إن هذا النوع من المسموعات من مصادیق الحرام، و علیه یتوجب علیه تکلیفان:
1ـ الموقف من السائق.
2ـ التکلیف بالنسبة إلى السماع و عدمه.
اما بالنسبة الی الاول:
من البدیهی أن مثل هذا الغناء یندرج تحت عنوان المنکر کما أنه مشمول بعنوان النهی عن المنکر.
ومن الواضح أن الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر مع توفر بشروط معینة، واجبٌ و ترکه معصیة، لکنه مستحب فی الامور المستحبة و المکروهة.
کذلک الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر واجبٌ کفائی، و فی حال قیام البعض به یسقط عن الآخرین. و إذا کان الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر متوقفاً على اجتماع عدد من المکلفین فمن الواجب أن یجتمعوا.
من هنا اذا کانت شروط الامر بالمعروف و النهی عن المنکر متوفرة یجب علیک القیام به و الا فلا.
أما بالنسبة إلى التکلیف الثانی «و هو الاستماع و عدم الاستماع». فإن الواجب هنا هو الابتعاد و عدم الاستماع حتى لو تطلب ذلک ترک المکان و الترجل من المرکبة «مع عدم الوقوع فی المشقة و الحرج» أو البقاء مع وضع شیءٍ فی الأذن، أو عدم الانتباه و تجاهل الاستماع أو أی طریقة تصرفک عن الاستماع و الانشغال بمثل هذا الصوت.
کما شخصتم فإن هذا النوع من الغناء و الإنشاد یعتبر مصداقاً من مصادیق الحرام، و علیه فاجتنابه واجب[1]. و هنا یتوجه إلیکم تکلیفان:
1ـ نهی السائق عن مثل هذا الفعل «من باب النهی عن المنکر».
2ـ الثانی هو عدم الاستماع إلى هذه الموسیقى.
أما الأول:
من البدیهی أن هذه الموسیقى مصداقٌ من مصادیق المنکر و علیه تکون مشمولة بعنوان فریضة النهی عن المنکر. و أن الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر واجبٌ بالشروط التی سوف یشار إلیها و أن ترک هذه الفریضة یعد معصیة. کما أن هذا التکلیف یکون مستحباً فی الامور المستحبة.
کما أن الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر واجبٌ کفائی، و فی حالة قیام بعض المکلفین به فإنه یسقط عن الآخرین، و إذا کان الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر متوقفاً على اجتماع عدة معینة من المکلفین فإن اجتماعهم یصبح واجباً.
و هناک عدة شروط من اللازم توفرها بالنسبة إلى النهی عن المنکر.
شروط الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر:
الأول: أن یکون الذی یأمر و ینهى عارفاً بأن ما اقترفه المکلف یعد من الامور المخالفة للشریعة.
الثانی: أن یکون لدیه احتمال بوجود تأثیر الأمر و نهیه. و أما إذا کان على علم بأن کلامه لا أثر له فلا یجب علیه.
الثالث: أن یعلم أن الشخص یکرر المعصیة و یصر علیها. و أما إذا کان یعلم أو یظن أو یحتمل احتمالاً صحیحاً أن الشخص لا یکرر المنکر فلا یجب علیه النهی فی هذه الحالة.
الرابع: أن لا تکون فی الأمر و النهی مفسدة. و أما إذا کان یعلم أو یحتمل وجود المفسدة کالخطر على النفس و المال أو ماء الوجه فلا یکون الأمر و النهی واجباً. بل إذ کان یخاف من وصول الضرر إلى المتعلقین به فلا یجب علیه الأمر و النهی. بل حتى احتمال الضرر فی النفس و المال و ماء الوجه الموجب لإحراج بعض المؤمنین له مدخلیة فی عدم وجوب هذه الفریضة، بل یکون الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر حراماً فی بعض المواطن[2].
مراتب الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر:
توجد عدة مراتب لأمر بالمعروف و النهی عن المنکر. فمع تحقق المطلوب بالمرتبة الدنیا لا یجوز تخطیها إلى المراتب الأخرى.
المرتبة الأولى: العمل مع الشخص المذنب بطریقة یفهم من خلالها إنکار ما هو علیه، کالنظر إلیه بوجه مکفهر أو الإعراض عنه أو مقاطعته بحیث یفهم أن هذا السلوک بسبب ارتکابه المعصیة.
الثانیة: الأمر و النهی باللسان، أی أنه یجب الأمر و النهی بما یجب فعله و ما یجب ترکه مع مراعاة الشروط المتقدمة.
