الاجتهاد فی اللغة یعنی تحمل المشاق أو القدرة و التمکن. و فی اصطلاح الفقهاء یعنی بذل الحد الأعلى من الجهد و السعی العلمی من أجل استنباط الحکم الشرعی الفرعی و تحصیله من أدلته.
و إن کان الاجتهاد عند الشیعة یعتمد على أدلته المعروفة من (القرآن، السنة، العقل، الإجماع) و لکن لابد من التحصیل فی علوم أخرى تساعد المجتهد فی استنباط الحکم من أدلته المذکورة کالإلمام باللغة العربیة و آدابها و معرفة طبیعة المحاورات التی کانت سائدة فی المجتمع زمن المعصوم (ع) و التعرف على بعض العلوم کالمنطق و أصول الفقه، و علم الرجال، کذلک الإطلاع الکافی بالنسبة إلى القرآن و علومه و کذلک علوم الحدیث و الروایة و ... و إضافة إلى اطلاع الفقیه و معرفته فی هذه العلوم لابد له من اختیار مبنىً معین حتى یتمکن من الاستفادة من هذه العلوم فی عملیة استنباط الحکم الشرعی من أدلته الاجتهادیة.
الاجتهاد فی اللغة بمعنى تحمل المشقة و الجهد (من مادة جَهَدَ بفتح الجیم)،[1] و کذلک بمعنى القدرة و التمکن (من مادة جُهدَ بضم الجیم).[2] و فی اصطلاح الفقهاء بمعنى بذل الحد الأقصى من الجهد العلمی فی استنباط و تحصیل الحکم الشرعی الفرعی من مصادره و أدلته.
و إن کان الاجتهاد عند الشیعة یعتمد على أدلته المعروفة من (القرآن، السنة، العقل، الإجماع) و لکن لابد من التحصیل فی علوم أخرى تساعد المجتهد فی استنباط الحکم من أدلته المذکورة کالإلمام باللغة العربیة و آدابها و معرفة طبیعة المحاورات التی کانت سائدة فی المجتمع زمن المعصوم (ع) و التعرف على بعض العلوم کالمنطق و أصول الفقه و اتقانها، و کذلک علم الرجال، بالاضافة الى الإطلاع الکافی بالنسبة إلى القرآن و علومه و کذلک علوم الحدیث و الروایة[3] و ... و إضافة إلى اطلاع الفقیه و معرفته فی هذه العلوم لابد له من اختیار مبنىً معین حتى یتمکن من الاستفادة من هذه العلوم فی عملیة استنباط الحکم الشرعی من أدلته الاجتهادیة.
فمثلاً فی باب الاستفادة من الروایات و الأحادیث من الممکن أن یعتمد المجتهد على مبنى معین فی علم الرجال یجعله یرفض بعض الروایات من جهة السند و لا یرى الاعتماد علیها و قبولها فی عملیة استنباط مسألة ما، و قد لا توجد روایات أخرى فی هذه المسألة، و علیه فلا یستطیع أن یصدر فتوى بخصوص المسألة فی حین یرى فقیهً أو فقهاء آخرون صحة سند الروایة بحسب المبنى الذی یعتمدونه فیستندون إلى الروایة نفسها لإصدار الفتوى، و من الطبیعی أن إمکانیات الفقهاء لیست على مستوى واحد من جهة ترکیب القضایا و تحلیلها و معالجتها، و لذلک یمکن أن یکون لکل واحد منهم استنتاجه الخاص من الآیات و الروایات، کما أنه من الممکن أن یعتبر أحد المجتهدین شیئاً معیناً مصداقاً و موضوعاً لحکم ما فیما لا یرى مجتهد آخر ذلک.
و لأجل المزید من التوضیح نشیر إلى المنابع الأساسیة لصدور الفتوى.[4] ان المصادر المعتمدة لدى المجتهدین عبارة عن: الکتاب، السنة، العقل، الإجماع، بالاضافة الى المبادئ التی یعتمدها الفقیه حیث من اللازم أن یکون لکل مجتهد مبنى معینا ، من هنا نشیر الیها بنحو الاجمال:
1. الکتاب (القرآن الکریم): القرآن هو أول مصدر و منبع للأحکام و المقررات الإسلامیة و على هذا إجماع المسلمین دون استثناء، و لکن الکلام بین المجتهدین یقع فی عدة جهات بخصوص استنباط الأحکام من القرآن الکریم حیث تختلف آراؤهم و متبنیاتهم فی الإجابة عن بعض التساؤلات و منها هل إن مفاهیم الوحی السامیة فی متناول فهمنا و إدراکنا ام لا؟ هل وقع التحریف فی الوحی أم لا؟ و غیرها من التساؤلات التی یختلف فیها العماء فیما یرون.[5]
2. السنة (قول المعصوم و فعله و تقریره): من البدیهی أن حجیة سنة الرسول (ص) (قولاً و فعلاً و تقریراً) تحتاج الى اثبات، الا انه مع ذلک لیس إثباتها بالأمر العسیر بالتوجه إلى آیات القرآن، و لا یحتاج إلى کبیر عناء فی البحث، و لذلک قبل العلماء و المسلمون هذا الأمر و أقروه بکل وضوح[6]، و کذلک أقوال الأئمة و أفعالهم و تقریرهم فهی من السنة، و یعتقد علماء الإمامیة أن الحل الذی وضعه النبی (ص) لأمته و الذی صرح به مرات عدیدة یوجب (حجیة سنة الأئمة المعصومین)[7]، لأنه (ص) قال: «إنی تارک فیکم الثقلین، کتاب الله و عترتی أهل بیتی».[8] فإذا ثبت أن الرسول الأکرم (ص) أو الأئمة الأطهار أدوا بعض التکالیف بنحو معین خاص أو أن الآخرین قاموا ببعض التکالیف و کان المعصوم حاضراً و یشاهد کیفیة الأداء و قد أمضاها و أقرها و لم یعترض علیها فهذا یعنی أنه أقرها عملیاً بسکوته، و هذا یکفی الفقیه أن یستند الیه فی استنباط الأحکام و تحصیلها.[9] و هناک عدة مباحث فی باب حجیة السنة منها:
الف. هل یمکن أن تکون السنة مقیدة أو مخصصة للقرآن الکریم.
