کد سایت
fa4410
کد بایگانی
6240
التسميات
المرأة|سورة النور|الستر|حجاب|تفسیر
خلاصة السؤال
ما تفسیر الآیات 30 و31 من سورة النور؟
السؤال
أرجو منکم أن تذکروا توضیحاً للآیات 30 و31 من سورة النور، أي أن تشرحوا التفاسیر الواردة حول هاتین الآیتین فإني بحاجة الی ذلک في التحقیق الذي أقوم به.
الجواب الإجمالي
هاتان الآیتان واردتان في حجاب النساء و حدوده، و حیث أن تفسیر الأمثل هو خلاصة و تجمیع من تفاسیر متعددة فإننا ننقل تفسیر هاتین الآیتین من تفسیر الأمثل.
الجواب التفصيلي
ورد في الکتاب القیّم "تفسیر الأمثل" في تفسیر هذه الآیات: جاء في کتاب الکافي حول سبب نزول أول آیة من الآیات السابقة عن الإما الباقر(ص) إن شاباً وقع نظره علی امرأة في الطریق فسلبت لبه (کانت النسوة یرمین اذیال الخمار خلف یاقة الثوب فیظهرن جزءاً من الصدر و الرقبة) فلم ینتبه هذا الشاب الی طریقه فارتطم وجهه بجدار زقاق ضیّق برزت فیه قطعة زجاج أو عظم فشقت وجهه و نزف الدم علی ملابسه فآلمه ذلک فأقسم أن یخبر الرسول(ص) بما جری له و حین أخبر النبي(ص) بهذه الواقعة نزل جبرئیل(ع) بالوحي و قرأ علی الرسول(ص) الآیة "قل للمؤمنین یغضّوا م أبصارهم ..."
التفسیر: مکافحة التلصص و نزع الحجاب
قلنا في البدایة إن هذه السورة في الحقیقة قد اختصت بالعفة و الطهارة و التطهیر من جمیع الانحرافات الجنسیة، و بحوثها منسجمة و هي تدور حول الأحکام الخاصة بالتلصص و الحجاب و لا یخفی علی أحد ارتباط هذا البحث بالبحوث الخاصة بالقذف، تقول الآیة أولاً: "قل للمؤمنین یغضبوا من أبصارهم و یحفظوا فروجهم" و کلمة "یغضوا" مشتقة من "غض" من باب "ردّ" و هي تعني في الأصل التنقیص و تطلق غالباً عل تخفیض الصوت و تقلیل النظر.
لهذا لم تأمر الآیة أن یغمض المؤمنون عیونهم بل امرت أن یقللوا من نظرهم و هذا التعبیر الرائع جاء لینفي غلق العیون بشکل تام بحیث لا یعرف الإنسان طریقه بمجرد مشاهدته امرأة لیست م محارمه و کان الواجب علی أن لا یتجر فیها بل أن یرمي ببصره الی الأرض و یصدّق فیه القول إنه غض من نظره و ابعد ذلک المنظر من مخیلته.
و مما یلفت النظر أن القرآن الکریم لم یحدّد الشيء الذي یستوجب غض النظر عنه (أي إنه حذف ما یقع علیه الفعل) لیکون دلیلاً علی عمومیّته أي غض النظر عن جمیع الأشیاء التي حرّم الله النظر الیها.
و لکن سیاق الکلام في هذه الآیات و خاصة في الآیة التالیة التي تتحدّث عن قضیة الحجاب یوضح لنا جیّداً إنها تقصد النظر الی النساء غیر المحارم و ؤکد هذا سبب النزول الذي ذکرناه سابقاً.
یتضح لنا مما سبق أن مفهوم الآیة السابقة لیس محصوراً بالنظر الحاد الی النساء غیر المحارم، لیتصور البعض أن النظر الی غیر المحارم مسموح به، فنظر الإنسان یمتد الی --- واسع فإذا وجد امرأة من غیر المحارم، علیه الا ینظر الیها و یواصل السیر و هذا هو مفهوم غض النظر (فتأمّلوا جیّداً).
