یمکن معالجة السؤال المذکور من عدة زوایا، من قبیل:
1. الزوایة اللغویة.
2. من خلال التحلیل الاخلاقی و العرفانی المنسجم مع الهدف القرآنی.
1. استعملت کلمة "ابن فی اللغة" فی عدة معان:
الاول: الولد؛ الثانی: المقتفی و التابع؛ الثالث: المسافر (ابن السبیل) و...
یقول ابن فارس: (بنو) الباء والنون والواو کلمةٌ واحدة، وهو الشیء یتولَّد عن الشیء، کابنِ الإنسان وغیره. وأصل بنائه بنو، والنّسْبة إلیه بَنَویٌّ. فأصل الکلمة ما ذکرناه، ثم تفرِّع العرب. فتسمّی أشیاءَ کثیرةً بابن کذا، وأشیاءُ غیرها بُنّیتْ کذا، فیقولون ابن ذُکاء الصُّبح، وذُکاءُ الشّمس، لأنّها تذکُو کما تذکو النّار.[1] فالکلمة تطلق على معان کثیرة لوجود مناسبة فیها.
و طبقا للمعنى الثانی للکلمة "المقتفی و التابع" یظهر لنا بجلاء المراد من المقطع الوارد فی الزیارة "السلام علیک یابن الحسن و الحسین" حیث تعنی التابع و المقتفی لأثر الحسن و الحسین (ع) و السائر على نهجهما و الحامل للصفات الحمیدة التی یتحلى بها الإمامان علیهما السلام؛ و بما أن لکل زهرة عطرها و أریجها من هنا نرى علیاً الاکبر(ع) قد نال عطر الصبر و إکتسب أریح الحلم من عمه الامام الحسن (ع) وعطر الشجاعة و الفداء من قبل أبیه الحسین (ع).
و من الواضح أن کلمة "ابن هنا" تعطی معنى و مفهوماً قیمیّاً أفضل بکثیر من البنوة الصلبیة المادیة، و لاریب هنا أنه سیکون معنى العبارة هو " السلام علیک یا مقتفی إثر الحسن و الحسین (ع).
2. زاویة العرفان و الأخلاق الاسلامیة؛ لا یراد من کلمة "ابن" و "ابناء" الاولاد الصلبیون و الجسمانیون، کما أن الأب لا ینحصر فی الاب الصلبی و الجسمانی فقط، بل له مفهوم أدق و أوسع من ذلک، فقد ورد فی الروایة: " الآباء ثلاثة: أب ولدک، و أب علّمک، و أب زوّجک ".[2] و کذلک ورد فی القرآن الکریم : "وَ إِذا قیلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما أَلْفَیْنا عَلَیْهِ آباءَنا".[3]
و قد أشار صاحب تفسیر مواهب الرحمن[4] الى أن المراد من الآباء: الأعم من السادة و الکبراء و الآباء و المربین فانه یصح اطلاق الأب علیهم، و یشهد للتعمیم قوله تعالى: "رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَ کُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِیلا".[5]
کذلک ورد فی تفسیر روح المعانی للآلوسی: و الولادة قسمان صوریّة و معنویّة و الأب أب ولّدک و أب ربّاک و علّمک، و الولادة التعلیمیّة تختلف باختلاف القوابل و الاستعدادات و إلى هذه الولادة أشار عیسى علیه السّلام بقوله: لن یلج ملکوت السماوات من لم یولد مرّتین.[6]
و لعله من هذا الباب جاء اطلاق الاب على العم فی قضیة إبراهیم علیه السلام فی قوله تعالى: "إذْ قالَ لِأَبیهِ یا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ ما لا یَسْمَعُ وَ لا یُبْصِرُ وَ لا یُغْنی عَنْکَ شَیْئاً".[7] و المراد من الاب هنا العم لان من المسلم به أن آباء الانبیاء منزهون عن عبادة الاصنام.
[1] انظر: فرهنگ عربی، فارسی؛ معجم مقاییس اللغة، کلمة «ابن» ص43 ؛ المنجد، کلمة «بنی» و « قفو»: « ابن» الهمزة و الباء و النون یدل علی الذکر و علی العقد و قفوا الشییء.
[2] جامع السعادات ج 3، ص 14.
[3] البقرة، 170.
[4] مواهب الرحمن فی تفسیر القرآن، ج 2، ص 257.
[5] الاحزاب ، 67.
[6] انظر: مقتنیات الدرر ج 2، ص 187.
[7] مریم، 42.