تنص أدلة «ولایة الفقیه» على أن الفقیه هو الذی یقود المجتمع الإسلامی و ینوب عن الأئمة المعصومین (علیهم السلام) فی زمن الغیبة. و من هذا المنطلق فلولایة الفقیه الصلاحیات اللازمة لقیادة المجتمع و إدارته و لها ما یعده العقلاء حقاً من صلاحیات القائد و ما کان للمعصومین (علیهم السلام) من صلاحیات. و هذا هو ما یرمی الیه مصطلح «ولایة الفقیه المطلقة».
ان إطلاق ولایة الفقیه یکون على مستویین:
1- على مستوى من له ولایة علیهم (مولی علیهم).
2- على مستوى الأمور التی له الولایة فیها.
أما فی المستوى الأول فإن للفقیه ولایة على أفراد المجتمع الإسلامی فرداً فرداً، المسلم منهم و غیر المسلم، و المجتهد و العامی، و علی مقلدیه و علی المجتهدین الاخرین بل و على نفسه أیضاً، و إذا ما أصدر حکماً طبقاً للمعاییر، فعلى الجمیع بما فیهم بقیة الفقهاء و الولی نفسه أن یعملوا به.
و على المستوى الثانی فإن للفقیه ولایة فی کل الشؤون الاجتماعیة و بإمکانه أن یصدر فیها أحکاماً حسب ما هو موجود من معاییر فی خصوص هذه الأمور، و إذا ما حکم فیجب على الجمیع طاعته.
و حیث ان ولایة الفقیه مستمدة من الشارع المقدس فإنه یجب علیه العمل حسب الإطار الذی وضعته الشریعة فی شتى المجالات.
لذا فهو ملتزم بمراعة المصلحة فی الأحکام غیر الالزامیة، و هو فی الاحکام الالزامیة مسؤول عن مراعاة شروط التزاحم.
بالاضافة الى ضرورة التزام الفقیه بکل ما دخل فی الإسلام الى مختلف مجالات الفعل الاجتماعی الانسانی، و الذی جرت تسمیته فی نظریة الفکر المدون «المذهب» و «النظام» و أن یسعى الى تجسید أنظمة الاسلام الاقتصادیة، التربویة، الاجتماعیة... الخ، فی المجتمع. و ما هذا إلا تحدیدا آخر لصلاحیات الفقیه من قبل الشارع.
تنص أدلة «ولایة الفقیه» علی أن الفقیه هو الذی یقود المجتمع الإسلامی و ینوب عن الأئمة المعصومین (علیهم السلام) فی زمن الغیبة. و من هذا المنطلق فلولایة الفقیه الصلاحیات اللازمة لقیادة المجتمع و إدارته و لها ما یعده العقلاء حقاً من صلاحیات القائد و ما کان للمعصومین (علیهم السلام) من صلاحیات.
هذا ما یدل علیه إطلاق الأدلة اللفظیة، ولا سیما التوقیع الشریف.
و هذا ما یسمی «ولایة الفقیه المطلقة» و فی مقابلها «ولایة الفقیه المقیدة».
«الإطلاق» یعنی عدم وجود قید و هو مفهوم عکس مفهوم «التقیّد»، و یکون إطلاق ولایة الفقیه على مستویین:
1- على مستوى من له ولایة علیهم (مولی علیهم).
2- على مستوى الأمور التی له الولایة فیها.
أما فی المستوى الأول فإن للفقیه ولایة على أفراد المجتمع الإسلامی فرداً فرداً، المسلم منهم و غیر المسلم، و المجتهد و العامی، و علی مقلدیه و علی المجتهدین الاخرین بل و على نفسه أیضاً، و إذا ما أصدر حکماً طبقاً للمعاییر، فعلى الجمیع بما فیهم بقیة الفقهاء و الولی نفسه أن یعملوا به.
و یدل على ذلک کما أشرنا من قبل، إطلاق أدلة الولایة اللفظیة [1] بالاضافة الى ذلک فإن هذه الأمور من اللوازم العقلیة للحکم و القیادة.
