الاصرار على الذنب یستعمل فی معنیین:
1- تکرار الذنب.
2- عدم التوبة من الذنب بعد ارتکابه و عدم الاستغفار منه.
ثم إن للاصرار على الذنب تبعات و آثاراً ثقیلة و صعبة جداً. و لقد أکدت الآیات و الروایات على مذمومیته و قبحه، بل فی بعض المصادر أشیر الى الآثار الخطیرة المترتبة على ذلک منها: تحویل الذنوب الصغائر الى کبائر، الخروج من دائرة التقوى، الشقاء، عدم قبول الاعمال، جرّ الانسان الى حافة الکفر و الالحاد و ... کذلک من آثار تکرار الذنب و الاصرار علیه تشدید العقوبة و المجازات الدنیویة منها و الاخرویة فعلى سبیل المثال من ارتکب کبیرة و اقیم علیه الحد مرتین یقتل فی الثالثة.
فی البدء لابد من تحدید الضابطة للاصرار على الذنب و بیان المراد منه.
ان الاصرار على الذنب یستعمل فی معنیین:
1- تکرار الذنب، ان القدر المتیقن و المسلّم لمعنى الاصرار هو تکرار الذنب بلا اقتران بالندم، و بنحو یرى العرف أن ذلک مداومة على الذنب، و من الواضح أن المصر على الذنب لایشعر بالندم على ما اقترفه من ذنب.
2- ارتکاب الذنب و لو لمرة واحدة و لکن بلا قصد التوبة و التصمیم على الانابة و الاستغفار، فقد روی عن أَبی جعفر (ع) فی قَول اللَّه عَزَّ و جلَّ "و لَمْ یُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَ هُمْ یَعْلَمُونَ" قَال: "الإِصرار هو أَنْ یذنب الذنبَ فَلا یستغفر اللَّهَ و لا یحدِّثَ نفسَهُ بِتوبة فذلکَ الإِصرارُ".[1] و روی عن النبی الاکرم (ص) انه قال: «ما أصر من استغفر و إن عاد فی الیوم سبعین مرة».[2]
من هنا یعلم ان الاصرار على الذنب انما یصح عندما لایقترن بالتوبة و الاستغفار و الانابة.
آثار الاصرار على الذنب
لقد ذمت الآیات و الروایات المصر على ذنبة و اشیر فی بعضها الى الآثار المترتبة على ذلک، و هی:
1- تحویل الصغائر الى کبائر:
فقد روی انه: "لا صغیرة مع الاصرار و لاکبیرة مع الاستغفار".[3] یعنی ان المصر على ذنبه و ان کان ذنبه صغیرا الا ان اصراره یحوله الى کبیرة، و العکس صحیح ای من ارتکب الکبیرة و استغفر و أناب و تاب الى الله یتوب الله علیه و یمحو ذنبه.
2- الخروج من دائرة التقوى: قال تعالى فی بیان صفات المتقین: "وَ الَّذِینَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ ذَکَرُواْ اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَ مَن یَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا اللَّهُ وَ لَمْ یُصرُِّواْ عَلىَ مَا فَعَلُواْ وَ هُمْ یَعْلَمُون".[4]
3. عدم قبول الاعمال: روی عن الامام الصادق (ع) انه قال: "لا و اللهِ لا یقبلُ اللَّهُ شیئاً مِنْ طاعته على الإِصرار على شیءٍ مِنْ معاصیه".[5]
4. الشقاء و التعاسة: عن أَبِی عبد اللَّهِ (ع) قَالَ: قَال رسولُ اللَّهِ (ص):" مِنْ علامات الشَّقَاءِ جمودُ الْعَیْنِ وَ قَسْوَةُ الْقَلْبِ وَ شِدَّةُ الْحِرْصِ فِی طَلَبِ الدُّنْیَا وَ الْإِصْرَارُ عَلَى الذَّنْبِ".[6]
5. استسهال الذنب و عدم الشعور بقبحه.
6. جر الانسان الى حافة الکفر و الالحاد: قال تعالى فی کتابه الکریم: " ثُمَّ کانَ عاقِبَةَ الَّذِینَ أَساؤُا السُّوآی أَنْ کَذَّبُوا بِآیات اللَّهِ وَ کانُوا بِها یَسْتَهْزِؤُنْ".[7]
7. تشدید العقوبات الدنیویة و الاخرویة: فقد روی: "انَ أَصْحَابُ الْکَبَائِرِ کُلِّهَا إِذَا أُقِیمَ عَلَیْهِمُ الْحَدُّ مَرَّتَیْنِ قُتِلُوا فِی الثَّالِثَة".[8] و فی روایة اخرى "الزَّانِی إِذَا زَنَى جُلِدَ ثَلاثاً و یُقْتَلُ فِی الرَّابِعَةِ".[9]
اتضح من خلال ذلک کله انه لابد من الاسراع الى التوبة و المبادرة الى الانابة و الاستغفار حتى لو کان الذنب صغیرا، و العزم على عدم العودة الیه، لان الاصرار على الذنب و تکرار ارتکابه یجر الانسان رویدا رویدا الى الابتعاد عن الله تعالى و یجعل على القلب خشاوة سوداء تمنعه من التوبة و تسلب منه توفیق الانابة.
[1] محمد بن یعقوب الکلینی، الکافی، ج 2، ص 288، بابُ الْإِصْرَارِ عَلَى الذَّنْبِ، حدیث 2.
[2] انوار التنزل، ج 2، ص 39.
[3] کافی، ج 2، ص 288، بابُ الْإِصْرَارِ عَلَى الذَّنْبِ، حدیث 1.
[4] آل عمران، 135.
[5] الکافی، ج 2، ص 288، َبابُ الْإِصْرَارِ عَلَى الذَّنْبِ حدیث 3.
[6] الشیخ الحر العاملی، وسائل الشیعة، ج 15، ص 337، حدیث 20680.
[7] الروم، 10.
[8] الکافی، ج 7، ص 191، الحدیث 2.
[9] نفس المصدر، الحدیث 1.