توجد فروق أساسیة بین نظام الحکم الولائی و الحکومة الإسلامیة و بین نظام الحکم المَلَکی و یمکن بحث هذه الفروق فی عدة محاور:
أ –المشروعیة: مشروعیة نظام الحکم الولائی، مستند إلى الله سبحانه، أما نظام الحکم المَلَکی فلا سند شرعی له، بل مستنده سنن الشعوب و الأنظمة المَلَکیة الوراثیة.
ب – شروط الانتخاب و کیفیته: فی النظام الولائی توجد شروط شدیدة لاختیار قائد و ولی أمر المسلمین، و أیضا هناک آلیة خاصیة لاختیاره (کالتنصیب الإلهی؛ و هو یتم فی المعصومین (ع)، و اختیار مصداقه من قِبل الناس و هو یتم فی نواب المعصومین) و خلافا لذلک فإن الأنظمة المَلَکیة غالبا ما یکون اختیار وریث العرش على أساس رابطة الدم.
ج – أسلوب العزل: فی الأنظمة الولائیة إذا صدر من الولی الفقه خطأ یؤثر فی استمراره فی القیادة، أو فقد شروط القیادة التی على رأسها صفة العدالة فإنه سوف ینعزل تلقائیا من هذا المنصب. و فی إیران تقع مسؤولیة تحدید فقدان شروط القائد على عاتق مجلس خبراء القیادة. أما فی الأنظمة المَلَکیة التی عادة ما تکون ولیدة الدیکتاتوریة فلا أحد من الشعب یستطیع أن یعزل الملک.
النظام الولائی أو الحکومة الدینیة تطلق على النظام المنسجم مع التعالیم الدینیة و المبتنی على أساس "دینی" و على أقل تقدیر یجب أن لا یتنافى مع التعالیم الدینیة أبدا. أما النظام المَلَکی فهو النظام الذی یتربع على قمته شخص واحد هو الملک أو الملکة.
بین النظام الولائی فی الحکومة الإسلامیة و نظام الحکم المَلَکی فروق جوهریة یمکن أن نبحثها فی عدة محاور:
أ – المشروعیة: الولایة و الحاکمیة فی الإسلام هی أولا و بالذات لله فهو الذی له حق الولایة على الناس لأنه هو خالقهم و رازقهم، و المطلع على کل شؤونهم المادیة و المعنویة، و بیده حیاتهم و موتهم.
قال تعالى: "إن الحکم إلا لله"[1]، و : "إنما ولیکم الله".[2]
و فی المرتبة الثانیة أعطى الله هذه الولایة للنبی (ص)، و الأئمة الطاهرین، ثم من بعدهم للمؤمنین الواجدین لشروط خاصة کالإیمان و العلم( الفقاهة) و القدرة و العدالة، و شروط أخرى. قال تعالى: "النبی أولى بالمؤمنین من أنفسهم"[3] و: " إنما ولیکم الله و رسوله و الذین آمنوا"[4] و یستند الشیعة الى أدلة قطعیة لیثبتوا أن الأئمة الأطهار (ع) هم الأئمة و أولیاء الناس فی المجتمع الإسلامی بعد النبی (ص) منصوبون من قبل الله، و یستدل علماء الشیعة بالأدلة العقلیة و النقلیة لإثبات أن الولایة بعد الأئمة و فی عصر الغیبة هی للفقهاء العدول الواعین، فقد منحتهم الشریعة و وکلهم الأئمة المعصومون (ع) للتصدی لتشکیل الحکومة الإسلامیة و قیادة المجتمع الإسلامی، و طبیعی أن النصب من قبل الشارع لا یتنافى مع اختیار الناس، فکما جاء فی دستور الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة أن تحدید مصداق الولی الفقیه هو من مسؤولیة الخبراء المنتخبین من قبل الشعب مباشرة، فالشعب له دور أساسی فی تحدید مصداق الولی الفقیه، إلا أنه فی الحکومات الملکیة التی غالبا ما تکون حکومات دیکتاتوریة فإن مشروعیتها تستند إلى عادات و تقالید الشعوب و الأمم، و الملک یصل إلى الحکم إما عن طریق الانقلاب العسکری، أو عن طریق الوراثة، و لا تلعب الکفاءة أی دور فی تنصیب الملوک.[5]
ب – کیفیة الانتخاب:
بملاحظة دلیل شرعیة النظام الولائی و النظام المَلَکی نرى أن أسلوب الاختیار بینهما فی غایة الاختلاف. فالاختیار فی النظام الولائی مبتنی على أساس توفر الشروط أی "العصمة" فی الأئمة المعصومین (ع)، و الفقاهة و الوعی و العدالة بالنسبة للفقهاء، بینما فی النظام المَلَکی فإن الملک یصل إلى سدة الحکم عن طریق قیامه بانقلاب عسکری أو تمرد على من سبقه فیعزل خصومه و یتربع على العرش حتى لو کان سفاحا سافلا لا یمتلک أی کفاءة و قابلیة، و قد یصل الملک إلى العرش عن طریق الوراثة التی لا یشترط فیها سوى قرابة الدم مع الملک السابق.
