یتصف الله بصفات تحکی عن الکمال فی ذاته کالعلم و القدرة و الکمال...
و کذلک الإنسان یتصف بهذه الصفات نفسها، إذ هو بإذن الله عالم ، قادر ، حیّ أیضا. لکن یختلف اتصاف الله بهذه الصفات عن اتصاف غیره بها من جهتین:
1ـ تختلف هذه الصفات (العلم و االقدرة و الحیاة) مفهوماً، إلا أنها لا تختلف فی ذات الله تعالى من حیث الوجود و المصداق. فلا تختلف حیثیة العلم عن حیثیة القدرة و لا یختلفان هذان عن حیثیة الحیاة. فذات الله سبحانه بأجمعه علم و قدرة و حیاة. بخلاف الإنسان الذی تختلف فیه حقیقة کل من هذه الصفات عن الأخرى. فحقیقة العلم و الشعور فی الإنسان لیست کحقیقة القدرة فیه، و علم الإنسان و قدرته لیسا کحیاته.
2ـ کما أنه لا اختلاف فی حقیقة صفات الله، کذلک لیس هناک اختلاف بین صفات الله و ذاته سبحانه. فصفات الله عین ذاته، لا انها شیء زائد علیها. بخلاف الإنسان الذی صفاته زائدة على ذاته، لأن الإنسان کان إنساناً و لم یکن عالماً أو قادراً، بل اکتسب العلم و القدرة. مضافاً إلى ذلک، بما أن الإنسان ممکن الوجود و الممکنات محدودة فی و جودها، فلهذا صفات الإنسان کشأن ذاته محدودة، بخلاف الله سبحانه و تعالى الذی هو وجود محض لا حدّ له. و بالتالی فصفاته غیر محدودة أیضا.
مثلا؛ مع أن الله سبحانه و تعالى غیر محدود فی قدرته و إرادته و لیس خاضعاً للنظام الذی خلقه، مع هذا یتصف فعله بالحکمة و المصلحة. معنى حکمة الباری تعالى هو أن یوصل الأشیاء إلى غایاتها و کمالها الوجودی. لکن معنى الحکمة فی أفعال الإنسان هو أن یقوم بأعمال لیصل إلى غایة و کمال؛ و لان وجود المسبب و ارتباطه بالسبب شیء واحد لا شیئان لیمکن فرض تفکیکهما، إذن إرادة الله سبحانه لشیء عبارة عن إرادة ارتباطه بالسبب الخاص له، و إرادة ذلک السبب هی عبارة عن إرادة ارتباطه بسببه الخاص، و هکذا إلى أن یصل إلى السبب الذی تقتضی إرادته الارتباط المباشر بذات الله سبحانه، فإرادة الله لذلک الشیء تساوی إرادته لکل الأشیاء و کل روابط الأنظمة جمیعا.
لا تصدق صفة الحکمة على الله و على الإنسان بمعنى واحد. فالحکمة فی وجود الإنسان هی أن تکون له غایة معقولة فی کل فعل و أن یختار أسمى الأهداف و أفضلها و یستخدم أفضل الوسائل و الأسالیب للوصول إلى أهدافه. لکن الله هو الغنی على الإطلاق و لا یفتش عن غایة و لا یمکن فرض کمال هو فاقده، حتى یرید أن یبحث عنه.
فحکمة الله هی أن یوصل کل موجود إلى الکمال الذی یمکن أن یصل إلیه. فعل الله هو الإیجاد و الإیصال إلى کمال الوجود و إیصال الأشیاء و هدایتها إلى کمالاتها الثانویة من خلال التدبیر و الإکمال و هذا هو نوع آخر من إیصال الأشیاء إلى کمالها.
فی هذا الخصوص، بإمکانک أن تراجع الکتب الکلامیة و الفلسفیة مثل:
1ـ العقائد الإسلامیة، تألیف الشیخ جعفر سبحانی؛
2ـ دروس فی العقیدة، للشیخ محمد تقی مصباح یزدی؛ و غیرهما.