ان من یتعرض لنبی الإسلام المکرّم(ص) بالاساءة و یؤذی بعمله القبیح هذا ملایین الناس، فهو یستحق القتل. ان أعداء الإسلام و لأجل أن یصلوا الی أهدافهم المشؤومة مثل: ایجاد الفرقة بین المسلمین و المنع من انتشار الإسلام و ازالة مانع من طریقهم اسمه الدین، لجأوا الی إهانة و انتقاص المقدّسات الإسلامیة. ان الحفاظ علی الوحدة و المعرفة العمیقة بثقافتنا الإسلامیة و محو الخرافات عن وجه الدین و استخدام الوسائل المتنوعة للتعریف بالدین الإسلامی، تعدّ من الحلول المهمّة فی الدفاع أمام هجوم الأعداء.
نشهد و للأسف بین فترة و أخری الهجوم الثقافی للغرب فی إطار إهانة المقدسات الإسلامیة. فإهانة القرآن و الإسلام و رسوله، و الإهانة لتعالیم الإسلام و أعیان العالم الإسلامی هی من مصادیق و النماذج البارزة لهذه الاهانات و التجاوزات. و تحصل هذه الإهانات عن طریق وسائل متنوعة؛ مثل الکتب و الصحف، الافلام، المحاضرات، الکاریکاتیر، بملاحظة ما یمتلکونه من وسائل إعلام ضخمة و واسعة فإنهم یقومون بهجوم منظّم و شامل ضدّ الإسلام و المسلمین. و یسعی الغرب فی هذه البرامج الی أن یظهر الإسلام و یصفه بأنه دین إرهاب و مربّ للإرهابیین و انه دین العنف و هو یخالف الحرّیات و مستبدّ بعیدا عن المنطق، و ذلک من أجل أن یصل فی ظلّ هذه الاتهامات الباطلة الی أهدافه المشؤومة. و الحال ان نفس هذه الإهانات الوقحة و غیر الإنسانیة دلیل علی عدم منطقیة القائلین بها و علی استکبارهم و تعنّتهم.
الحکم الفقهی لإنتقاص الرسول الأکرم(ص)
من الجرائم الخاصة فی الحقوق الإسلامیة: سبّ النبی. و السبّ عبارة عن الشتم و التلفظ بالفاظ بذیئة و مخالفة للأخلاق الإنسانیة. و إذا کان مورد السبّ هو نبی الإسلام(ص) أو أحد أئمة الشیعة، فإن حکم السّاب هو القتل.[1] و من هنا فقد أصدر الإمام الخمینی(ره) حکم قتل سلمان رشدی. و قد ذکر المحقق الحلّی فی کتاب شرائع الإسلام:"من سبّ النبی(ص) جاز لسامعه قتله ما لم یخف الضرر علی نفسه أو ماله أو غیره من أهل الإیمان و کذا من سبّ أحد الأئمة(ع)".[2]
أهداف العدوّ من إهانة المقدسات الإسلامیة
و لأجل مواجهة هذا الهجوم الثقافی یجب أولاً التعرّف علی أهداف هؤلاء من هذه الهجمات لکی نتمکّن من التخطیط للدفاع المناسب. و من الأهداف المهمة لهؤلاء فی هذه الإهانات یمکننا الإشارة الی الموارد التالیة:
1. عرض صورة مشوّهة للإسلام للمنع من انتشاره فی الغرب:
ان انتشار الإسلام فی الغرب یتنامی بشکل ملحوظ، فوسائل الإعلام الغربیة تعلن بأنه خلال العقود الآتیة فإن المسلمین فی بعض الدول الغربیة و الذین یعتبرون الآن من الأقلیّات الدینیة سوف یتحوّلون الی أکثریة. و یشعر بعض قادة الغرب بالخوف من خطر المیول نحو الإسلام فی الغرب و هم یفکرون فی الحلول لمنع تنامی المیول الإسلامیة. و قد توهّموا بزعمهم انهم یستطیعون عن طریق عرض صورة مشوّهة عن الإسلام ان یقلّلوا من جذّابیة الإسلام و بالتالی یحدّوا من الانتشار السریع للإسلام فی الغرب، و ذلک بالاستعانة بوسائل الإعلام و الأساطیل الإعلانیة الضخمة التی یمتلکونها.(یریدون لیطفئوا نور الله بأفواههم و یأبی الله الّا أن یتم نوره و لو کره الکافرون).[3]
2. ایجاد الاختلاف و الفرقة بین المسلمین:
کان الکفّار یلاحظون دوماً انه کلّما التجأ المسلمون الی التضامن و الاتّحاد فیما بینهم، فإنهم لا یتمکنون من السیطرة علیهم و لذا فقد جعلوا شعارهم الأول (فرّق تسُد) لکی یشغلوا المسلمین بأنفسهم دوماً من أجل أن یبقوا ضعفاء و متخلّفین و لا یفکّرون أیضاً فی ایصال الإسلام الی الدول الغربیة، و قد غفلوا عن أن مثل هذه الإهانات الوقحة سوف تؤدّی الی زیادة التلاحم و الاتحاد بین جمیع الفرق الإسلامیة.