ب. هل إن الظروف المحیطة لها تأثیر على السنة؟[10] و غیرها من الأبحاث التی لابد أن یکون للمجتهد فیها مبنى معینً حتى یستطیع الإفادة من السنة فی سعیه العلمی و اجتهاده.
3. الإجماع (اتفاق آراء المجتهدین فی مسألة معینة):
حجیة الإجماع عند الشیعة من جهة کونه کاشفاً عن قول النبی (ص) أو الإمام (ع) فمثلاً لو أن المسلمین جمیعاً اتفقوا على مسألة معینة فی عصر النبی (ص) دون استثناء، و عملوا على ذلک جمیعاً، فهذا یدل على أنهم تلقوها من رسول الله (ص) و کذلک إذا اتفق أصحاب الأئمة على موقف عملی واحد فی مسألة من المسائل فذلک یدل على أنهم أخذوها عن إمامهم، و هذا النوع من الإجماع حجة یقیناً و لکن لا من جهة حجیة نفس الإجماع، بل بلحاظ کونه إما کاشفاً أو متضمناً قول المعصوم.[11]
4. العقل: الملاحظ فی الخطاب الإسلامی و تعالیمه الراقیة أنه أثنى على العقل ثناءً کبیراً قلما أثنى على شیء مثله، و هذا الثناء ناظر إلى قدرة العقل و استعماله فی معرفة الواقعیات و تمیز الصحیح من غیر الصحیح فی الأبعاد المختلفة على مستوى العقائد و العبادة و على صعید الفرد و المجتمع و ... و من مجموع ما ورد فی العقل و ما صرح به الشرع یمکن التوصل إلى نتیجة مؤداها اعتبار و أهمیة العقل و حجیته الذاتیة.[12]
و لذلک و منذ القدم اعتبرت حجیة العقل و اعتمد على أنه أساس من الأسس التی یعتمد علیها فی تحصیل الحکم الشرعی لدى علماء الشیعة.[13] و حجیة العقل عند الشیعة بمعنى إذا حکم العقل فی مورد معین حکماً قطعیاً فإن هذا الحکم یعتبر حجةً بحکم کونه قطعیاً و یقینیاً.[14]
و المحصلة أن الفقیه و المجتهد یعتمد على هذه المصادر الأربعة و ما یراه مناسباً من مبانیه الأجتهادیة فی عملیة إصدار فتاواه.
و لابد من الانتباه إلى أن بحث المبانی الاجتهادیة لا ینحصر فیما تقدم ذکره فی المقال، و لأجل الاطلاع بشکل واسع ننصح بالرجوع إلى فصول و اجزاء کتاب الأستاذ هادوی (تأملات فی علم الأصول).
[1] النهایة، ج 1، ص 319.
[2] المصدر نفسه.
[3] انظر: هادوی الطهرانی، مبانی کلامی اجتهاد "المبانی الکلامیة للاجتهاد"، ص 19 و 20.
[4] یعبر عن هذه المنابع الأربعة بالأدلة الأربعة فی اصطلاح الفقهاء.
[5] محمد إبراهیم الجناتی، منابع الاجتهاد، ج 1، ص 76. للاطلاع أکثر، انظر: هادوی الطهرانی، مهدی، فلسفة علم أصول الفقه، الدفتر الرابع، المبادئ الصدوریة للقرآن الکریم.
[6] و من الطبیعی أن أنکره أفراد قلائل، کما أشیر إلى ذلک فی کتاب الأم، لمحمد بن إدریس الشافعی، ج 7، ص250.
[7] المصدر نفسه، ص 86.
[8] بحار الأنوار، ج 23، ص 118.
[9] للاطلاع الأکثر، انظر: هادوی الطهرانی، مهدی، فلسفة علم أصول الفقه، الدفتر الخامس و السادس، المبادئ الصدوریة و الدلالیة للسنة.
[10] المصدر نفسه، ص 75.
[11] أبو القاسم الگرجی، تاریخ الفقه و الفقهاء، ص 68.
[12] منابع الاجتهاد، ج 1، ص 243.
[13] المصدر نفسه، ص 224.
[14] الشهید المطهری، آشنایی با علوم اسلامی (سلسلة علوم الإسلام"، ج 3، ص 19.