نظراً لذکر الأبعاد السیاسیة و الاجتماعیة للمسألة فی مسائل سابقة لذلک سوف نقتصر على بحث مسألتین: 1ـ أدلة و فلسفة حلیة المرأة الأسیرة، 2ـ لماذا لا تحتاج هذه الحلیة إلى ألفاظ (العقد اللفظی) کما هی الحالة فی العقود الأخرى؟
أما بالنسبة لأدلة و فلسفة حلیة العلاقة مع المرأة الأسیرة فیمکن القول: إن حلیة المرأة الأسیرة یعتمد على أساس واقع کان حاکماً و سائداً فی تلک العصور و فی کثیر من المجتمعات، و ذلک لأن إطلاق أسرى النساء تقویة لجبهة العدو من جهة، و من جهة أخرى فإن حبسهن و الاحتفاظ بهن أمرٌ غیر محمود و غیر صحیح، و الاستفادة منهن و تشغیلهن فی الحقول و أماکن العمل الأخرى أمرٌ لا یخلو من عواقب سیئة کانتشار الفحشاء و تفشی العلاقات غیر المشروعة و غیر ذلک. إضافةً إلى ذلک إن وجود عددٍ کبیر من النساء المنعزلات خارج عضویة المجتمع لا یخلو من عواقب و تبعات وخیمة منها على سبیل المثال وجود جیل یعانی من عدم طهارة المولد. یضاف إلى ذلک أنهن یساعدن فی تشکیل جبهة مخالفة لعقائد المجتمع و أفکاره ومتبنیاته مما یخدم أهداف العدو و یعضد أفکاره و توجهاته، و بذلک یتکون مجتمعٌ لا یؤمن بقیم و أفکار المجتمع الذی یعیش فیه، و لکن الإسلام أتاح فرصة علاقة شرعیة بهذه الشریحة من النساء لیتلافى کل هذه الآثار السیئة التی تربک المجتمع و تؤثر سلباً على علاقاته و عقیدته و أخلاقه، کما أن هذه العلاقة المشروطة بشروط خاصة أدت إلى ذوبان هذه الشریحة و انسجامها مع نسیج المجتمع.
و قد جعل الإسلام صیغتین لبرنامج العلاقة مع النساء الأسرى و بشروط خاصة.
أما لماذا لم تکن هذه الحلیة مشفوعة بعقد لفظی کما هو الحال فی مسألة عقد الزواج بالمرأة الحرة فلا بد من القول:
إن الألفاظ تعنی إظهار و إبراز إرادة الإنسان، و بعبارة أخرى فإن الألفاظ تابعة لجعل الإنسان و اعتباره و إنشائه، فالإنسان هو الذی یعطی لهذه الکلمات ألوانها و معانیها المختلفة، فدلالة الألفاظ تابعة لجعل الإنسان و اعتباره فی المجتمع. فمثلاً عندما تکون امرأةٌ حرة زوجةً لشخص و حلالاً علیه من خلال استعمال کلام و ألفاظ خاصة فإن هذا الأمر تابع لاعتبارات و قوانین متفق علیها، و بعبارة أخرى لإن الملاک و المعیار الأصلی و الأساسی هو الاعتبارات الإجتماعیة و القرارات المتفق علیها، و إن الألفاظ ما هی إلا کاشف و مبین لهذه القرارات و الاعتبارات الإجتماعیة، و لم تعطنا الألفاظ شیئاً وراء هذه الواقعیة، فالألفاظ لا توجد المعانی، و إنما مبینة لها و کاشفة عنها، تلک المعانی التی اعتبرها الإنسان و جعلها فی الخارج، و من هنا فلا حاجة للعقد و اللفظ فی مسألة حلیة النساء الأسیرات لأن القرار الإجتماعی موجود، و قد قبله الإسلام بشروط خاصة.
