المهدویة النوعیة هي عقیدة بعض الاشخاص القائلین بعدم وجود شخص خاص باسم (الامام المهدي)، و یعتبرون ان قضیة المهدویة هي مقام یجعل في کل عصر لانسان کامل، و یمکن لاي شخص ان یکون هو ذلک الانسان. و في قبال ذلک مصطلح (المهدویة الشخصیة) بمعنی ان المهدي الموعود هو شخص محدد معین (و هو الامام الثاني عشر) و لیس لاي شخص آخر من الناس مثل هذا المقام.
و الملاحظة المهمة في هذا المجال هي ان کثیراً من العرفاء الذین استدل باقوالهم علی انهم قائلون (بالمهدویة النوعیة)، کانوا في الوقت ذاته یعتقدون بمهدویة الامام الثاني عشر أیضاً. و لتفصیل هذه المسألة و توضیحها یراجع الجواب التفصیلي.
الاقوال حول المهدویة النوعیة و الشخصیة:
المهدویة النوعیة هي عقیدة بعض الاشخاص القائلین بعدم وجود شخص باسم (الامام المهدي) و هم مع انکارهم شخص الامام الثاني باعتباره (المهدي الموعود) فانهم یعتبرون ان قضیة المهدویة هي مقام یجعل في کل عصر لانسان کامل و یمکن لاي شخص أن یکون هو ذلک الانسان.
و في قبال ذلک فان اصطلاح (المهدویة الشخصیة) یشمل النظریة التي تری أن المهدي الموعود هو شخص خاص و هو الامام الثاني عشر في عقیدة الشیعة و لیس لأي شخص آخر من الناس مثل هذا المقام. و النظریة الاولی طرحت کعقیدة لبعض الصوفیة من أهل السنة.
و لکن الذي ینبغي التأکید علیه هو أنه یجب تتبع کلمات مثل هؤلاء الافراد حیث ربما اعترفوا في مواضع أخری بالمهدویة الشخصیة ایضاً و في ضوء ذلک فانه یستحصل نظریة ثالثة و هي في الواقع ما یذهب الیه کثیرمن العرفاء (و منهم المولوي و..) و هي الاعتقاد بالمهدویة الشخصیة للامام الثاني عشر باعتباره الامام المطلق مع القبول- في الوقت ذاته- بالمهدویة النوعیة بمعنی ان العرفاء الکاملین ایضاً یعتبر کل منهم بالتبع مهدیاً و هادیاً و إماماً حیاً.
و یمکن الاشارة هنا الی نظریة رابعة في المقام و هي تختلف صوریاً فقط عن النظریة الثالثة، و هي القول بالمهدویة الشخصیة مع الاقرار بانه في کل عصر عرفاء کاملون یعتبرون مرآة للمهدي المطلق و الامام الثاني عشر و ان لم یطلق علیهم اسم المهدي او الامام المهدي الحي. و افتراق هذا القول عن النظریة السابقة التي یتبناها افراد مثل (المولوي) هو فقط في اطلاق اسم (المهدي) او (الامام) علی العرفاء الکاملین الواصلین، و لیس هناک اختلاف عملي بینهما في المضمون الاساسي للمسألة غیر الاختلاف في المصطلحات و الالفاظ، و یمکن الحصول علی هذه النظریة من کلمات کثیر من اعلام الشیعة.
المهدویة بالمعنی العام في الروایات:
یمکن الحصول علی روایات کثیرة استعمل فیها المهدي بالمعنی العام، منها أن الخواص من اصحاب الائمة اطلق علیهم اسم (المهدیین)[1] و اعتبرت روایات اخری المهدي عنواناً مشککاً: (المهدي من هدیت)[2] أي أن کل من شملته الهدایة الالهیة في أي درجة من درجاتها یمکن اطلاق اسم المهدي علیه.
