یری الإسلام حرمة أخذ و إعطاء الرشوة و الوساطة فیها بأی شکل من الأشکال و لأی شخص کان. سواء کانت لإحقاق الحق أو لابطال الباطل و سواء کانت لإحقاق الباطل أو لابطال الحق، و سواء کانت من أجل أصل العمل أو من أجل التسریع فیه، و سواء کانت تستلزم اضاعة حقوق الآخرین أو لم تستلزم، و سواء کانت من دون واسطة أو مع الواسطة، الا ان یکون طریق احقاق الحق و عدم ضیاعه منحصراً بدفع الرشوة.
و بناء علی هذا فدفع الرشوة من قبل المحامی من أجل التقلیل من صعوبة استحصال المستند حرام، لکن المستند المستحصل عن هذا الطریق صحیح و لا یبطل بدفع الرشوة.
من الطرق اللامشروعة و المحرّمة فی تمشیة الأعمال و الوصول الی الأهداف هو دفع الرشوة. و الرشوة هی عبارة عن دفع خدمات أو مال منقول أو غیر منقول أو قطعة نقدیة الی شخص موظّف بأداء عملٍ ما(و یأخذ حقه مقابل أداء العمل من بیت المال أو المؤسسات و الشرکات) لأجل فعل أو التسریع فی أداء ذلک العمل أو اثبات الباطل و اظهاره بمظهر الحق. و بعبارة اخری: یمکن أن یکون لثلاثة اطراف دور فی تحقق الرشوة:1. الراشی 2.المرتشی 3. الذی یکون واسطة بینهما(الماشی بینهما).
و فی الروایة التی وردت فی ذم الرشوة ذکر لعن الأطراف الثلاثة (الراشی و المرتشی و الماشی بینهما).[1]
و حول حکم الرشوة یقول الامام الخمینی ره: أخذ الرشوة و إعطاؤها حرام إن توصل بها إلى الحکم له بالباطل، نعم لو توقف التوصل إلى حقه علیها جاز للدافع و إن حرم على الآخذ، و هل یجوز الدفع إذا کان محقا و لم یتوقف التوصل إلیه علیها؟
قیل: نعم، و الأحوط الترک، بل لا یخلو من قوة، و یجب على المرتشی إعادتها إلى صاحبها من غیر فرق فی جمیع ذلک بین أن یکون الرشاء بعنوانه أو بعنوان الهبة أو الهدیة أو البیع المحاباتی و نحو ذلک.[2]
و علی هذا الأساس یمکن دراسة القضیة المترافع فیها فإن صدق علیها الاستثناء جاز دفع ذلک و إلا فلا.
نقول: یحرم دفع الرشوة و أخذها.[3] و لا یختلف الحال فی حرمة أخذ الرشوة بین ان تؤخذ من شخص مسلم أو من کافر محترم المال.[4] و إذا أخذ الشخص شیئاً من آخر بعنوان انه رشوة فإنه لا یملکه و یجب علیه ردّه الی صاحبه.[5]و لا یجوز له التصرف فی ذلک المال.[6]
و لکن دفع الرشوة یجوز فی حالة واحدة فقط و هی ان یکون الشخص صاحب حق و لکن لا یمکنه الحصول علی حقه بأی طریق سوی دفع الرشوة.[7]
و لکن حتی فی هذه الحالة أیضاً لا یجوز للطرف المقابل أخذ الرشوة، فلا تخرج عن الحرمة. و بعبارة اخری: أخذ الرشوة حرام فی جمیع الصور سواء کانت لإحقاق الحق أو لابطال الباطل و سواء کانت لإحقاق الباطل أو لابطال الحق.[8] فلا یجوز فی أی مورد من الموارد و لأی موظّف أن یأخذ الرشوة من أجل احقاق الحقوق المسلّم بها، و ان کان یجوز دفع الرشوة.[9]
و لا یختلف الحال فی حرمة دفع الرشوة بین دفعها مباشرة أو مع الواسطة، حیث ان الحدیث المذکور قد لعن الوسیط فی دفع الرشوة کما لعن الراشی و المرتشی.[10]
وکذلک لا یجوز دفع الرشوة و أخذها حتی لو لم تسبّب مشاکل و مضایقات للآخرین، فضلاً عمّا لو أوجبت مضایقات للآخرین من دون استحقاق.[11]
و بناء علی هذا فالمورد المذکور فی السؤال فی جمیع صوره سواء أعطی المحامی الرشوة من مال صاحب الأرض أو من ماله هو فهو حرام، الا إذا کان احقاق حق الموکّل منحصراً بإعطاء الرشوة ففی هذه الصورة یکون من الإستثناءات فلا یکون حراماً. و علی أیّ حال (حرمة الرشوة و عدم حرمتها) فان ثمن بیع الأرض حلال لصاحبها.
یقول السید الخامنئی فی جواب هذا السؤال: یمنح بعض المتعاملین مع المصرف لموظفیه أموالًا مقابل الإسراع فی إنجاز أعمالهم و تقدیم خدمات أفضل لهم، علماً أنه لو لا قیام الموظف بذلک لما کان المتعامل یعطیه شیئاً من المال، فما هو حکم أخذه للمال فی هذه الحالة؟
ج: لا یجوز للموظف أن یأخذ شیئاً من المتعاملین مقابل إنجازه لعملهم الذی استُخدم من أجل القیام به، و الذی یأخذ الراتب فی مقابله، کما أنه لیس للمتعاملین مع البنک تطمیع الموظفین بمنحهم شیئاً من النقد أو غیره مقابل إنجازهم لطلباتهم لما فی ذلک من الفساد. [12]
[1]النوری، المیرزا حسین، مستدرک الوسائل، ج 17، ص 355؛ المجلسی،محمد باقر، بحار الأنوار،ج 101، ص 412.
[2] تحریر الوسیلة، ج2، ص: 406، مسألة 6.
[3] الإمام الخمینی، توضیح المسائل المحشی، ج 2، ص 913؛ بهجت،محمد تقی، جامع المسائل، ج 2، ص 412؛ الخامنئی، السید علی، اجوبة الإستفتاءات، ص 273.
[4]توضیح المسائل المحشی للإمام الخمینی، ج 2، ص 913.
[5]نفس المصدر، و اجوبة الإستفتاءات، ص273.
[6]اجوبة الإستفتاءات، ص273.
[7]توضیح المسائل المحشی للإمام الخمینی،ج 2، ص 983.
[8]نفس المصدر.
[9] السیستانی، السید علی، منهاج الصالحین، ج 2، ص 16؛ الفاضل،محمد، القضاء و الشهادات،ص 33.
[10]النوری، المیرزا حسین، مستدرک الوسائل، ج 17، ص 355؛ المجلسی،محمد باقر، بحار الأنوار،ج 101، ص 412..
[11]توضیح المسائل المحشی،ج 2، ص 983، اجوبة الإستفتاءات ، ص274.
[12]أجوبة الاستفتاءات (بالعربیة)، ج2، ص: 26.