و فی مقابل هذا الرأی اعتقد البعض بأن «ولایة الفقیه» تنحصر فی دائرة «القصر»[2] بسبب تعاملهم مع کلمة الولایة بمعنی القیومة و الرعایة حیث یکون المولی علیه فی هذه الحالة عاجزاً عن إدارة أموره الشخصیة ولا یمیز بین ما ینفعه و ما یضره. بینما هنالک استعمالان لمفردة «الولایة» فی الفقه.
و فی استعمال واحد منهما و حسب یراد بالمولی علیه الشخص العاجز، أما الاستعمال الثانی أی ولایة الفقیه بمعنی الحکم، فلیس ثمة إشارة الى أمر کهذا[3].
إذن فإن «ولایة الفقیه» لا یشترط فیها عجز المولی علیهم، حتى یدعی البعض أن «الجمهوریة الإسلامیة تحت سلطة ولایة الفقیه تمثل تعبیرا ًینطوی على تناقض»[4].
بل تثبت ولایة الفقیه بمعنی الزعامة و الحکم، مع الاعتراف بکمال المولی علیهم و عدم عجزهم، لأن إدارة أمور المجتمع غیر ممکنة بدونها.
و من هنا فإن سائر الفقهاء مرغمین على طاعة حکم الفقیه المتصدی للأمور، رغم أنهم حاصلون على مرتبة الولایة – طبق نظریة التعیین الموافقة للرأی المشهور و الصحیح – فلو کانت طاعتهم هذه بسبب قصورهم و عجزه، فکیف شملتهم أدلة ولایة الفقیه؟
و على المستوى الثانی فإن للفقیه ولایة فی کل الشؤون الاجتماعیة و بإمکانه أن یصدر فیها أحکامآً حسب ما هو موجود من معاییر فی خصوص هذه الأمور، و إذا ما حکم فیجب على الجمیع طاعته. و الدلیل على ذلک إطلاق الأدلة اللفظیة و ضرورة الولایة و الزعامة فیما یتصل بهذه الأمور.
و حیث ان ولایة الفقیه مستمدة من الشارع المقدس فإنه یجب علیه العمل حسب الإطار الذی وضعته الشریعة فی شتى المجالات.
لذا فهو ملزم بمراعاة المصلحة فی المباحات الشرعیة – أی ما لیس من الأمور الواجبة ولا المحرمة، حتى لو کان من المستحب أو المکروه – و یکون «وجود المصلحة» معیارا ًلتنفیذ ولایته .
فإذا وجد نفع فیه للمجتمع أو للنظام الإسلامی أو لمجموعة من الناس، فللفقیه الأمر أو النهی فیه استناداً لذلک النفع، تماماً کما یقوم الأشخاص بأداء اعمالهم الشخصیة فی إطار المباحات بما تقتضیه مصلحتهم. و أفضل دلیل على ذلک الآیة الشریفه (النبی اولی بالمؤمنین من أنفسهم)[5].
ثم نضیف الى هذا دلیل ولایة الفقیه، لأن الآیة تدل على أن النبی (صلی الله علیه و آله) أحق بالمؤمنین من أنفسهم. فإذا کان بإمکانهم القیام بشیء أو ترکه کما یحلو لهم فالنبی (صلی الله علیه و آله) أحق بأن یأمرهم أو ینهاهم عنه[6]، و قد أثبتت أدلة ولایة الفقیه على أن ما للنبی (صلی الله علیه و آله) و الأئمة (علیهم السلام) فهو للفقیه،إذن فهو قادر على القیام بالشیء ذاته[7].
ولأجل تحدید المصلحة فی الأمور فلابد من جهة من أخذ المعاییر الشرعیة بنظر الأعتبار،و من جهة اخرى یجب الرجوع الى مجموعة من الخبراء فی العلوم البشریة لیصادقوا على وجود المنفعة الموضوعیة فی تلک الأمور.
و هکذا فلا بد للفقیه خلال تنفیذ ولایته من الاستعانة بمختلف الخبراء و المختصین من أجل تحدید المصالح.
إذا أراد الفقیه ممارسة ولایته فی دائرة الأمور التی اصدر الشارع فیها حکماً إلزامیاً – کالوجوب أو الحرمة – و یحکم بما یخالف حکم الشارع أباحة أو منعاً، فهذا منوط برعایة ضوابط «التزاحم». و «التزاحم» حالة یجتمع فیها إلزامان شرعیان و یستحیل فیها الامتثال لهما معاً، و یکون العمل بأحدهما سبباً لعصیان الآخر.