الحکم الثاني في الآیة السابقة هو حفظ الفروج، و الفرج کما قلنا سابقاً یعني الفتحة و الفاصلة بین شیئین الاإنها هنا وردت کنایة عن العورة. و القصد من حفظ الفرج في الأحادیث هو تغطیته عن الأنظار و قد جاء في حدیث عن الإمام الصادق(ع) قوله: "کل آیة في القرآن فیها ذکر الفروج فهي من الزنا الا هذه الآیة فإنها من النظر). إن الإسلام نهی عن هذا العمل المندفع مع الأهواء النفسیة و الشهوات لأن (ذلک ازکی لکم( کما نصت علیه الآیة موضع البحث في ختامها. ثم تحذر الآیة اولئک الذین ینظرون بشهوة الی غیر محارمهم میبرّرون عملهم هذا بأنه غیر متعمّد فتقول "إن الله خبیر بما یصنعون".
و تناولت الآیة التالیة شرح واجبات النساء في هذا المجال فأشارت أولاً الی الواجبات التي تشابه ما علی الرجل فتقول: "و قل للمؤمنات یغضضن من ابصارهن و یحفظن فروجهن". و بهذا حرّم الله التلصص علی النساء أیضاً مثلما حرّمه علی الرجال فرض تغطیة فروجهن عن أنظار الرجال و النساء مثلما جعل ذلک واجباً علی الرجال. ثم اشارت الآیة موضع البحث الی مسألة الحجاب في ثلاث جمل:
1- "و لا یبدین زینتهن الا ما ظهر منها".
اختلف المفسّرون في تفسیر الزینة التي تجب تغطیتها، و الزینة الظاهرة التي یسمح بعدم تغطیتها: فقال البعض إن الزینة المخفیة هي الزینة الطبیعیة في المرأة (جمال جسم المرأة) في وقت قل استخدام هذه الکلمة بهذا المعنی. قال الآخرون إنها تعني موضع الزینة، لأن الکشف عن اداء الزینة ذاتها کالمعضد و القلادة مسموح به، فالمنع یخص موضعها أي الیدین و الصدر مثلاً.
و قال الآخرونخص المنع أدوات الزینة عند ما تکون علی الجسم و بالطبع یکون الکشف عن هذه الزینة مرادفاً للکشف عن ذلک الجزء من الجسم (و إن هذین التفسیرین الأخیرین لهما نتیجة واحدة علی الرغم من متابعة القضیة عن طریقین مختلفین).
و الحق أننا یجب أن نفسّر الآیة علی حسب ظاهرها و دون حکم مسبق، و ظاهرها هو التفسیر الثالث.
و علی هذا فلا یحق للنساء الکشف عن زینتهن المخفیة و إن کانت لا تظهر أجسامهن أي لا یجوز لهن کشف عن لباس یتزیّن به تحت اللباس العادي أو العباءة بنص القرآن الذي نهاهن عن ذلک. و ذکرت الأحادیث التي رویت عن أهل البیت(ع) هذا المعنی فقد فسروا الزینة المخفیة بالقلادة و الرملج (ملي یشدعلی الساعد) و الخلخال. و قد فسّرت أحادیث عدیدة اخری الزینة الظاهرة بالخاتم و الکحل و أمثاله. لهذا نفهم بأن القصد من الزینة المخفیة إنها الزینة التي تحت الحجاب (فتأمّلوا جیّداً).
2- و ثاني حکم ذکرته الآیة هو "و لیضربن بخمرهن علی جیوبهن" و کلمة خمر جمع خمار علی وزن فعال و هي في الأصل تعني الغطاء الا إنه یطلق بصورة اعتیادیة علی الشيء الذي تستخدمه النسوة لتغطیة رؤوسهن. و الجیوب جمع جیب علی وزن "غیب" بمعنی یاقة القمیص و احیاناً یطلق علی الجزء الذي یحیط بأعلی الصدر لمجاورته الیاقة.
و یستنتج م هذه الآیة إن النساء کن قبل نزولها یرمین أطراف الخمار علی اکتافهن أو خلف الرأس بشکل یکشفن فیه عن الرقبة و جانباً من الصدر فأمرهن القرآن برمي أطراف الخمار حول اعناقهن أي فوق یاقة القمیص لیسترن بذلک الرقبة و الجزء المکشوف من الصدر (و یستنتج هذا المعنی أیضاً من سبب نزول الآیة الذي ذکرناه ---).
