رغم قبولنا لنظریة التعیین، فإننا إذا أردنا وضع قانون للمجتمع لا یتحدد بمکان أو زمان، فلا خیار لدینا سوى قبول انتخاب الأمة.
ثمة طریقان لانتخاب الفقیه الحائز على شروط الولایة:
1- الانتخاب المباشر.
2- الانتخاب غیر المباشر.
و تفضل طریقة الانتخاب غیر المباشر على الانتخاب المباشر.
و على کل حال فللأمة دور رئیسی فی تعیین القائد حتى فی إطار نظریة التعیین، رغم أن حکومة الفقیه تستمد شرعیتها من الشارع المقدس و الأئمة المعصومین (علیهم السلام) و لا تعتمد على انتخاب الناس. لکن دور الأمة لا یختزل فی تحقیق الجدوی من النظام أو فی تنفیذ أهداف القیادة، بل هی التی تقوم بانتخاب «الفقیه الحائز على الشروط» بصورة مباشرة أو غیر مباشرة لتعین مصداق ولی الأمر و قائد المجتمع و تهیئ له القیام بتلک المهمة.
رغم قبولنا لنظریة التعیین[1]، فإننا إذا أردنا وضع قانون للمجتمع لا یتحدد بمکان أو زمان، فلا خیار لدینا سوی قبول انتخاب الأمة[2].
و لتوضیح الموضوع نقول: بالرغم من أن تعیین جمیع الفقهاء ممن تتوفر فیهم شروط الولایة لا یتسبب فی مشکلة على مستوى الواقع أو فیما یتصل بمفاد الأدلة و أن فی وسع کل فرد الرجوع الى الفقیه الذی یرى فیه توفر تلک الشروط فیستعین به فیما یتعلق بالشؤون الولائیة[3]، إلا أننا عندما ننظر الى الولایة کمهمة اجتماعیة تتوخی إدارة مجتمع و نرید آن نضع قانوناً لهذه المسألة – حتى وفق «نظریة التعیین» الصحیحة – فلابد لنا من قبول طریقه الانتخاب.
إلا أن هذا الانتخاب یتم لتعیین «الفقیه الذی تتوفر فیه الشروط» لا تعیین «الولی من بین الفقهاء الذین تتوفر فیهم الشروط» مما هو مذکور فی نظریة الانتخاب. أی أن الناس ینتخبون فقیهاً حائزاً على شروط الولایة، لا أنهم ینتخبون الولی من بین الفقهاء الحائزین على الشروط.
یوجد طریقان لانتخاب الفقیه الحائز على شروط الولایة:
1- الانتخاب المباشر: فی هذه الطریقة یقوم الفقهاء الذین یرون فی أنفسهم توفر الشروط اللازمة، أو الذین یعتقد الآخرون انهم کذلک، بالترشیح. ثم تتولی مجموعة من الخبراء المصادقه على توفر تلک الشروط فی هؤلاء، فتقوم الأمة عندها بانتخاب فقیه من بین کل هؤلاء.
2- الانتخاب غیر المباشر: فی هذه الطریقة تنتخب الأمة مجموعة من الخبراء لیکونوا و کلاء عنهم فی انتخاب الفقیه المتوفرة فیه شروط الولایة.
و نلاحظ هنا ضرورة وجود مجموعة من الخبراء فی کلا الأسلوبین المباشر و غیر المباشر لیتولوا المصادقة على توفر شروط الولی، و ذلک لأن «الفقاهة» شأن تخصصی و لا یمکن تحدید توفر ذلک إلا من قبل مجموعة من الخبراء. فعندما یزعم أحدهم أنه طبیب لا یمکن معرفة صحة زعمه إلا من قبل الأطباء نفسهم.
و الفرق بین الطریقتین، ان الطریقة الاولی تفترض ان یقوم الخبراء بالمصادقة على توفر الشروط اللازمة فی المرشحین، و لاشک حینئذ ان توفر الحد الإدنی من الشروط یکون کافیاً.
أما فی الطریقة الثانیة فالخبراء یقومون بانتخاب شخص واحد یتوفر فیه الحد الأقصی من شروط للولایة. ولذا فالطریقة غیر المباشرة – أی انتخاب الخبراء من قبل الأمة ثم انتخاب الفقیه الحائز على الشروط من قبل الخبراء – تفضل على الطریقة المباشرة – أی انتخاب الفقیه الحائز على الشروط من قبل الأمة – و هذا ما حظی باهتمام فی دستور الجمهوریة الإسلامیة، حیث جرت المصادقة على نظریة التعیین – و هذا ما نجده واضحاً فی تفصیلات النقاشات بین أعضاء مجلس خبراء الدستور[4] - و حظیت طریقة الانتخاب غیر المباشر لتعیین القائد، على المصادقة فی الوقت نفسه.
و على کل حال فللأمة دور رئیسی فی تعیین القائد حتى فی إطار نظریة التعیین، رغم أن حکومة الفقیه تستمد شرعیتها من الشارع المقدس و الأئمة المعصومین (علیهم السلام) و لا تعتمد على انتخاب الناس. لکن دور الأمة لا یختزل فی تحقیق الجدوی من النظام أو فی تنفیذ أهداف القیادة[5] ، بل هی التی تقوم بانتخاب «الفقیه الحائز على الشروط» بصورة مباشرة أو غیر مباشرة لتعیین مصداق ولی الأمر و قائد المجتمع و تهییء له القیام بتلک المهمة.
1. هادوی طهرانی، ولایت و دیانت "الولایة و الدیانة"، مؤسسه فرهنگی خانه خرد " مؤسسة دار العقل الثقافیة"، قم، ط 2، 1380.
[1]- الموضوع: 26 (ولایة الفقیه و التعیین).
[2]- لذا وافق أعضاء مجلس خبراء الدستور علی موضوع الانتخاب مع مصادقتهم علی «نظریة التعیین» فی الدستور،و قد فضلوا بالطبع أن یکون الانتخاب بصورة غیر مباشرة مما ینسجم أکثر مع روح نظریة التعیین.
[3]- و هی نفس الطریقة التی کانت و لا تزال متداولة فیما یتصل بالسادة المراجع.
[4]- یدعی البعض أن وجود الانتخاب فی دستور الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة، دلیل علی قبول «نظریة الانتخاب» و البیان المتقدم یثبت خطاً ادعائهم هذا.
[5]- یعتمد البعض نموذج عدد من مذاهب الفلسفة السیاسیة مثل «النظریة الوظیفیة لتوماس هوبز»، لیبرر نظریة التعیین و یختزل دور الأمة فی جانب الجدوی،إلا أن مثل هذه النظریات لا تتسق کثیراً مع روح المقولات الإسلامیة بما فیها ولایة الفقیه.