فهنا یجب الامتثال للأمر الأهم و التضحیة بالأمر الثانی – مع انه مهم فی حد ذاته – فی سبیل العمل بالأول.
و تقع مهمة تحدید التزاحم و الأهم و المهم فی الأمور الفردیة، على عاتق الأشخاص أنفسهم، أما فی الأمور الاجتماعیة فلا بد على القائد أن یتخذ قراراً بهذا الشأن و یجب على جمیع الأفراد طاعته. و عادة ما یذکر المثال فیما یتصل بالتزاحم فی الأمور الفردیة:
إذا مر أحدهم بجوار منزل شخص آخر فشاهد طفلاً یغرق فی مسبح البیت، سیواجه حینها واجبین لا یمکنه طاعتهما معاً فی الوقت نفسه:
1- إنقاذ الطفل من الغرق.
2- عدم دخول منزل شخص آخر بلا إذن مسبق. فلا بد له هنا من تقدیم الأهم و هو إنقاذ حیاة الطفل، على المهم أی عدم دخول منزل الاخرین دون إذن مسبق.
و فیما یتعلق بالتزاحم فی الأمور الاجتماعیة بإمکاننا ذکر المثال التالی: لنفرض أن البلاد مرت بقحط و أزمة فی المواد الغذائیة و إذا ما لم تحل المشکلة فسوف یموت عدد کثیر من الناس و یؤدی ذلک الى تعریض النظام الإسلامی الى خطر. و من جهة اخرى تتوفر فی البلاد مصادر غذائیة محرمة کالسمک الذی لا فلس له، و یمکن الخروج من الإزمة لو قمنا بتحلیله. فتقع على الحکومة الإسلامیة هنا مسؤولیتان:
1- وجوب حفظ النظام.
2- حرمة أکل السمک الذی لا فلس له.
فسوف یتم ترجیح الأهم أی حفظ النظام، على الأقل أهمیة، أی حرمة أکل السمک الذی لا فلس له، و تعلن حلیة أکل هذا السمک.
و فی هذه الحالة سوف یحل لجمیع الناس أکل هذا النوع من السمک. و بالطبع فالتزاحم هنا لا یتحقق إلا مع عدم وجود أی حل آخر لمشکله المجاعة إلا إعلان حلیة السمک.
و فی هذا الإطار فإن الأحکام الصادرة فی حالات التزاحم تظل ساریة الى حین بقاء ظروف التزاحم هذه، و حین زوالها تلغی و یجب الرجوع الى الحکم الأول.
لذا فعلى الفقیه رعایة المصلحة فی الأحکام غیر الالزامیة، و علیه رعایة ظروف التزاحم فی الاحکام الالزامیة.
بالاضافة الى ضرورة التزام الفقیه بکل ما دخل فی الإسلام الى مختلف مجالات الفعل الاجتماعی الانسانی،و الذی جرت تسمیته فی نظریة الفکر المدون «المذهب» و «النظام»[8] و أن یسعى الى تجسید أنظمة الاسلام الاقتصادیة، التربویة، الاجتماعیة ...الخ، فی المجتمع. و ما هذا إلا تحدیدا آخر لصلاحیات الفقیه من قبل الشارع.
لمزید من التفصیل لاحظ:
1. هادوی تهرانی، ولایت و دیانت، مؤسسه فرهنگی خانه خرد، قم، الطبعة الثانیة، 1380.
[1]- الموضوع: أدلة ولایة الفقیه.
[2]- القصر جمع قاصر، بمعنی الشخص العاجز عن إدارة أموره الشخصیة.
[3]- الموضوع: مفهوم ولایة الفقیه.
[4]- لاحظ: مهدی الحائری الیزدی، حکمت و حکومت، ص 216.
[5]- الأحزاب، 6.
[6]- الموضوع: أدلة ولایة المعصومین(علیهم السلام).
[7]- الموضوع: أدلة ولایةالفقیه.
[8]- الموضوع: الاسلام و نظریة الفکر المدون.