3- و تشرح الآیة في حکمها الثالث الحالات التي یجوز للنساء فیها الکشف عن حجابهن و اظهار زینتهن فتقول: "و لا یبدین زینتهن الا" 1.لبعولتهن 2. أو آبائهن 3. أو آباء بعولتهن 4. أو أبنائهن 5. أو أبناء بعولتهن 6. أو اخوانهن 7. أو بني اخوانهن 8. أو بني اخواتهن 9. أو نسائهن 10. أو ما ملکت أیمانهن 11. أو التابعین غیر اولي الاربة من الرجال. (أي الرجال الذین لا رغبة جنسیة عندهم أصلاً بالعنن أو بمرض غیره) 12. أو الطفل الذین لم یظهروا علی عورات النساء.
4- و تبیّن الآیة رابع الأحکام فتقول: "و لا یضربن بأرجلهن لیعلم ما یخفین من زینتهن" أي علی النساء أن یتحفّظن کثیراً و یحفظن عفتهن و یبتعدن علی کل شيء یثیر نار الشهوة في قلوب الرجال حتی لا یتهمن بالانحراف عن طریق اعفة و یجب أن یراقبن تصرفهن بشدة بحیث لا یصل صوت خلخالهن الی آذان غیر المحارم و هذا کله یرکّد دقة نظر الإسلام الی هذه الامور. و انتهت الآیة بدعوة جمیع المؤمنین
رجالاً و نساءً الی التوبة و العودة الی الله لیفلحوا "و توبوا الی الله جمیعاً أیها المؤمنون لعلکم تفلحون" و توبوا أیها الناس مما ارتکبتم م ذنوب في هذا المجال بعد ما اطلعتم علی حقائق الأحکام الإسلامیة، و عودوا الی الله لتفلحوا فلا نجاة لکم من کل الانحرافات الخطرة الا بلطف م الله و رحمة ---- أمرکم الیه.
صحیح إنه لم یکن للذنوب و المعاصي في هذه المسألة أي معنی قبل نزول هذه الأحکام من الله الا إننا نعلم بأن قسماً من المسائل الخاصة بالانحطاط الخلقي ذا جانب عقلاني و یکفي لوحده في تحدید المسؤولیة.
ملاحظات:
1. فلسفة الحجاب: مما لا شک فیه أن الحدیث عن الحجاب للمتغرّبین في عصرنا الذي سمّوه بعصر التعرّي و الحریة الجنسیة لیس حدیثاً ساراً. و هم یتصوّرونه اسطوریاً یعود لعصور خلت. الا إن الفساد الذي لا حدّ له و المشاکل المتزایدة و الناجحة عن هذه الحریات التي لا قید لها و لا حدود ادی بالتدریج الی فقدان الاذن الصاغیة لهذا الحدیث. و قد تم حل کثیر من القضایا في بیئات اسلامیة و دینیة اخری خاصة في أجواء إیران بعد الثورة الإسلامیة واجب عن الکثیر من هذه الأسئلة بشکل مقنع. و مع کل هذا تستوجب أهمیة الموضوع بحث هذه القضیة بحثاً واسعاً و عمیقاً.
و القضیة المطروحة (نقولها مع الاعتزار): هل من الصحیح أن تستغل النساء عن طریق السماع و النظر و اللمس (باستثناء المجامعة)؟ و إن یکن تحت تصرف جمیع الرجال؟ أم یکن لأزواجهن فقط؟ أو أن تکون هذه الامور أیضاً خاصة لأزواجهن؟ إن النقاش یدور حول هذا السؤال: هل یجب تصفیة هذه الامور من أجواء المجتمع و تخصیصها بالاسرة و الحیاة الزوجیة؟
الإسلام یساند الاسلوب الثاني و یعتبر الحجاب جزءً من هذا الاسلوب، في الوقت الذي یساند فیه الغربیون و المتغربون الشهوانیون الاسلوب الأول.[i] یقول الإسلام: إن الامور الجنسیة سواء کانت مجامعة أو استلذاذ عن طریق السمع أو البصر أو اللمس خاص للأزواج، و محرم علی غیرهم لأن ذلک یؤدي الی تلویث المجتمع و انحطاطه و لهذا فإن عبارة "ذلک أزکی لکم" التي جاءت في الآیة السابقة تشیر الی هذه المسألة. إن فلسفة الحجاب لیست أمراً خفیّاً للأسباب التالیة:
1- إن --- النساء و ما یرافقه من تجمیل و تدّلل و ما مشاکل ذلک یحرک الرجال خاصة الشباب و یحطم أعصابهم م تراهم قد غلب علیهم الهیاج العصبي و أحیاناً یکون ذلک مصدراً للأمراض النفسیة فأعصاب الإنسان محدودة التحمل و هو لا یتمکن من الاستمرار في حالة الهیجان: ألم یقل أطبّاء علم النفس بأن هذه الحالة سبب للأمراض النفسیة؟ خاصة إذا لاحظنا إن الغریزة الجنسیة أقوی الغرائز و أکثرها عمقاً و کانت عبر التاریخ السبب في أحداث دامیة و إجرامیة مرعبة حتی قیل إن وراء کل حادثة مهمة امرأة.
