بشکلٍ کلی یکون إرث الرجل و المرأة متساویین و ذلک فی صورتین:
1- إرث الأب و الأم (فی أکثر الموارد).
2- إرث الأقارب من جهة أم المیت.
و أما ارتفاع نسبة النساء العاملات فی المجتمع فلا یوجب تساوی أو عدم تساوی الإرث، بل کل ما تکسبه المرأة عن طریق العمل هو ملک لها لایشارکها الزوج فیه، الا اذا توفیت الزوجة فهنا یاخذ الرجل نصیبه من الارث کما یاخذ سائر الورثة نصیبهم. نعم إننا نقبل القول: إن الإسلام لا یحبب عمل المرأة خارج المنزل و ذلک من أجل تکامل المجتمع و ترقیته بشکل صحیح، و قد جعل الإسلام نفقات العائلة على کاهل الرجل، و لکن لا بد من الالتفات إلى أن ما قیل فی هذا الباب انما هو من قبیل الحکمة و لیست العلة التامة للحکم.
یتساوى الرجل و المرأة فی الإرث فی صورتین:
أـ الأب و الأم إذا کان المیت (ولدهما) فإنهما یتساویان فی الإرث[1]. ما عدا عدة صور:
1ـ إذا کان وارث المیت الأب و الأم فقط، فیقسم المال ثلاثة أقسام یکون نصیب الأب الثلثین و للأم الثلث، و أما إذا کان للمیت أخوان أو أربع أخوات، أو أخ و أختان و کانوا جمیعهم أخوته لأبیه أی أن أباهم هو أبو المیت سواء کانت أمهم متحدة مع أب المیت أم لم تکن، فإذا کان للمیت أب و أم فلا یصل لأخوته شیءٌ من الإرث، و لکن بسبب وجودهم سوف یکون نصیب الأم السدس من الإرث و یعطى الباقی للأب[2].
2ـ إذا کان وارث المیت أباه و أمه فقط و ابنة واحدة و کان للمیت أخوان أو أربعة أخوات أو أخ و أختان فیقسم المال إلى ستة أقسام، یعطى کل من الأب و الأم منه قسماً واحداً و تعطى البنت ثلاثة أقسام، ثم یقسم السدس الباقی بین البنت و الاب ارباعا ثلاثة منها للبنت و واحد للأب؛ مثلا فإذا کان مال المیت 24 قسما فیکون نصیب البنت 15 قسماً و نصیب الأب 5 أقسام و 4 أقسام للأم[3].
ب ـ إذا کان الرجل و المرأة من أقارب أم المیت یکون إرثهما على حد سواء، و لهذه الصورة مصادیق متعددة من جملتها:
1ـ الأخ و الأخت من الأم[4].
2ـ ابن الأخ و ابن الأخت من جهة الأم[5].
3ـ العم و العمة من جهة الأم[6].
4ـ الخال و الخالة «من جهة الأم أو الأب أو من جهة الأم و الأب»[7].
و فی الموردین الأخیرین (4،3) فإن الاحتیاط وجوباً أن یتم الصلح حین تقسیم الإرث[8].
و أما بالنسبة لسؤالکم القائل: هل یتساوى إرث المرأة مع الرجل فی المجتمعات التی تکون نسبة النساء العاملات فیها هی الراجحة فإنه سؤال یکتنفه الغموض، فإذا کان مرادکم من الفرض المتقدم فی السؤال أن یکون للنساء موردٌ مالی مستقل و لیس علیهن الإنفاق على العائلة، فکیف تتساوى النساء مع الرجال فی الإرث مع هذا الفرض؟!.
و الجواب هو أولاً: إن موارد التساوی نادرة و قلیلاً ما تقع. و ثانیاً: إن تساوی إرث المرأة و الرجل فی بعض الموارد لا یشکل دلیلاً على ضعف الإسلام و عدم تکامله، و لیس ذلک و حسب و إنما یعتبر دلالة و علامة على تکامل الإسلام، لأن ذلک یتضمن حمل المرأة على أداء وظیفتها المقدسة فی المجتمع و المتمثلة فی تربیة الأولاد و تنشئتهم.