نظراً لذکر الأبعاد السیاسیة و الاجتماعیة للمسألة فی مسائل سابقة[1] لذلک سوف نقتصر على بحث مسألتین: 1ـ أدلة و فلسفة حلیة المرأة الأسیرة، 2ـ لماذا لا تحتاج هذه الحلیة إلى ألفاظ (عقد لفظی) کما هی الحالة فی العقود الأخرى؟
أما بالنسبة لأدلة و فلسفة حلیة العلاقة مع المرأة الأسیرة فیمکن القول: إن حلیة المرأة الأسیرة یعتمد على أساس واقع کان حاکماً و سائداً فی تلک العصور و فی کثیر من المجتمعات، و ذلک لأن إطلاق أسرى النساء تقویة لجبهة العدو من جهة، و من جهة أخرى فإن حبسهن و الاحتفاظ بهن أمرٌ غیر محمود و غیر صحیح، و الاستفادة منهن و تشغیلهن فی الحقول و أماکن العمل الأخرى أمرٌ لا یخلو من عواقب سیئة کانتشار الفحشاء و تفشی العلاقات غیر المشروعة و غیر ذلک. إضافةً إلى ذلک إن وجود عددٍ کبیر من النساء المنعزلات خارج عضویة المجتمع لا یخلو من عواقب و تبعات وخیمة منها على سبیل المثال وجود جیل یعانی من عدم طهارة المولد. یضاف إلى ذلک أنهن یساعدن فی تشکیل جبهة مخالفة لعقائد المجتمع و أفکاره و متبنیاته مما یخدم أهداف العدو و یعضد أفکاره و توجهاته، و بذلک یتکون مجتمعٌ لا یؤمن بقیم و أفکار المجتمع الذی یعیش فیه، و لکن الإسلام أتاح فرصة علاقة شرعیة بهذه الشریحة من النساء لیتلافى کل هذه الآثار السیئة التی تربک المجتمع و تؤثر سلباً على علاقاته و عقیدته و أخلاقه، کما أن هذه العلاقة المشروطة بشروط خاصة أدت إلى ذوبان هذه الشریحة و انسجامها مع نسیج المجتمع.
و قد جعل الإسلام صیغتین لبرنامج العلاقة مع النساء الأسرى و بشروط خاصة.
أما بالنسبة لأدلة و فلسفة حلیة العلاقة مع أسرى النساء فیمکن أن یقال: إذا تخلل نظام خاطئ فی نسیج المجتمع، فإن اقتلاعه من جذوره یحتاج إلى زمن طویل. و کل عمل غیر محسوب فی هذا المیدان یفضی إلى نتائج عکسیة. تماماً کما لو أن إنساناً مصاباً بمرض خطیر مستحکم فی جسده أو کالمدمن على المخدرات لزمن طویل. ففی مثل هذه الحالات لا بد من اتباع خطة و برنامج یعتمد على مراحل زمنیة للعلاج.
فلو أن الإسلام أصدر قرار مفاجئاً ینص على أن جمیع النساء الأسرى یطلق سراحهن، ففی ذلک تقویة لجبهة العدو، و من جانب آخر فإن حبسهن أمرٌ غیر صحیح، و کذلک استغلالهن فی العمل داخل الحقول و المصانع و المعادن من دون السماح لهن بممارسة حقوقهن الطبیعیة فی الزواج أمرٌ لا یخلو من مخاطر و عواقب غیر محمودة، منها رواج الفحشاء و تفشی الفساد، یضاف إلى ذلک أن وجود شریحة کبیرة فی المجتمع دون أن تحظى بحق العضویة فیه أمرٌ لا یخلو من تبعات و سلبیات کثیرة و خطیرة، و مع غض النظر عما تقدم فإن هذه الشریحة سیکون لها موقع و موضع فی قبال عقائد المجتمع الإسلامی و متبنیاته و أفکاره. و بعبارة أخرى فإن هذه الشریحة ستکون معبرةً عن آراء العدو و أفکاره و سلوکه، و بذلک تنشأ شریحة غریبة عن نسیج المجتمع المسلم و غیر منسجمة مع توجهاته. و لکن الإسلام عالج هذه المسألة عندما أعطى صفة الرسمیة للعلاقة بین أفراد المجتمع و هذه الشریحة من النساء اللواتی جلبن کأسرى حرب، و ذلک من خلال وضع شرائط خاصة مما جنب المجتمع الإسلامی کل السلبیات و التبعات المترتبة على وجود هذه الشریحة، و بذلک أوجد سبیلاً لذوبانها فی المجتمع و هضمها فی نسیجه.