الثالثة: التوسل بالقوة و الإجبار، و ذلک مع العلم بأن العاصی لا یقلع عن المعصیة و لا یأتی بالواجب إلا مع القوة و الإجبار أو یحصل اطمئنان بذلک، یجب استعمال القوة و لکن إلى حدود معینة.
کما لو توقف الإقلاع عن المعصیة بالحبس مثلاً أو المنع من دخول مکان معین، فإن ذلک یکون واجباً مع مراعاة الحدود اللازمة و عدم تجاوزها.
و أما إذا کان الإقلاع عن المعصیة متوقفاً على الضرب أو التضییق علیه و أن مثل هذا العمل یؤدی إلى توقفه و امتناعه فمن الجائز أن یمارس بحقه مثل هذا الإجراء، و لکن لا بد من الحذر و عدم تجاوز الحدود المعقولة، و الأفضل أخذ الإذن من المجتهد الجامع للشرائط فی مثل هکذا أعمال[3].
و قد سُئل قائد الثورة عن جواز هذه الأعمال لمنع العاصی و إجباره على الإقلاع بواسطة الضرب أو الحبس أو التصرف بأمواله أو منعه من دخول بعض الأماکن، فأجاب:
لهذا الموضوع حالات و موارد مختلفة، و على العموم فإن مراتب الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر إذا لم تتوقف على التصرّف فی نفس أو مال فاعل المنکر فلا تحتاج إلى الإذن من أحد، بل إن هذا مما یجب على جمیع المکلَّفین؛ و أما الموارد التی یتوقف فیها الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر على مؤنة زائدة على الأمر و النهی اللسانی، فإن کان ذلک فی بلد یسوده نظام و حکم إسلامی مهتم بهذه الفریضة الإسلامیة فالأمر حینئذ موکول إلى إذن الحاکم و إلى المسئولین المختصین و إلى قوات الشرطة المحلیة و المحاکم الصالحة.[4].
و أما إذا توقف الأمر و النهی على القتل و الجرح فلا یجوز ذلک إلا بأخذ الإذن من المجتهد الجامع للشرائط[5].
المحصلة:
مع الأخذ بنظر الاعتبار الشروط الواجب مراعاتها بالنسبة إلى فریضة الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر فإن هذه الفریضة واجبة مع مراعاة المراتب، هذا بالنسبة إلى التکلیف الأول.
أما التکلیف الثانی «بالنسبة للاستماع و عدمه»:
و التکلیف هو الاجتناب[6] بکل وسیلة ممکنة کالترجل من السیارة «مع عدم المشقة و الحرج» أو وضع شیء فی الأذن یمنع السماع أو بالإعراض و عدم الاعتناء بحیث لا تکون أسیر هذا الصوت و لا یخرجک عن اهتمامک بنفسک.
[1] میر لوحی، السید محمد هادی، إعلام الأحباء فی حرمة الغناء فی القرآن و الدعاء، محقق و مصحح، صادقی، محسن، نشر ـ مرصاد، 1418 هـ ق، الطبعة الأولى، قم؛ دارابی، محمد، مقامات السالکین، محقق و مصحح، نبوی، سید جعفر، نشر مرصاد، 1418 هـ ق، الطبعة الأولى، قم؛ مختاری، رضا و صادقی، محسن، الغناء، الموسیقى، مکتب الإعلام الإسلامی، الطبعة الأولى، قم المقدسة.
[2] توضیح المسائل «المحشى للإمام الخمینی»، ج2، ص756 و 757، ملحقات رسالة الإمام الخمینی بحاشیة الآیات العظمى فاضل لنکرانی و نوری همدانی.
[3] توضیح المسائل «المحشى للإمام الخمینی»، ج2، ص: 762، مسألة 2823.
[4] أجوبة الاستفتاءات «بالفارسیة»، ص: 230، س 1055.
[5] توضیح المسائل «المحشى للإمام الخمینی»، ج2، ص 760، 761، 762.
[6] میر لوحی، السید محمد هادی، إعلام الأحباء فی حرمة الغناء فی القرآن و الدعاء، محقق و مصحح، صادقی، محسن، نشر ـ مرصاد، 1418 هـ ق، الطبعة الأولى، قم؛ دارابی، محمد، مقامات السالکین، محقق و مصحح، نبوی، سید جعفر، نشر مرصاد، 1418 هـ ق، الطبعة الأولى، قم؛ مختاری، رضا و صادقی، محسن، الغناء، الموسیقى، مکتب الإعلام الإسلامی، الطبعة الأولى قم المقدسة.