و أما إذا کان المراد من السؤال الآتی: إذا کانت النساء تتساوى مع الرجال فی بعض المجتمعات فقد تکون عاملةً تتحمل جزءاً من نفقة العائلة و إن فقدها یسبب ضرراً و نقصاً للعائلة. فلماذا لا یتساوى نصیبها مع نصیب الرجل فی الإرث؟.
فلابد من القول فی الجواب: مع أن العمل خارج البیت غیر محظور فی الإسلام إذا ما روعیت الضوابط الأخلاقیة و المعنویة، و لکن الإسلام یمیل أکثر إلى بقاء المرأة فی بیتها لإنجاز عملها و تکلیفها فی حل مشکلات البیت و إدارة شؤونه[9]. و هذا ما یتلائم و روحیة المرأة و ما تضمر من مشاعر و أحاسیس، إضافة إلى ما یترکه من أثر على رقی المجتمع و تقدمه و مستقبله. و کذلک مستقبل الأطفال الذین یترعرعون فی أحضان الأسرة الدافئة التی تؤدی فیها المرأة دوراً أساسیاً و محوریاً.
و هذا یعنی أن الأرضیة الصالحة و الأساس المتین للمجتمع یتشکل من خلال دور المرأة و فعالیتها، و أداء هذا الدور الخطیر یقتضی ألا تترک المرأة بیتها، و لذلک أصبح تأمین موارد البیت و نفقاته ملقاة على کاهل الرجل، و من الطبیعی أن یکون إرث الرجل أکثر بحسب هذا البناء الأسری[10]. و نتیجة القول: أننا إذا وضعنا أحکام الإسلام و تعالیمه على جانب بعضها و نظرنا إلیها نظرة إجمالیة فسوف نتوصل إلى أن رجحان إرث الرجل على المرأة أو تساوی إرثیهما فی بعض الموارد یرجع إلى الحکمة و تنظیم الحیاة.
فإذا کان إرث المرأة یساوی نصف إرث الرجل فی هذا النظام فإن إنفاق البیت و مصروفاته لم تجعل على المرأة، و إذا ما تساوى النصیبان فی بعض الأحیان فحکمة ذلک إلى تشجیع المرأة و رفع معنویاتها حتى تؤدی وظائفها المنزلیة على أحسن وجه، و على أی حال ما مر بیانه محمول على وجه الحکمة لا العلة، أی أن عدم تساوی الإرث بین الجنسین لا یعلل فقط بتحمل الرجل نفقات البیت، حتى یقال بالرجوع إلى التساوی حینما یختل النظام العائلی، فیتغیر الحکم تبعاً لتغیر ظروف المنزل و یتساوى إرث المرأة بإرث الرجل.
[1] توضیح المسائل مراجع، ج 2، المسائل 2734، 2735، 2736، 2737، 2738.
[2] المصدر نفسه، م،2732.
[3] المصدر نفسه، م، 2733. و باعتبار أن الفقهاء المعاصرین یختلفون فی هذه المسالة لذلک ینبغی لکل مکلف الرجوع الی مرجع تقلیده.
[4] المصدر نفسه، م، 2743، 2744، 2645.
[5] المصدر نفسه، م، 2749.
[6] المصدر نفسه، م، 2757.
[7] المصدر نفسه، م، 2759.
[8] المصدر نفسه، م، 2757، 2759.
[9] و على سبیل المثال نتوجه إلى هذا النص التاریخی: تقاضى علی و فاطمة إلى رسول الله(ص) فی الخدمة، فقضى على فاطمة(ع) بخدمتها ما دون الباب، و قضى على علی(ع) بما خلفه، فقالت فاطمة: فلا یعلم ما دخلنی من السرور إلا الله بإکفائی رسول الله(ص) تحمل رقاب الرجال. بحار الانوار، ج 34، ص 81 و 31. وسائل الشیعه، ج 14، ص 123. تفسیر البرهان، ج 1، ص 282
[10] للاطلاع الأکثر، انظر: تفاوت إرث الرجل و المرأة فی الفقه الإسلامی، سؤال 483 (الموقع: 524).