قد تكون دلالة عبارةٍ معينة على مراد المتكلم صريحة جداً بحيث ينتفي احتمال خلافه. فيقال هنا أن هذه العبارة نصّ و صريحة على المعنى المراد، و قد لا تكون دلالة العبارة على مراد المتكلم صريحة، بل تحتمل عدة معانٍ، و لكن يوجد من بين هذه المعاني معنى ينقدح بالذهن و يصل إليه قبل غيره، فعندها يقال أن هذه العبارة ظاهرة في هذا المعنى.
و بعبارة أخرى، النص هو الكلام الذي لا يدّل إلّا على معنىً واحد، فهو صريح في هذا المعنى و ليس له معنىً آخر سواه، أما الظاهر فيقال للكلام الذي يدل على عدة معانٍ، لكن دلالته على أحدها أقوى من غيره.
بهذا التعريف للنص و "الصريح" و "الظاهر" يجب القول: بأن عبارات القرآن و الروايات و جملاتهما، تنقسم إلى قسمين من حيث دلالتهما على المعنى: فهي إما نص في هذا المعنى أو لها ظهور فيه.
فالظهور في معنىً معين، مثل الآية الشريفة "أقيموا الصلاة ..."،[1] ففي الآية المشار إليها فعل "أقيموا" ظاهر في الوجوب طبقاً لمبنى المشهور من علماء الأصول، لأن صيغة الأمر ظاهرة في الوجوب بالوضع اللغوي، إلا إذا جاء دليل صارف يصرفها عن هذا الظهور، ففي هذه الحالة، لا ينعقد هذا الظهور و تحمل عندئذ على الإستحباب، لوجود اشتراك بين الوجوب و الإستحباب (و هو المعنى الكلّي للطلب).[2]
و قد تبنى علماء الأصول القاعدة المعروفة بحجية الظواهر "كلّ ظاهرٍ حجة". فمثلاً لو أمر المسؤول أحد الموظفين بأداء عمل معين فكل إنسان يفهم من هذا الأمر وجوب أداء هذا العمل، إلا إذا كانت هناك قرينة دالة على خلاف ذلك. و الجدير بالذكر هنا أنه كلما ثبت للفظ ظهور في معنىً معين، لا يمكن رفع اليد عن هذا الظهور بحجة إمكان كون مراد المتكلم هو المعنى غير الظاهر. لذلك فالقاعدة الكلية العامة التي تؤكد: بأننا كلما شككنا في مراد المتكلم و أنه هل يريد من كلامه المعنى الظاهر أم المعنى غير الظاهر؟، حملنا كلامه على المعنى الظاهر.
أما الصراحة، فمثالها البارز في القرآن الكريم "لا إله إلّا الله" فهي نص واضح في واحدية الله تعالى و أحديته التي لا يمكن أن يتطرق إليها ما هو خلاف ذلك.
[1] البقرة 43، "وَ أَقِيمُواْ الصَّلَوةَ وَ ءَاتُواْ الزَّكَوةَ وَ ارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِين".
[2] راجعوا: ملا صالح المازندراني، حاشية معالم الدين، ص 56، مكتبة الداوري، بي جا، بي تا، لسيد فيروز آبادي، عناية الأصول، ج 1، ص 204 و 205، نشر الفيروز آبادي، قم، الطبعة الرابعة، 1400 ق، المظفر، محمد رضا، اصول الفقه، ج 1، ص 5 و 65 و 66، نشر اسماعيليان، قم، الطبعة الخامسة، بي تا.