هاتان المفردتان من الاصطلاحات المعتمدة في كتب اصول الفقه. و سنحاول هنا الاشارة الى بيان المراد منهما، و منه يظهر الفرق بين المصطلحين:
التخصيص:
فالمراد بالتخصيص إخراج من الحكم مع دخول المخرج موضوعاً، و مثاله: كل مكلف يجب عليه الصوم في شهر رمضان إلا المسافر، فالمسافر[1] مكلف و لا يجب عليه الصوم.[2]
و بعبارة أخرى: التخصيص عبارة عن اخراج بعض افراد موضوع الحكم بواسطة القرينة الدالة على ذلك، فلولا القرينة لكان الحكم العام الواقع على الطبيعة شاملا لتلك الافراد، اي لولا الاية الرافعة للتكليف بالصوم عن المسافر لكان حكم وجوب الصوم شاملا للمسافر كما هو شامل للحاضر على حد سواء.[3]
اما التخصص:
فالمراد به الخروج الموضوعي الوجداني، و هو الّذي يسميه النحويون ب (الاستثناء المنقطع) و مثاله: كل مكلف يجب عليه الصيام إلا الطفل، فان الطفل خارج عن موضوع (المكلف) وجدانا و لا يحتاج الى دليل يخرجه عن الحكم.[4]
و بعبارة اخرى: هو الخروج الموضوعي عن موضوع الحكم، فكل موضوع مغاير لموضوع الحكم فخروجه عن موضوع الحكم بالتخصص، مثلا: الدليل المستفاد من حرمة الغناء لا يشمل الحداء، و ذلك للتباين بين مفهوم الحداء و مفهوم الغناء، و لهذا يقال ان خروج الحداء عن موضوع الحرمة بالتخصص، و هذا بخلاف الغناء للعرائس فان خروجه عن دليل الحرمة بالتخصيص، لانه من افراد الغناء حقيقة، و ان المخرج عن الحرمة هو بعض أفراد الموضوع عن حكم الموضوع (حرمة الغناء)، فلولا الاخراج لكان ذلك الفرد مشمولا لحكم الموضوع (حرمة الغناء).[5]
اتضح من خلال ذلك الفرق الاساسي بينهما و هو ان الاخراج في التخصيص عن الحكم ليس اخراجا حقيقيا فلولا وجود القرينة المخرجة له و التي يعبر عنها "بالمخصص" لم يخرج عن موضوع الحكم، خلافا للتخصص فان خروج المخصص خروجا حقيقيا عن الموضوع بلا حاجة الى وجود قرينة تخرجه، لان الجاهل مثلا غير العالم حقيقة، فاذا قال الشارع "اكرم العالم" يخرج الجاهل عن الحكم تخصصا من دون حاجة الى قرينة او دليل آخر اي من دون حاجة الى "مخصص" خارجي.
[1] الانسان المسافر لا يختلف عن الانسان غير المسافر في حقيقته و ما هيته الاصلية.
[2] السيد محمد تقي الحكيم، الأصولالعامة، النص، صفحه 81.
[3] الشيخ محمد صنقور، المعجم الاصولي، مادة تخصيص.
[4] السيد محمد تقي الحكيم، الأصولالعامة، النص، صفحه 81.
[5] الشيخ محمد صنقور، المعجم الاصولي، مادة تخصص.