل الحیاة و یعیش حالة الخشیة غیر المبررة من المستقبل، بل یتوکل على الله تعالى و یستعین به فی طلب الرزق الوافر الحلال الذی اعتبر فی بعض الجهاد مقدما فی الثواب على الجهاد فی سبیل الله.
قبل البدء بعرض الروایات التی تخص هذه القضیة نرى من الضروری الاشارة الى بعض الامور المهمة فی مجال العمل و المثابرة و السعی للموفقیة و النجاح فی الحیاة:
اولا: ترشدنا التعالیم الى أن تأمین الحیاة الرغیدة و السعیدة یتوقف على سعی الانسان انطلاقا من الطرق الصحیحة و اعتمادا على التشریعات الاسلامیة لیتسنى للانسان مد ید العون و تلبیة حاجات المقربین منه و الاصدقاء و السعی لکسب المال الحلال الذی عد بمثابة الجهاد فی سبیل الله تعالى.[1]
ثانیا: لیؤمن الانسان متطلبات الحیاة اللازمة له و للمقربین منه بصورة افضل و أیسر علیه الرجوع الى ارشادات الائمة (ع) فی هذا المجال و توصیاتهم المعنویة و التی تجعل للبعد الغیبی دوراً کبیرا فی هذه القضیة الى جانب عامل الجد و المثابرة و السعی المادی، و أن للبعد المعنوی آثاره الکبیرة و المبارکة فی الحیاة.
الثالث: احدى العوامل المساعدة فی هذا المجال و التی لها آثارها المبارکة هی البدء بالعمل فی الایام السعیدة و الحسنة، و هذه حقیقة غیر قابلة للانکار و قد تعرضت لها بعض الروایات، و قد نقل العلامة المجلسی فی موسوعة بحار الانوار فی قسم "کتاب السماء و العالم"[2] و غیره من المحدثین، الکثیرَ من الروایات فی هذا المجال.
و من حسن الحظ یوجد الکثیر من الروایات التی تعرضت للاجابة عن السؤال المطروح، نشیر الى نماذج منها:
الف: روی عن رسول الله (ص) انه قال: " وَ یَوْمُ الْخَمِیسِ یَوْمٌ مُبَارَکٌ بُورِکَ لِأُمَّتِی فِی بُکُورِهَا فِیهِ".[3] و من هنا نرى الکثیر من الروایات تؤکد على کون یوم الخمیس من الایام المبارکة فی طلب الحوائج و السعی و المثابرة.
ب: روی عن الامام الصادق (ع) فی هذا المجال عدد من الروایات، منها:
1. أنه قال: الیوم الأول من الشهر خُلِقَ فِیهِ آدَمُ وَ هُوَ یَوْمٌ مُبَارَکٌ لِطَلَبِ الْحَوَائِجِ وَ لِلدُّخُولِ عَلَى السُّلْطَانِ وَ طَلَبِ الْعِلْمِ وَ التَّزْوِیجِ وَ السَّفَرِ وَ الْبَیْعِ وَ الشِّرَاءِ وَ اتِّخَاذِ الْمَاشِیَةِ...[4]
2. "مَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ إِذَا أَصْبَحَ دَفَعَ اللَّهُ عَنْهُ نَحْسَ ذَلِکَ الْیَوْمِ" [5]
3. " سَافِرْ أَیَّ یَوْمٍ شِئْتَ وَ تَصَدَّقْ بِصَدَقَةٍ".[6]
و على هذا الاساس حتى لو فرض کون أحد الایام نحسا فهناک سبل أخرى للتخلص من نحوسته و من تلک السبل التصدق قبل البدء بالعمل فی ذلک الیوم. و من هنا یجدر بالانسان أن یبدء عمله بالصدقة.
4. " یُکْرَهُ السَّفَرُ وَ السَّعْیُ فِی الْحَوَائِجِ یَوْمَ الْجُمُعَةِ بُکْرَةً مِنْ أَجْلِ الصَّلَاةِ فَأَمَّا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَجَائِزٌ یُتَبَرَّکُ بِهِ".[7]
5. " لَا تَخْرُجْ فِی یَوْمِ الْجُمُعَةِ فِی حَاجَةٍ فَإِذَا کَانَ یَوْمُ السَّبْتِ وَ طَلَعَتِ الشَّمْسُ فَاخْرُجْ فِی حَاجَتِکَ".[8]
تحصل: أنه یفهم من مجموع الروایات أن الافضل للانسان أن یشرع فی اعماله الشخصیة أو ینجزها فی تلک الایام التی ارشد الائمة (ع) الیها لیرى آثارها الایجابیة، و اجتناب العمل فی الاوقات التی حذرت منها الروایات للتخلص من آثارها السلبیة و المخاطر الجسدیة و الروحیة، الا اعماله الیومیة فیتوکل على الله و ینجزها بعد التصدق بما یستطیع.
[1]روی عن الامام الصادق (ع) أنه قال: " َ الْکَادُّ عَلَى عِیَالِهِ کَالْمُجَاهِدِ فِی سَبِیلِ اللَّهِ". الکلینی، محمد بن یعقوب، الکافی، ج 5، ص 88، بَابُ مَنْ کَدَّ عَلَى عِیَالِهِ، دارالکتب الاسلامیة، طهران، 1365ش.
[2] المجلسی، محمد باقر، بحارالانوار، ج 56، مؤسسة الوفاء، بیروت، 1404ق.
[3]نفس المصدر، ج56، ص19.
[4]نفس المصدر، ص56، الحدیث 8.
[5]نفس المصدر، ص31.
[6]نفس المصدر، ج73، ص226.
[7]المصدر، ج56، ص33.
[8]نفس المصدر، ص34.