یقول جیمس الأول ملک انکلترا: "ان منصب الملک هو رمز و سر لا یستطیع الحقوقیون و الفلاسفة البحث فیه، و لا أن یصلوا إلى سره" أی لیس من حق أی أحد أن یضع شروطا للمنصب المَلَکی.[6]
ج – کیفیة معاملة مع أفراد الشعب: فی النظام الولائی یجب على الولی الفقیه أن یدیر شؤون البلاد استنادا إلى القوانین و الأحکام الإلهیة بعیدا عن الأهواء و الرغبات النفسیة، و حینما یتجاهل الأوامر الإلهیة فإنه سیفقد صلاحیاته بشکل تلقائی. و یکون التعامل مع الناس على أساس و جوب تقدیم الخدمات لهم، و فی عهد الإمام علی (ع) إلى مالک الأشتر الذی یعد دستورا کاملا لتعامل الحکومة فی النظام الولائی الإسلامی مع الشعب، فقال (ع) فی بیان کیفیة التعامل مع الناس: و َأَشْعِرْ قَلْبَکَ الرَّحْمَةَ لِلرَّعِیَّةِ، وَ الْـمَحَبَّةَ لَهُمْ، و َاللُّطْفَ بِهِمْ، وَ لاَ تَکُونَنَّ عَلَیْهِمْ سَبُعاً ضَارِیاً تَغْتَنِمُ أَکْلَهُمْ ...، أَنْصِفِ اللهَ وَ أَنْصِفِ النَّاسَ مِنْ نَفْسِکَ، وَ مِنْ خَاصَّةِ أَهْلِکَ، وَ مَنْ لَکَ فِیهِ هَوىً مِنْ رَعِیَّتِکَ..."[7].
أما فی النظام المَلَکی فلا یوجد أی اهتمام بالأوامر الإلهیة، و إنما تتبع رغبات و أوامر الملک و البلاط، و یحق للملک تعدیل و تجاوز أی قانون.
د – کیفیة عزل الحاکم:
فی النظام الولائی، -باستثناء الولی الإمام المعصوم (ع) حیث لا یصدر منه الخطأ بسبب العصمة- یوجد فیها آلیة لعزل أو استقالة القائد. مثلا فی نظام الجمهوریة الإسلامیة وفقا للأصل المائة و أحد عشر من الدستور فإن الولی الفقیه إذا فقد شروط القیادة فمن حق مجلس الخبراء عزله.
أما فی الأنظمة المَلَکیة التی تکون دیکتاتوریة غالبا فلا یوجد مثل هذه الآلیة، فإذا أراد الشعب إزالة الملک فعلیه أن یقدم الکثیر من التضحیات و یتحمل سنوات من المعاناة و الألم و أنواع المصاعب لیتمکن من ذلک. و الطریق الآخر لإزالة الملک هو أن یأتی شخص آخر یملک قوة أکثر من الملک الحالی فیسقطه و یتربع على عرشه.
هذا بعض الفروق بین النظام المَلَکی و النظام الولائی، و أی شخص منصف یمکنه بإجراء المقارنة بین هذین النظامین أن یعثر على فروق أخرى بینهما.