3.عرض صورة مشوّهة عن الإسلام للمسلمین أنفسهم:
یسعی أعداء الإسلام عن طریق عرض صورة مشوّهة و غیر واقعیة عن الإسلام للمسلمین أنفسهم الی أن یجعلوهم یسیئون النظر الی دینهم و یفصلوهم عن إسلامهم. و یستغلّون عدم معرفة المسلمین بدینهم فیعرضون الإسلام للمسلمین بالصورة التی هم یریدونها و ذلک باستخدام الوسائل الإعلامیة المتطوّرة التی یمتلکونها. و بالطبع فإن الأعداء دوماً یعرضون اسلاماً لا یتعارض مع مصالحهم.
4. مکافحة الأدیان الإلهیة باعتبارها مانعاً کبیراً من تحقق أهدافهم المشؤومة: ان الدین الوحید الیوم الحّی و الموجود فی کل العالم هو الدین الإسلامی، و علی الرغم من انه یجب فی الإسلام الإیمان بجمیع الأنبیاء(ع) مثل الإیمان بالنبی الخاتم(ص)، و لکن خصوصیة النبی الخاتم(ص) باعتباره آخر نبی له دین کامل و جامع لجمیع الأدیان الإلهیة، و هو الدین الذی لم یبل بتقادم القرون و لم یقع مورداً للتغییر و التحریف، و لیس فقط هو حی بل هو محیی جمیع الأنبیاء(ع) و الأدیان السابقة.[4]
ان المستکبرین و الطواغیت یرون تعالیم القرآن و خصوصاً التعالیم الإجتماعیة للإسلام مثل الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر و القضاء علی الظلم و الجور و إقرار العدالة العالمیة، مانعاً کبیراً أمام طغیانهم و تجبّرهم، و لهذا نراهم یسعون جاهدین الی إبعاد هذا الدین أیضاً عن ساحة حیاة البشر- و علی الأقل عن الحیاة الإجتماعیة- و تحویله الی دین بلاروح لکی لا یزاحم فسادهم. و بناء علی هذا فهؤلاء لا یعارضون الأدیان التی لا تضایقهم.
طرق مقابلة إهانة المقدّسات:
1. الانسجام و التضامن بین الفرق و المذاهب الإسلامیة المختلفة:
ان انسجام و تضامن الفرق و المذاهب الإسلامیة المختلفة و اتّخاذ موقف واحد عریض یؤدّی الی فشل هؤلاء فی الوصول الی أهدافهم. و یجب علی شخصیّات و علماء العالم الإسلامی خصوصاً ان یتجنّبوا أی حدیث یثیر الخلافات، حیث إنهم هم القادة الفکریّون فی مجتمعاتهم.
2. إزالة الخرافات من أوساط المجتمع الإسلامی:
ان الأعداء جعلوا بعض الخرافات و الامور الضعیفة الواهیة التی أورد البعضها – عن عمد او جهل - فی المصادر الإسلامیة أو دخلت فیما بین المسلمین، ذریعة و متمسّکاً لمثل هذه الإهانات. و لهذا فمن الضروری تهذیب و تنقیة المصادر الإسلامیة و سلوک المسلمین بنفسهم. فإن أعداء الإسلام یقومون بتضخیم الأخطاء الصغیرة و یجعلوها أمام مرآی و حکم الآخرین و بناء علی هذا یجب علینا أن نسرع فی إزالة هذا الخلل و الانحراف قبل أن یطّلع الغرباء علی عیوبنا و نقائصنا.
3. زیادة المطالعة من أجل التعرّف علی الثقافة الإسلامیة:
ان عدم معرفة المسلمین بالثقافة الإسلامیة یهیّئ الأرضیة لأن یعرض الغرب صورة مشوّهة للإسلام.
4. حوار الأدیان:
ان حوار الأدیان و تحسین العلاقة بین المسلمین و غیرهم و التعایش السلمی هی من أکثر العوامل تأثیراً فی الممانعة من هتک حرمة مقدسات الأدیان. ان حوار الأدیان و خصوصاً الأدیان التوحیدیة یمکنه أن یلعب دوراً مؤثراً فی إقرار الصلح و المعرفة الصحیحة لأتباع الأدیان المختلفة بالنسبة الی بعضهم البعض، و یؤدی بالنتیجة الی المنع من کثیر من الأحکام المسبقة و من استغلال المصلحیین و النفعیین.
5. استخدام الأسالیب المتنوعة للتعریف بالإسلام الأصیل:
ان ضعف المسلمین فی عرض التعالیم الإسلامیة الصحیحة الی العالم قد وفّر الأرضیة لإهانة المقدسات الإسلامیة. و للأسف فإن کثیراً من المسلمین الذین یعیشون بیئات غیر اسلامیة، یتعرّفون علی آداب و تقالید دینهم عن طریق المستشرّقین و خبراء الإسلام الغربیین، و من الواضح أن هؤلاء لا یمکنهم و لا یریدون أن یعرّفوا الإسلام للمسلمین کما ینبغی. و علیه فیجب علی المسلمین أن یتجهّزوا بالوسائل المتنوعة و یدخلوا الی عالم الاتّصالات بنتاجات ثقافیة مناسبة.
و حین ینتبه المسلمون و باقی الناس فإن مثل هذه الإهانات لا یکون لها ضرر علی الإسلام و المجتمع الإسلامی و لیس ذلک فحسب بل ستؤدّی الی هزیمة الأعداء و من ارتکبوا هذه الإهانات.
[1] تحریر الوسیلة، ج 2، ص 477.
[2] المحقق الحلّی، شرائع الإسلام، ج 8، ص 58، طبعة بیروت، لبنان 1409 ق.
[3] التوبة، 32.
[4] لاحظ: السؤال 1729 (کد الموقع: 1771).