إن الله تعالى هو مسبب الاسباب و واضع القوانین الطبیعیة ولا تنقاد ذاته المقدسة بحال من الاحوال الى تلک القواعد و القوانین، و لکن شاءت ارداته سبحانه أن تجری الامور باسبابها. ثم إن نقض القاعدة او القانون الکونی بقانون ارفع و اقوى منه، هو فی حد نفسه قانون و قاعدة الهیة خاصة، و هو أمر ممکن فی ذاته بل ثابت قطعا، یفعل بصورة غیر محسوسة فی الامور التکوینیة، و الانبیاء (ع) مطلعون على هذا القانون و یستعملونه أحیانا باذن الله تعالى لیأتوا بما هو خلاف العادة، و لا ینحصر ذلک بزمن الانبیاء فقط، بل هو فاعل فی کل الازمان و الاعصار و لکن لم یطلع علیه الا الخواص من العباد.
اضف الى ذلک، صحیح ان العلم فی کل عصر منفصل عن السحر و الشعبدة و لا یمنحهما الشرعیة الفکریة. لکن یمکن القول ان الانسان قد فسر فی بعض الاحیان ما لم یدرک علله بالسحر و الشعبدة بل قد یسمها بالکذب و الخداع و الخرافة.
کما ان عوالم الخلقة ذات مراتب و درجات کذلک افعاله سبحانه و تعالى ذات مراتب، یحکم بعضها على البعض الآخر و یتصرف فیها و ینقضها.
و من الواضح ان نقض القاعدة او القانون الکونی بقانون ارفع و اقوى منه هو فی حد نفسه قانون و قاعدة الهیة خاصة، و هو أمر ممکن فی ذاته، یفعل بصورة غیر محسوسة فی الامور التکوینیة، و الانبیاء (ع) مطلعون على هذا القانون و یستعملونه أحیانا باذن الله تعالى لیأتوا بما هو خلاف العادة.
و هذا لیس من مقولة السحر و الحیل و الشعبدة، بل علم رفیع و قدرة سامیة، و الاصرار على رد کل ظاهرة علیا من العلوم المادیة و التجریبیة الى السحر، یعد نوعا من التفکیر الخاطئ و عدم فهم للمفردات و المفاهیم، مما یؤدی فی نهایة المطاف الى انعاکسات و مردودات سلبیة.
فعلى سبیل المثال نجد فی هذا العالم المادی و الطبیعی انفعال بعض القواعد الطبیعیة بقواعد ارفع منها حاکمة علیها لتتحول الى نوع آخر و تتوفر على خواص غیر موجودة فیها سابقا، و لتعطی مردودات جدیدة، و هذا فی حد نفسه قانون و قاعدة الهیة فی عالم التکوین، و لاتفسر بالسحر و الشعبدة الا اذا جهلنا بها و لم نعرف العلة التی فعلت ذلک، و الحال ان المجهولات لاحصر لها و لا نهایة.
فبغض النظر عن المعجزات التی حدثت على ید الانبیاء على مر التأریخ، نجد و باستمرار الکثیر من الظواهر التی یتوالى وقوعها وکانت من المجاهیل لنا و ما کنا ندرک کنه عللها.
فمن الضروری جداً أن نعلم بان جمیع مراتب العالم تقع تحت سطح تحتانی من القوانین التی لم تکتشف بعد من قبل العلم الحدیث، و لم تخضع للقوانین المکتشفة فعلا، و مهما تناهت الدقة العلمیة فی العلوم التجریبیة لا تستطیع نفی هذه القواعد العلیا، بل کلما تطور العلم البشری ازداد اذعانه بعجز العلوم الموجودة و المحدودة عن دراسة جمیع الحقائق و الاحاطة بها و تحلیلها.