و قد حلل الإسلام النساء الواقعات فی الأسر ضمن برنامجٍ خاص و شروط محددة ذلک لأن إشباع الغریزة الجنسیة التی تعد هبة إلهیة للإنسان أمرٌ ضروری و طبیعی، خلافاً للمذاهب التی تروج للرهبانیة، فإن کبح هذه الغرائز و إلجامها غیر صحیح یفضی إلى عقد روحیة و احتقانات. کما أن الإشباع الطلیق و غیر المنضبط یتسبب فی هرج و فوضى و إشاعة الجنس بما یخالف فطرة الإنسان و الهدف من خلقه. مما یؤدی إلى رواج المفاسد و العلاقات غیر المشروعة التی ابتلیت بها دول عدیدة، حتى بلغ الأمر من السوء إلى افتتاح مراکز لبیع الأجساد و الاستفادة عن طریق المتاجرة بالنساء الأسیرات، و هذا مما لا یؤیده الإسلام حیث اعتبر من قبیل الإهانة و الاستخفاف بالمرأة و التعدی على کرامتها و سلب حقوقها و منافیاً للعفة و الأخلاق فی المجتمع، و یتسبب فی هدم الأسرة، و لذلک فإن أفضل سبیل للتعامل مع هذه الشریحة من النساء هو إقامة علاقة مشروعة معهن من خلال ضوابط و شروط خاصة. و لذلک عالج الإسلام هذه المسألة بتوجه خاص من خلال اتفاقٍ خاصٍ مشخص و شرعی و قانون فیه مراعاة لحقوق الطرفین. و هکذا أعطى المشروعیة لهذه العلاقة الطبیعیة.
و بهذا الإجراء السلیم المتصف بالحکمة استطاع الإسلام إخراج هذه الشریحة من زاویة الإهمال و الرکود إلى رحاب المجتمع لتتحول إلى فئة فعالة تشارک فی جمیع الأنشطة الإجتماعیة و الفعالیات العملیة ضمن الإطار المتاح لها. و بذلک تمکن الإسلام من منع المشاعیة الجنسیة و الوقوف بوجه ظاهرة الإتجار و استغلال النساء الأسرى لتحقیق الأرباح الرخیصة. فجعل العلاقة مع النساء الأسرى قانونیة و شرعیة. کما أعطى الإسلام للمرأة الأسیرة حق الزواج ضمن شروطٍ خاصة (منها إجازة المالک أو الحاکم الشرعی مثلاً)، و معالجة هذه المسألة من قبل الإسلام لیست بسبب الإشباع الجنسی و حسب، و إنما تهدف إلى إحیاء کل الجوانب المعنویة و الشخصیة لهذه الشریحة من النساء.
و من أهم المسائل فی هذا الإطار هو تقدیم برنامج شامل یلبی کل احتیاجات المرأة الأسیرة بشکلٍ إیجابی و فعال. و هذا الأمر لا یمکن تحقیقه إلا بقرار یمثل المفتاح الأساسی لحل کل المشاکل ألا و هو إعطاء العلاقة الجنسیة صفةً شرعیةً و قانونیة. و هذا أمر غایة فی الأهمیة لأن کل مقاتل یعتبر أن ما وقع بیده غنیمة و حاجة من حاجاته التی له أن یستغلها کیف یشاء کالعمل الشاق و غیره، و أن قرار الزواج بمثل هذه المرأة أمرٌ غیر مألوف فی ذلک الزمان، و الاعتقاد السائد هو أن الزواج بهذه الشریحة یشکل إهانة للرجل و لعائلته و عشیرته و لذلک فإن الإقدام على طرح قانون الزواج بالمرأة الأسیرة یعد انقلاباً اجتماعیاً یثیر العجب و الاستغراب، و حقیقة هذا القرار تنطوی على إحیاء شخصیة المرأة الأسیرة، و إعطائها حقها فی تشکیل أسرة تکون معها صاحبة أولاد و بیت مما یمهد لها الطریق ضمن قوانین خاصة للسیر فی طریق الإستقلال و الحریة، و سوف تکون عضواً رسمیاً فی المجتمع، و هذا أمرٌ غایة فی الحساسیة و الظرافة و العمق لما فیه من کرامة و احترام و تقدیر لهذه المرأة. و الواقع أن الإسلام أعلن للمجتمع الإنسانی آنذاک أن المرأة على الرغم من کونها أسیرة فلا ینبغی أن تحرم من حقوقها الإنسانیة. فالمرأة الأسیرة بإمکانها الزواج بالرجل الحر ضمن ضوابط معینة، و الرجل الأسیر بإمکانه أن یتزوج من المسلمة الحرة ضمن شروط معینة، و لا ینبغی للأسر أن یکون مانعاً من حصول هذه الشریحة على حقوقها الإنسانیة الطبیعیة على مستوى الرجل و المرأة، و لا بد أن ینظر لهذه القضیة من هذه الزاویة الصحیحة لاکتشاف عظمة هذا الإجراء و القانون الإسلامی المقدس[2].