و هناک ایضاً روایات اشیر فیها الی وجود مهدیین آخرین غیر الامام الثاني عشر، و نشیر فیما یلي الی بعضها:
- (عن أَبي بصيرٍ قال: قلت للصَّادقِ (ع): يا ابن رسول اللَّه سمِعْتُ من أَبيك أَنَّهُ قال: يكونُ بعد الْقائم (ع) اثنا عشر إِماماً؟ فقال: قد قال: اثنا عشر مهديّاً و لم يقل اثنا عشر إِماماً و لكنَّهُمْ قَومٌ من شيعتِنَا يدعُونَ النَّاسَ إِلَى مُوَالاتنا و معرفَة حقِّنَا)[3].
- ورد في روایة أخری عن النبي (ص) هکذا: ( فَأَملى رسول اللَّه (ص) وصِيَّتَهُ حتَّى انْتَهَى إِلَى هذا الموضع فقال: يا عليُّ إِنَّهُ سيكونُ بعدي اثنا عشر إِماماً و من بعدهُمْ اثنا عشر مهدِيّاً فأَنت يا عليُّ أَوَّلُ الاثْنَي عشر الإِمام[4]).
و بناءً علی هذا فانه یمکن القول أن اطلاق المهدي علی باقي الائمة و علی الخواص من الشیعة ایضاً، له جذور في الروایات الشیعیة ایضاً.
مناقشة القائلین بالمهدویة النوعیة:
کما تقدم فان الکثیر من الاشخاص الذین استدل باقوالهم علی ( المهدویة النوعیة) کانوا یعتقدون في الوقت ذاته بمهدویة الامام الثاني عشر ایضاً، و علی خلاف ما یتصور فانهم لم یبدعوا المهدویة النوعیة في قبال المهدویة الشخصیة، و منهم المولوي الذي کثر الاستدلال بکلماته علی نظریة المهدویة النوعیة، فانه في کتاب (المثنوي) یقول بالمهدویة النوعیة بمعنی ان الامام الحي او العارف الکامل موجود في کل عصر و انه یمکن ان یکون من مختلف الاصول و القومیات، و لکنه من جانب آخر یعرف الامام الثاني عشر بعد ذکره لاسماء الائمة بانه هو المهدي الموعود و ذلک في مواضع متعددة من (دیوان شمس). و یمکن ذکر مثل ذلک في آثار ابن عربي ایضاً.[5]
و قد ذکرت مثل هذه المسألة المطروحة من قبل العرفاء في مبحث المهدویة في العرفان، في مورد الامامة او الولایة الخاصة و العامة ایضاً. و نحن نعلم انه لا یمکن ایقاع التضاد بین هذین القولین (العرفان النظري للولایة او الامامة الخاصة و العامة)، و اعتبار القائلین بالولایة العامة منکرین للامامة الخاصة او العکس، بل نحن نری ان القول بالولایة العامة و کذلک المهدویة العامة لیس انکاراً للولایة الخاصة و المهدویة الشخصیة، و لیس ذلک فحسب، بل هو مؤید لها ومعین علی فهم المعارف المرتبطة بها.
[1] (السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا شِيعَةَ اللَّهِ وَ شِيعَةَ رَسُولِهِ وَ شِيعَةَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا طَاهِرُونَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا مَهْدِيُّونَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا أَبْرَار) المجلسي، بحار الانوار، ج98، ص330، مؤسسة الوفاء، بيروت.
[2] الکليني، الکافي، ج3،ص310، دار الکتب الاسلامية.
[3] بحار الانوار، ج53،ص115،وج53، ص145، مؤسسة الوفاء، بيروت،. و کمال الدين، ج2، ص358، دار الکتب الاسلامية.
[4] بحار الانوار، ج36، ص269، وج53، ص147، و الصراط المستقيم، ج2، ص152، و غيبة الطوسي، ص150.
[5] منها ما ذکره في الفتوخات المکية:(ان اسعد الناس بالمهدي أهل الکوفة)، ابن عربي، محي الدين، الفتوحات المکية، (4ج)، ج2، ص443، دار صادر، بيروت، و کلامه هذا يدل علی المهدوية الشخصية.