ان الاستمناء لا یلّبی حاجة الانسان بصورة حقیقة فهو إشباع کاذب أی ان حاجة الشهوة الانسانیة لا تقتضی بمجرد خروج المنی بل یجب ان یکون ذلک مقترناً بالحب و العاطفة و الانس، و لذا فان الذین یمارسون هذا العمل یشعرون فی داخل ذواتهم بالنقص و ربما استتبع ذلک أمراضاً جسمیة و روحیة، و لکن الزواج حیث انه إشباع طبیعی و واقعی للشهوة فان له آثاراً مفیدة و منافعً کثیرة.
و علی فرض أننا زعمنا أنهما شیئان متماثلان و لیس بینهما فرق ما هوی، لکن هذا لا یکون دلیلاً علی أن ماهیتهما هی فی الواقع شیء واحد. فان العلوم التجربیة و المعرفة البشریة و بالرغم من التطور الکبیر فیها، لم تصل الی تلک الدرجة من المعرفة بحیث یکون لها اطلاع کامل علی جمیع المصالح و المفاسد او الفوائد و الأضرار لمثل هذه الامور، و ان الله الذی خلق الانسان و هو مطلع تماماً علی جمیع خصوصیاته و حالاته فانه علی أساس هذه الخصائص جعل عملاً ما – بالرغم فی عدم اختلافه مع عمل آخر – حلالاً و واجباً و جعل الآخر حراماً و ممنوعاً.
من المسلم فقهیاً ان الاستمناء ذنب و حرام[1]. و للذنب أضرار لا یمکن تدراکها بسهولة، و لولا الاضرار التی تسبب للانسان من ناحیة الذنب لم یعتبر ذلک العمل ذنباً فی الشرع الاسلامی المقدس و لم یکن حراماً. رغم انه من الممکن ان لا یکون للبشر فی مرحلة من المراحل العلم الکافی بجمیع الآثار التخریبیة للذنب أو انه یعتمد علی علمه الناقص و یظن أنه صار عالماً بجمیع المجهولات.
اما ان الاستمناء ذنب و حرام فقد دلّت روایات متعددة علی ذلک: قال رسول الله (ص): "ألا لعنة الله و الملائکة و الناس أجمعین علی ... و ناکح یده"[2].
و یقول الامام الصادق (ع) أیضاً فی هذا الصدد: ثلاثة لا یکلمهم الله یوم القیامة ولا ینظر إلیهم و لا یزکیهم و لهم عذاب ألیم، الناتف شیبه و الناکح نفسه و المنکوح فی دبره".[3]
و سئل الامام الصادق (ع) أیضاً عن حکم الاستمناء فقال (ع): "إثم عظیم قد نهی الله تعالی عنه فی کتابه و فاعله کناکح نفسه و لو علمت بمن یفعله ما أکلت معه. فقال السائل: فبیّن لی یابن رسول الله (ص) من کتاب الله نهیه؟ فقال: قول الله (فمن ابتغی و راء ذلک فاولئک هم العادون)[4] و هو مما وراء ذلک. فَقَالَ الرَّجُلُ أَیُّمَا أَکْبَرُ الزِّنَا أَوْ هِیَ فَقَالَ هُوَ ذَنْبٌ عَظِیم".[5]
وسئل الامام الصادق (ع) عن الخضخضة (الاستمناء) فقال: "ی من الفواحش"[6] و أما کون الذنب ذا اضرار مهمة لا یمکن تدراکها بسهولة فیجب الالتفات الی بعض الامور منها:
أولاً: ان الذنوب تنحدر من الأعضاء و الجوارح الی القلب، فالذنب یوجب خللاًً فی القلب یقول القرآن الکریم: (کلا بل ران علی قلوبهم ما کانوا یکسبون) و کلمة (ران) فی الآیة المذکورة هی بمعنی الصدأ، و ان أسوأ، أثر للذنب هو أن یجعل القلب مظلماً و أن یذهب بنور العلم و حس التشخیص[7].
یقول أمیر المؤمنین علی (ع): "لا وجع أو جع للقلوب من الذنوب"[8].
ثانیاً: یعدّ مرض القلب أهم الامراض؛ لانه لیس هناک بعد من أبعاد وجود الانسان یوازی قیمة و فعالیة و حساسیة و لطافة القلب. و یعبر عن هذا المرض بتعابیر مختلفة: القب المریض، قساوة القلب، انحراف القلب، صدأ القلب، عمی القلب، الختم علی القلب، قفل القلب، و أخیراً أو هو الأهم من الجمیع: موت القلب؛ انه حین ینکفئ الاناء فلا یمکن ان یجعل فی داخله أی شی، و القلب أیضاً ینقلب بسبب الذنب بحیث لا یستقر فیه العلم و الحقیقة.
اما حول الفرق واقعاً بین الزواج و الاستمناء فینبغی القول: ان من القوی المخفیة فی وجود الانسان هی الشهوة الجنسیة فیجب تلبیتها و ارضاؤها بالشکل الصحیح، و الطریق القویم لذلک هو الزواج الذی هو إشباع طبیعی و واقعی لالحاح الشهوة، و لذلک تکون له آثار مفیدة و فوائد کثیرة.
و الزواج وسیلة للاطمئنان و السکون و إیجاد الودّ و العطف بین الرجل و المرأة[9]. إضافة الی أن الغریزة الجنسیة حین تشبع بالزواج، و تتزن روح الشاب المضطربة، فانه سوف یتمکن من إدراک حقائق الحیاة بشکل أفضل.
