يتفق فقهاء الشيعة- تقريبا- على نجاسة الكفار؛ و أما بالنسبة الى نجاسة أهل الكتاب فقد اختلفت كلمتهم، و من هنا يجب على المكلف – إن لم يكن مجتهداً- الرجوع الى فتوى المرجع الذي يقلده و العمل وفقا لرأيه او الاحتياط.
يتفق فقهاء الشيعة- تقريبا- على نجاسة الكفار[1]؛ و أما بالنسبة الى نجاسة أهل الكتاب فقد اختلفت كلمتهم.
توضيح ذلك: ترجع جذور نظرية نجاسة الكافرين الى الآية الثامنة و العشرين من سورة التوبة: " يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا".
و قد اختلفت كلمة الفقهاء في المستفاد من الآية المباركة انطلاقا من اختلافات الروايات و التفاسير، فمن الفقهاء من ذهب الى القول بان الآية تدل على نجاسة مطلق الكافرين بما فيهم أهل الكتاب، و من هؤلاء الفقهاء المرحوم آية الله الكلبايكاني في كتابه (نهاية الافكار في نجاسة الكفار) حيث أوضح رأيه هناك؛ و ممن تبنى هذا الرأي الامام الخميني (ره).[2]
أما الطائفة الثانية من الفقهاء فقد فرقت بين أهل الكتاب و بين سائر الكافرين فقالت بطهارة أهل الكتاب و نجاسة سائر الكافرين[3]. و يمكن تأييد هذا الرأي برواية منقولة عن الامام الرضا (ع).[4]
و هناك طائفة ثالثة من الفقهاء المعاصرين ذهبت الى القول بطهارة مطلق الانسان و قالت بان نجاسة الكافرين و أهل الكتاب نجاسة عرضية تعرض لهم من خلال مس النجاسات الاخرى كالخمر و لحم الخنزير و... ، فاذا حصل الاطمئنان بغسل ايديهم بعد المس فلا تعد ايديهم نجسة عندئذ.[5]
و هناك من يرى أن الحكم الاسلامي بنجاسة الكافرين، أمر سياسي يهدف للحد – بالمقدار الممكن- من اختلاط المسلمين معهم، ليكون المؤمنون في منأى عن التأثر بالافكار الهدامة التي يثيرها هؤلاء الكافرون خاصة مع ضعف الاسس الاعتقادية في تلك الفترة لبعض المسلمين الحديثي الدخول في الاسلام.
و قد اتضح من خلال ذلك أن سبب تعدد الآراء في القضية و النظريات يعود الى طريقة الاستنباط و الفهم المختلفة للآية المباركة و الروايات الواردة في هذا الخصوص. و هذا بحث تخصصي و فقهي يقوم به الفقهاء و المجتهدون خاصة.
من هنا لابد من رجوع كل مكلف الى مرجعه ليستطلع منه رأيه ثم العمل وفقا له، هذا ان لم يكن الملكف مجتهدا و الا فيعمل و فقا لرأيه و ما استنبطة من الآيات و الروايات، او يقوم المكلف غير المجتهد بالعمل بالاحتياط من خلال التحرز عن التماس معهم في القضايا التي توجب تسري النجاسة على فرض نجاستهم، و الاحتياط و إن كان فيه مشقة و لكن الدين يستحق ذلك " أفضل الأعمال ما أكرهت النفوس عليها ".[6] و يترتب عليه الثواب الكثير.
[1] توضیح المسائل للمراجع، ج1، ص76 و 77.
[2] نفس المصدر، ص76.
[3] انظر: سماحة آیة الله الخامنئي، اجوبة لاستفتاءات، ص67؛ و الآیات العظام نوري همداني، فاضل لنکراني(ره)، توضیح المسائل مراجع، ج1، ص76 و 77؛ و الشهید الصدر ، محمد باقر ، بحوث في شرح العروه الوثقی ، ج 3 ، صص 283-284 ، مطبعه الآداب ، النجف الاشرف ، 1391 هـ - ق .
[4] وسائل الشیعه ، ج 3 ، ص 422 ، الروایة 4050 .
[5] من انصار هذه النظرية الشيخ صانعي و الشيخ إبراهيم الجناتي.
[6] التمیمي الآمدي ، عبد الواحد بن محمد ، غرر الحکم ، انتشارات دفتر التبلیغ الاسلامي ، قم ، 1366 ، ص 156 ، الروایة 2927 .