ألیس اثارة الغرائز الجنسیة لعبا بالنار؟ و هل هذا العمل عقلاني؟
یرید الإسلام للرجال و النساء المسلمین نفساً مطمئنة و أعصاباً سلیمة و نظراً و سماعاً طاهرین و هذه واحدة م فلسفات الحجاب.
2. تبیّن احصاءات موثقة ارتفاع نسب الطلاق و تفکّک الاسرة في العلم بسبب زیادة التعرّي لأن الناس أتباع الهوی غالباً و هکذا یتحول حب الرجال من امرأة الی اخری کل یوم بل کل ساعة. أما في البیئة التي یسودها الحجاب (و التعالیم الإسلامیة الاخری( فالعلاقة وثیقة بین الروج و زوجته، و مشاعرهما و حبهما مشترک، و أما في سوق التعرّي و الحریة الجنسیة حیث المرأة سلعة تباع و تشتری أو في أقل تقدیر موضع نظر و سمع الرجال عندها یفقد عقد الزواج حرمته و تنهار أسس الاسر بسرعة کإنهیار بیت العنکبوت و یتحمل هذه المصیبة الأبناء بعد أن یفقدوا أولیاؤهم و یفقدوا حنان الاسرة.
3. انتشار الفحشاء و إزدیاد الأبناء غیر الشرعیین یعتبران من انکی نتائج الغاء الحجاب و کما نری لا حاجة الی احصائیة بهذا الصدد فشواهدها ظاهرة في المجتمع الغربي واضحة بدرجة لا تحتاج الی بیان.
لا نقول أن السبب الرئیسي في إزدیاد الفحشاء و الأبناء غیر الشرعیین ینحصر في الغاء الحجاب و عدم الستر و لا نقول إن الاستعمار المشؤوم و القضایا السیاسیة المخرّبة لیس لها دور قوي فیه، بل إن التعرّي من الأسباب القویة فیه. و کما نعلم فإن انتشار الفحشاء و إزدیاد الأبناء غیر الشرعیین مصدر أنواع الجرائم في المجتمعات البشریة قدیماً و حدیثاً. و بهذا تتضح الأبعاد الخطرة لهذه القضیة.[ii]
التفسیر: مکافحة التلصص و نزع الحجاب
قلنا في البدایة إن هذه السورة في الحقیقة قد اختصت بالعفة و الطهارة و التطهیر من جمیع الانحرافات الجنسیة، و بحوثها منسجمة و هي تدور حول الأحکام الخاصة بالتلصص و الحجاب و لا یخفی علی أحد ارتباط هذا البحث بالبحوث الخاصة بالقذف، تقول الآیة أولاً: "قل للمؤمنین یغضبوا من أبصارهم و یحفظوا فروجهم" و کلمة "یغضوا" مشتقة من "غض" من باب "ردّ" و هي تعني في الأصل التنقیص و تطلق غالباً عل تخفیض الصوت و تقلیل النظر.
لهذا لم تأمر الآیة أن یغمض المؤمنون عیونهم بل امرت أن یقللوا من نظرهم و هذا التعبیر الرائع جاء لینفي غلق العیون بشکل تام بحیث لا یعرف الإنسان طریقه بمجرد مشاهدته امرأة لیست م محارمه و کان الواجب علی أن لا یتجر فیها بل أن یرمي ببصره الی الأرض و یصدّق فیه القول إنه غض من نظره و ابعد ذلک المنظر من مخیلته.