أما الاستمناء فلکونه علی خلاف الطبیعة فانه لا یشبع حاجة الانسان بصورة حقیقة فهو إشباع کاذب و ذلک لان الحاجة الشهویة لا تشبع بمجرد خروج المنی بل یجب أن یکون مقترناً بالعشق و العاطفة و الانس و المحبة، و لذلک فان الذین یمارسون هذا العمل یشعرون فی داخل ذواتهم بالنقص، و ربما استتبع ذلک أمراضاً جسمیة و روحیة.
و نذکر هنا بعض الموارد من أضرار هذا العمل غیر الأخلاقی:
الف) الاضرار الجسمیة:
یعتقد بعض الأطباء أن من الأضرار الجسمیة للاستمناء أنه یؤدی إلی زیادة إشارة الهیبوتالاموس و الذی یؤدی الی الإفراط فی إثارة الغدد الجنسیة مما یسبب زیادة عملها و عدم تناسبها، و من عوارض ذلک تضخم غدد العضلات التناسلیة و الخروج غیر الإرادی للمنی بأدنی ملامسة، و سرعة الإنزال، و الأمراض الجنسیة و العقم.
و کذلک قد عدّ من اضرار الاستمناء: 1. ضعف البصر 2. نحافة الوجه 3. ضعف الأعصاب 4. ارتخاء البدن 5. الصداع و الدوار 6. الاصابة بالزکام سریعاً. 7. فقر الدم. 8. وهن الرکبة 9. اسوداد ما حول العین. 10. اصفرار الوجه. 11. ضعف السمع و اختلاله. 12. انتشار الدمامل فی الوجه. 13. اضطراب النوم. 14. روح الإضرار بالغیر او الاضرار بالنفس فی الحالات الشدیدة.
ب) الأضرار الروحیة:
1. ضعف الحافظة و الشرود الذهنی و عدم القدرة علی التمرکز الفکری.
2. الاضطراب و القلق و هی من الصفات التی لا تفارق المستمنی. فتراه فی صراع دائم مع نفسه و لا یمکنه التصالح مع ذاته، و أفکاره مضطربة دوماً و یعیش حالة الوسواس و التردد.
3. الکآبة: من العلامات البارزة: الکآبة و الّامبالاة و الخمول و فقدان الشهیة و الوهن و الانزواء و الشعور بالغم و الحزن و عدم الاهتمام بالامور الفنیة و الریاضیة و الامور المعنویة و ...
4. المشاکسته وسوء الأخلاق: ان شخص المستمنی یتحسس بأقل المؤثرات البییة فلا یتحمل الحوار مع الآخرین، سریع الانفعال و التأثر، و هو حساس جداً من شدة النور و الصوت و الذهاب و الایاب و ...
5. الیأس من الحیاة
6. انعدام الخلاقیة و القدرة و ضمور الاستعدادات.
7. انعدام الرغبة فی الدراسة و المطالعة و التحقیقات العلمیة و الفعالیات الفکریة.
8. صیرورته إنساناً شهویاً متهتکاً و مدمناً للإشباع الجنسی غیر المشروع.
9. فقدان العاطفة و الخجل.
10. عدم الثقة بالنفس، و الشعور بالحقارة و ضعف الارادة.
11. فقدان صفاء القلب و عدم المیل للامور المعنویة و مجالس الدعاء والجماعات و ...
12. الشعور بالذنب و عذاب الضمیر.
ج) الأضرار الاجتماعی:
یخلق الاستمناء شعوراً بالفرار من المجتمع، و علی أثر الإفراط و التکرار سوف یتجذّر هذا الشعور، فینزوی الشخص فی زاویة و یغور فی أفکار بعیدة. فان الالتفات الی اللذات الشخصیة یسبب ضعف العلاقات الاجتماعیة و یهدد الحیاة الاجتماعیة[10].
و حول هذه الأضرار (الجسمیة و الروحیة و الاجتماعیة) یجب أن نذکر أیضاً بأن العلوم التجربیة و المعرفة البشریة علی رغم جمیع التطور الحاصل فیها فانها لم تبلیغ الی الدرجة التی تمکنها من الإحاطة بجمیع المصالح و المفاسد أو الفوائد و الأضرار المرتبطة بأضرار مثل هذه الامور. و ان ما ذکره بعض الاطباء هو فی الواقع آثار احتمالیة حیث یمکن القول انها تظهر فی حالة الإدمان الشدید لهذا العمل، و یبدو أن السبب فی أنهم ذکروا هذه الآثار فی مورد الاستمناء و لم یذکروها فی الزواج، ان الاستمناء هو علی خلاف الطبیعة و هو یؤدی الی فقدان الشخص لقدرة السیطرة و التسلط علی نفسه فیبتلی بالإدمان الشدید، و لکن الزواج هو علی أساس الطبیعة و هو یجعل الفرد متزناً، و فی النتیجة فسوق تزداد قدرته و یزداد سیطرته و تسلطه علی نفسه.
[1] توضیح المسائل للمراجع، ج 2، ص 835.
[2] میزان الحکمة، ح 18748.
[3] میزان الحکمة، ح 18749.
[4] المؤمنون، 7.
[5] وسائل الشیعة،ج 28، ص 364.
[6] وسائل الشیعة، ج 14، ص 267.
[7] تفسیر المیزان، آیة 14 مطففین.
[8] بحار الانوار، ج 73، ص 342.
[9] "و من آیاته ان خلق لکم من انفسکم ازواجا لتسکنوا الیها و جعل بینکم موده و رحمة ان فی ذلک لآیات لقوم یتفکرون"، الروم، 21.
[10] للاطلاع اکثر حول اضرار الاستمناء لا حظ مقالة، آثار الاستمناء و مواجهتها، باب الاجوبة عن المسائل الدینیة، قسم التربیة بالاشتراک مع الدکتور حسن قدوسی زاده و حجة الاسلام شاکرین، المقالة 9/12/85.