روى هذه الرواية الحميري في قرب الأسناد[1] و قطب الدين الراوندي في الخرائج[2] و المجلسي في بحار الأنوار[3] نقلا عن قرب الاسناد[4].
إن هاتين العبارتين من الحديث تشيران إلى تأثير الوراثة على الأبناء، و بما أن التخلص من تأثيرها و تبعاتها يستلزم جهداً مضاعفاً، لذلك نجد أكثر الناس يتبعون تأثير الوراثة و يسيرون خلفها دون أن يكلفوا أنفسهم عناءّ زائداً.
الشئ الآخر أن هذه الرواية ليست مطلقة، بل ناظرة إلى الأكثرية. فيمكن في حكمها الإستثناء و إلا فلا معنى للإختيار. النكتة الأهم هنا هي أن المراد من هذه الرواية هو إن هذا الإنسان المولود من الحرام أو في غير الطهر يؤيد خباثة مولدة بأعماله الإختيارية، و إلا فيمكنه ببذل جهد و إرادة مضاعفين أن يتخلص من لوثة أصله و وراثته غير الطاهرة، لكن هذا الأمر يلزمه جهاداً و هجرة من كل الآثار الموروثة و من بيت أهل الحرام.
الملاحظة الأخيرة هي إن المؤثر في دائرة الأسباب و عامل الوراثة هو الأب و الأم لا الله سبحانه و تعالى، إذن ترجع هذه المسألة مرة أخرى لمسألة إختيار الإنسان (أي الأب و الأم هنا) لا إلى الجبر الإلهي و من الطبيعي أن سوء الإختيار من قبل الأب و الأم يمتد إلى أولادهم و يبعث على شقائهم الدائمي، حتى لو قلنا إن المولود يمكنه أن لا يختار هذا الطريق، و لكن هذا الإنتخاب يحتاج إلى إرادة مضاعفة و عناية خاصة من الله سبحانه تؤدي إلى التغيير و التبدل في وجود الفرد.
[1] الحميري، قرب الأسناد، ج 1، ص 14، انتشارات مكتبة النينوى، طهران، بي تا.
[2] قطب الدين الراوندي، الخرائج، ج 1، ص 177، مؤسسة إمام المهدي (عج)، قم، 1409 ه ق.
[3] ج 27، ص 148، مؤسسة الوفاء، بيروت، 1404 ق.
[4] متن الرواية: "و عنه عن عبد الله بن ميمون القداح عن جعفر عن أبيه قال جاء رجل إلى علي (ع) فقال جعلني الله فداك إنّي لأحبّكم أهل البيت قال و كان فيه لين قال فأثنى عليه عدّة فقال له كذبت ما يحبّنا مخنّث و لا ولد زنا و لا من حملت به أمّه في حيضها قال فذهب الرجل فلما كان يوم صفين قتل مع معاويه".