و مما یلفت النظر أن القرآن الکریم لم یحدّد الشيء الذي یستوجب غض النظر عنه (أي إنه حذف ما یقع علیه الفعل) لیکون دلیلاً علی عمومیّته أي غض النظر عن جمیع الأشیاء التي حرّم الله النظر الیها.
و لکن سیاق الکلام في هذه الآیات و خاصة في الآیة التالیة التي تتحدّث عن قضیة الحجاب یوضح لنا جیّداً إنها تقصد النظر الی النساء غیر المحارم و ؤکد هذا سبب النزول الذي ذکرناه سابقاً.
یتضح لنا مما سبق أن مفهوم الآیة السابقة لیس محصوراً بالنظر الحاد الی النساء غیر المحارم، لیتصور البعض أن النظر الی غیر المحارم مسموح به، فنظر الإنسان یمتد الی --- واسع فإذا وجد امرأة من غیر المحارم، علیه الا ینظر الیها و یواصل السیر و هذا هو مفهوم غض النظر (فتأمّلوا جیّداً).
الحکم الثاني في الآیة السابقة هو حفظ الفروج، و الفرج کما قلنا سابقاً یعني الفتحة و الفاصلة بین شیئین الاإنها هنا وردت کنایة عن العورة. و القصد من حفظ الفرج في الأحادیث هو تغطیته عن الأنظار و قد جاء في حدیث عن الإمام الصادق(ع) قوله: "کل آیة في القرآن فیها ذکر الفروج فهي من الزنا الا هذه الآیة فإنها من النظر). إن الإسلام نهی عن هذا العمل المندفع مع الأهواء النفسیة و الشهوات لأن (ذلک ازکی لکم( کما نصت علیه الآیة موضع البحث في ختامها. ثم تحذر الآیة اولئک الذین ینظرون بشهوة الی غیر محارمهم میبرّرون عملهم هذا بأنه غیر متعمّد فتقول "إن الله خبیر بما یصنعون".
و تناولت الآیة التالیة شرح واجبات النساء في هذا المجال فأشارت أولاً الی الواجبات التي تشابه ما علی الرجل فتقول: "و قل للمؤمنات یغضضن من ابصارهن و یحفظن فروجهن". و بهذا حرّم الله التلصص علی النساء أیضاً مثلما حرّمه علی الرجال فرض تغطیة فروجهن عن أنظار الرجال و النساء مثلما جعل ذلک واجباً علی الرجال. ثم اشارت الآیة موضع البحث الی مسألة الحجاب في ثلاث جمل:
1- "و لا یبدین زینتهن الا ما ظهر منها".
اختلف المفسّرون في تفسیر الزینة التي تجب تغطیتها، و الزینة الظاهرة التي یسمح بعدم تغطیتها: فقال البعض إن الزینة المخفیة هي الزینة الطبیعیة في المرأة (جمال جسم المرأة) في وقت قل استخدام هذه الکلمة بهذا المعنی. قال الآخرون إنها تعني موضع الزینة، لأن الکشف عن اداء الزینة ذاتها کالمعضد و القلادة مسموح به، فالمنع یخص موضعها أي الیدین و الصدر مثلاً.
و قال الآخرونخص المنع أدوات الزینة عند ما تکون علی الجسم و بالطبع یکون الکشف عن هذه الزینة مرادفاً للکشف عن ذلک الجزء من الجسم (و إن هذین التفسیرین الأخیرین لهما نتیجة واحدة علی الرغم من متابعة القضیة عن طریقین مختلفین).
و الحق أننا یجب أن نفسّر الآیة علی حسب ظاهرها و دون حکم مسبق، و ظاهرها هو التفسیر الثالث.
و علی هذا فلا یحق للنساء الکشف عن زینتهن المخفیة و إن کانت لا تظهر أجسامهن أي لا یجوز لهن کشف عن لباس یتزیّن به تحت اللباس العادي أو العباءة بنص القرآن الذي نهاهن عن ذلک. و ذکرت الأحادیث التي رویت عن أهل البیت(ع) هذا المعنی فقد فسروا الزینة المخفیة بالقلادة و الرملج (ملي یشدعلی الساعد) و الخلخال. و قد فسّرت أحادیث عدیدة اخری الزینة الظاهرة بالخاتم و الکحل و أمثاله. لهذا نفهم بأن القصد من الزینة المخفیة إنها الزینة التي تحت الحجاب (فتأمّلوا جیّداً).