و قانون الإسلام فی هذا الإطار هو أن المرأة بمجرد وقوعها فی قبضة آسرها فإن العلاقة معها تکون محللة له[3]. إضافة إلى ذلک بإمکانه عرضها فی السوق لتباع إلى غیره، و بمجرد أن تتحول إلى ملک مشتریها تحل له دون الحاجة إلى عقد زواج، و إن مالکی هذه النساء بإمکانهم بیعهن للأخرین أو تحریرهن من خلال عتقهن فتکون زوجة لرجلٍ آخر بالعقد الشرعی المعروف[4].
و أما بالنسبة إلى عدم الحاجة إلى عقد شرعی کما هو الحال بالنسبة للمرأة الحرة فیمکن أن یقال:
إن الألفاظ تعنی إظهار و إبراز إرادة الإنسان. و بعبارة أخرى إن الألفاظ تابعة لجعل الإنسان و اعتباره و إنشائه، فالإنسان هو الذی یعطی لهذه الکلمات ألوانها و معانیها المختلفة، فدلالة الألفاظ تابعة لجعل الإنسان و اعتباره فی المجتمع[5]. فمثلاً عندما تکون امرأةٌ حرة زوجةً لشخص و حلالاً علیه من خلال استعمال کلام و ألفاظ خاصة فإن هذا الأمر تابع لاعتبارات و قوانین متفق علیها، و بعبارة أخرى لإن الملاک و المعیار الأصلی و الأساسی هو الاعتبارات الإجتماعیة و القرارات المتفق علیها، و إن الألفاظ ما هی إلا کاشف و مبین لهذه القرارات و الاعتبارات الإجتماعیة، و لم تعطنا الألفاظ شیئاً وراء هذه الواقعیة، فالألفاظ لا توجد المعانی، و إنما مبینة لها و کاشفة عنها، تلک المعانی التی اعتبرها الإنسان و جعلها فی الخارج[6]، و من هنا فلا حاجة للعقد و اللفظ فی مسألة حلیة النساء الأسیرات لأن القرار الإجتماعی موجود، و قد قبله الإسلام بشروط خاصة.
[1] یراجع: السؤال 1792 (سایت: 3920).
[2] العلامة الطباطبائی، فرازهای از اسلام ، صص171 و 221.
[3] صاحب المدارک، (العاملی، السید السند)، محمد بن علی الموسوی، نهایة المرام فی شرح مختصر شرائع الإسلام، ج1، ص 312؛ الشهید الثانی، شرح اللمعة، ج2، صص 113 و 109
[4] النجفی، محمد حسن، جواهر الکلام، ج30، ص204 بتصرف.
[5] الصدر، السید محمد باقر، بحوث فی علم الأصول، ج1، صص 81- 83؛ الصدر، السید محمد باقر، المعالم الجدیدة للأصول، صص 142- 146.
[6] هادوی طهرانی،کراسات درس خارج اصول الفقه، مبحث الوضع .