2- و ثاني حکم ذکرته الآیة هو "و لیضربن بخمرهن علی جیوبهن" و کلمة خمر جمع خمار علی وزن فعال و هي في الأصل تعني الغطاء الا إنه یطلق بصورة اعتیادیة علی الشيء الذي تستخدمه النسوة لتغطیة رؤوسهن. و الجیوب جمع جیب علی وزن "غیب" بمعنی یاقة القمیص و احیاناً یطلق علی الجزء الذي یحیط بأعلی الصدر لمجاورته الیاقة.
و یستنتج م هذه الآیة إن النساء کن قبل نزولها یرمین أطراف الخمار علی اکتافهن أو خلف الرأس بشکل یکشفن فیه عن الرقبة و جانباً من الصدر فأمرهن القرآن برمي أطراف الخمار حول اعناقهن أي فوق یاقة القمیص لیسترن بذلک الرقبة و الجزء المکشوف من الصدر (و یستنتج هذا المعنی أیضاً من سبب نزول الآیة الذي ذکرناه ---).
3- و تشرح الآیة في حکمها الثالث الحالات التي یجوز للنساء فیها الکشف عن حجابهن و اظهار زینتهن فتقول: "و لا یبدین زینتهن الا" 1.لبعولتهن 2. أو آبائهن 3. أو آباء بعولتهن 4. أو أبنائهن 5. أو أبناء بعولتهن 6. أو اخوانهن 7. أو بني اخوانهن 8. أو بني اخواتهن 9. أو نسائهن 10. أو ما ملکت أیمانهن 11. أو التابعین غیر اولي الاربة من الرجال. (أي الرجال الذین لا رغبة جنسیة عندهم أصلاً بالعنن أو بمرض غیره) 12. أو الطفل الذین لم یظهروا علی عورات النساء.
4- و تبیّن الآیة رابع الأحکام فتقول: "و لا یضربن بأرجلهن لیعلم ما یخفین من زینتهن" أي علی النساء أن یتحفّظن کثیراً و یحفظن عفتهن و یبتعدن علی کل شيء یثیر نار الشهوة في قلوب الرجال حتی لا یتهمن بالانحراف عن طریق اعفة و یجب أن یراقبن تصرفهن بشدة بحیث لا یصل صوت خلخالهن الی آذان غیر المحارم و هذا کله یرکّد دقة نظر الإسلام الی هذه الامور. و انتهت الآیة بدعوة جمیع المؤمنین
رجالاً و نساءً الی التوبة و العودة الی الله لیفلحوا "و توبوا الی الله جمیعاً أیها المؤمنون لعلکم تفلحون" و توبوا أیها الناس مما ارتکبتم م ذنوب في هذا المجال بعد ما اطلعتم علی حقائق الأحکام الإسلامیة، و عودوا الی الله لتفلحوا فلا نجاة لکم من کل الانحرافات الخطرة الا بلطف م الله و رحمة ---- أمرکم الیه.
صحیح إنه لم یکن للذنوب و المعاصي في هذه المسألة أي معنی قبل نزول هذه الأحکام من الله الا إننا نعلم بأن قسماً من المسائل الخاصة بالانحطاط الخلقي ذا جانب عقلاني و یکفي لوحده في تحدید المسؤولیة.
ملاحظات:
1. فلسفة الحجاب: مما لا شک فیه أن الحدیث عن الحجاب للمتغرّبین في عصرنا الذي سمّوه بعصر التعرّي و الحریة الجنسیة لیس حدیثاً ساراً. و هم یتصوّرونه اسطوریاً یعود لعصور خلت. الا إن الفساد الذي لا حدّ له و المشاکل المتزایدة و الناجحة عن هذه الحریات التي لا قید لها و لا حدود ادی بالتدریج الی فقدان الاذن الصاغیة لهذا الحدیث. و قد تم حل کثیر من القضایا في بیئات اسلامیة و دینیة اخری خاصة في أجواء إیران بعد الثورة الإسلامیة واجب عن الکثیر من هذه الأسئلة بشکل مقنع. و مع کل هذا تستوجب أهمیة الموضوع بحث هذه القضیة بحثاً واسعاً و عمیقاً.
و القضیة المطروحة (نقولها مع الاعتزار): هل من الصحیح أن تستغل النساء عن طریق السماع و النظر و اللمس (باستثناء المجامعة)؟ و إن یکن تحت تصرف جمیع الرجال؟ أم یکن لأزواجهن فقط؟ أو أن تکون هذه الامور أیضاً خاصة لأزواجهن؟ إن النقاش یدور حول هذا السؤال: هل یجب تصفیة هذه الامور من أجواء المجتمع و تخصیصها بالاسرة و الحیاة الزوجیة؟
الإسلام یساند الاسلوب الثاني و یعتبر الحجاب جزءً من هذا الاسلوب، في الوقت الذي یساند فیه الغربیون و المتغربون الشهوانیون الاسلوب الأول.[i] یقول الإسلام: إن الامور الجنسیة سواء کانت مجامعة أو استلذاذ عن طریق السمع أو البصر أو اللمس خاص للأزواج، و محرم علی غیرهم لأن ذلک یؤدي الی تلویث المجتمع و انحطاطه و لهذا فإن عبارة "ذلک أزکی لکم" التي جاءت في الآیة السابقة تشیر الی هذه المسألة. إن فلسفة الحجاب لیست أمراً خفیّاً للأسباب التالیة:
1- إن --- النساء و ما یرافقه من تجمیل و تدّلل و ما مشاکل ذلک یحرک الرجال خاصة الشباب و یحطم أعصابهم م تراهم قد غلب علیهم الهیاج العصبي و أحیاناً یکون ذلک مصدراً للأمراض النفسیة فأعصاب الإنسان محدودة التحمل و هو لا یتمکن من الاستمرار في حالة الهیجان: ألم یقل أطبّاء علم النفس بأن هذه الحالة سبب للأمراض النفسیة؟ خاصة إذا لاحظنا إن الغریزة الجنسیة أقوی الغرائز و أکثرها عمقاً و کانت عبر التاریخ السبب في أحداث دامیة و إجرامیة مرعبة حتی قیل إن وراء کل حادثة مهمة امرأة.
ألیس اثارة الغرائز الجنسیة لعبا بالنار؟ و هل هذا العمل عقلاني؟
یرید الإسلام للرجال و النساء المسلمین نفساً مطمئنة و أعصاباً سلیمة و نظراً و سماعاً طاهرین و هذه واحدة م فلسفات الحجاب.
2. تبیّن احصاءات موثقة ارتفاع نسب الطلاق و تفکّک الاسرة في العلم بسبب زیادة التعرّي لأن الناس أتباع الهوی غالباً و هکذا یتحول حب الرجال من امرأة الی اخری کل یوم بل کل ساعة. أما في البیئة التي یسودها الحجاب (و التعالیم الإسلامیة الاخری( فالعلاقة وثیقة بین الروج و زوجته، و مشاعرهما و حبهما مشترک، و أما في سوق التعرّي و الحریة الجنسیة حیث المرأة سلعة تباع و تشتری أو في أقل تقدیر موضع نظر و سمع الرجال عندها یفقد عقد الزواج حرمته و تنهار أسس الاسر بسرعة کإنهیار بیت العنکبوت و یتحمل هذه المصیبة الأبناء بعد أن یفقدوا أولیاؤهم و یفقدوا حنان الاسرة.
3. انتشار الفحشاء و إزدیاد الأبناء غیر الشرعیین یعتبران من انکی نتائج الغاء الحجاب و کما نری لا حاجة الی احصائیة بهذا الصدد فشواهدها ظاهرة في المجتمع الغربي واضحة بدرجة لا تحتاج الی بیان.
لا نقول أن السبب الرئیسي في إزدیاد الفحشاء و الأبناء غیر الشرعیین ینحصر في الغاء الحجاب و عدم الستر و لا نقول إن الاستعمار المشؤوم و القضایا السیاسیة المخرّبة لیس لها دور قوي فیه، بل إن التعرّي من الأسباب القویة فیه. و کما نعلم فإن انتشار الفحشاء و إزدیاد الأبناء غیر الشرعیین مصدر أنواع الجرائم في المجتمعات البشریة قدیماً و حدیثاً. و بهذا تتضح الأبعاد الخطرة لهذه القضیة.[ii]