لا أعرف کیف استطیع الوصول الى مثل هکذا إمرأة معی تحفظی الکبیر على أعراض الناس و ناموسهم و لا أفکر فی أن أصادق بنتاً صداقة محرمة فضلاً من أن أباشر معها أعمال محرمة! و الاستمناء حرام أیضا... إذن ماذا أفعل أنا المسکین؟
لابد من أن أذکر هذا المعنى بخجل و اعتذار، و هو أن طاقتی الشهویة فعّالة و قویة جداً و السیطرة علیها أمر صعب جدا! فلا تقولوا لی اتق الله، فقد حاولت مراراً و تکراراً و لم أتمکن! و بتعبیر أحد الأصدقاء إن هذا من خصائص فترة الشباب! فأرجوکم ملتمساً أن تقدموا لی حلّا!
لقد صدرت أحکام الإسلام و أوامره من قبل الله العلیم الحکیم و تستطیع أن تحلّ مشاکل البشریة جمعاء، لکن بشرط أن یعمل الناس جمیعهم بکل هذه الأحکام. الیوم، ورإن أصبح زواج الشباب یواجه مشاکل عدیدة، إلا أن حلّ هذه المشاکل أمر ممکن قطعاً، و ذلک بشرط أن یعمل الولد و البنت و أولیاء الأمر بأوامر الإسلام و یقللوا من توقعاتهم و شروط الزواج ویجتنبوا عن التشریفات الزائدة و المنافسات العرفیة التی لاطائل من ورائها فی تعیین مقدار المهور و غیرها من الأمور التی تثقل کاهل الشباب بل قد تجعل الاقدام على الزواج أقرب الى المستحیل، بالاضافة الى الاستعداد - بالتوکل على الله- لمواجهة المشاکل المحتملة و حلّها.
إن دین الإسلام مجموعة من القوانین و الأحکام و الأوامر التی تهدی الإنسان إلى السعادة الدنیویة و الأخرویة. و بما أن الله العالم و الحکیم هو الذی وضع هذه المجموعة، إذن تحظى هذه المجموعة بالکمال و الجامعیة قطعاً و بالتالی تستطیع أن تعالج جمیع مشاکل البشر، لکن هذا بشرط أن یعمل کل أفراد المجتمع بجمیع هذه الأحکام. لا یخفى أن العمل بأی قانون لا ینفکّ عن بعض المشاکل و القیود الخاصة به التی لا بد من القبول بها و التعامل معها و لو لا ذلک لا یمکن الانتفاع بالقانون. فإذا ما شاهدنا الناس فی المجتمع الإسلامی یعانون من مشاکل عدیدة فی حیاتهم، فهذا یعود فی الحقیقة الى عدم تطبیق أحکام الإسلام کاملة، کذلک بسبب النظرة الانانیة التی نقیس بها الامور فنحن لا نرى إلا المنافع و الأضرار الخاصة بنا و ننظر إلى الإسلام من خلال هذه الزاویة فقط. و لهذا السبب لا تحصل النتیجة المطلوبة. لقد بیّن الإسلام طریق الحصول على الرزق الحلال و المال المشروع و وضع القوانین الخاصة به، لکن تلک القوانین لا یمکن ان تعطی النتیجة المرجوة ما لم یطبّق جمیع الناس جمیع تلک الاحکام و القوانین المشرعة، فلایکفی تطبیقها من بعض الافراد و اهمالها من قبل الکثیر من الناس، فلو سعى نفر واحد و بقی الآخرون عاطلین کسولین محاولین الاتکال على هذا البعض أو غصبهم حقهم و نهب ما حصلوا علیه من المال فلا یبقى للعاملین حینئذ أی شیء.
إذن یمکن حل مشکلة زواج الشباب من خلال أحکام الإسلام و تعالیمه، لکن بشرط أن یعمل الشاب و الشابة و أولیاء الامور بأوامر الإسلام و یقللوا من توقعاتهم ویجتنبوا عن التشریفات و التجملات الزائدة و المنافسات العرفیة التی لاطائل من ورائها.
الیوم، و فی جمیع المجتمعات هناک الکثیر من النساء و البنات مستعدات للزواج من أزواج صالحین دینیاً و اخلاقیاً. لکن یجب أن نعلم أن بدایة الحیاة فی أغلب الأحیان لا تخلو من النواقص و المصاعب و المتاعب. أ لیس انتظارک و توقعک من الإسلام أن یدقّ باب بیتک و یقدم لک ما اشتهیت من زوجة مع بیت و سیارة و غیرها، توقعاً باطلاً؟ إن معرفة الأشخاص الذین هم على استعداد من الزواج لها طریقها الخاص و کذلک الخطوبة لها أسلوبها الخاص أیضا و یجب أن یقدم الإنسان على ذلک من هذه الطرق و یقلل من مستوى توقعاته و مطالباته و یسعى لهدفه بکل جد و اجتهاد. لقد أقام الإسلام دعائم الحیاة على السعی و الجهد. و لا یشعر الإنسان بلذة العیش و نعمه إلا بالسعی و الجهد.
لو کان الشباب و الشابات الذین هم على استعداد من الزواج یواجهون المشاکل و المصاعب و یحاربونها و یحاولوا أن یتصاهروا و یتزاوجوا مع عوائل أقل مکنة منهم من دون أی توقع مادّی، فهل کنا نجد مشاکل الزواج فی المجتمع؟ لو کان الأثریاء یبذلون جزءً من أموالهم فی سبیل زواج المحتاجین، فهل کان یبقى شیء من مشاکل الزواج؟
إذن لا شک فی أن الإسلام قد شخص طرق الوصول إلى الهدف، لکن یحتاج إلى عزم و سعی جادین. قد تبدو بعض الطرق صحیحة ومنسجمة مع النفس البشریة، لکنها ممنوعة شرعاً، و لیس هذا إلا لعلم الله بمضارها و عواقبها السلبیة الفردیة و الاجتماعیة على المدى الطویل. فإذا آمنا نحن معاشر المسلمین بهذه الحقیقة و أیقنا بأن الله الرؤوف و الحکیم هو أعلم منا بحقائق الأمور و لا ینفعه عملناً بتعالیم الإسلام و لا یضرّه ابتعادنا عنها أبداً، فإذا ما أمرنا بشیء، إنما ذلک لمصلحة ترجع إلینا و إذا ما حرم علینا شیئاً و منعنا منه إنما بسبب الأضرار التی تلحق بنا، فإن اعتقدنا بذلک سوف نستقبل بکل رحابة صدر صعوبة طاعته و نکفّ أیدینا عن الرغبات و المشتهیات التی تنافی أوامره.
أما بالنسبة إلى موضوع زواجک فبالرغم من أنه قد تکون هناک مشاکل کثیرة فی بدایة الطریق، لکن الله سبحانه قد وعد بالتسدید و الإعانة حیث قال سبحانه: "وَ أَنْکِحُوا الْأَیامى مِنْکُمْ وَ الصَّالِحینَ مِنْ عِبادِکُمْ وَ إِمائِکُمْ إِنْ یَکُونُوا فُقَراءَ یُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَ اللَّهُ واسِعٌ عَلیمٌ"[1] إذن فالإسلام قد بین لنا أسالیب حل المشاکل و الوصول إلى الهدف المقصود، لکن یقع على عاتقنا أمر تهیئة الأسباب و إزالة الموانع و العوائق. کما أن الأنبیاء و الأئمة الطاهرین (ع) کانوا یواجهون فی حیاتهم الفردیة و الاجتماعیة مشاکل کثیرة لکنهم ما کانوا یفرّون منها أبداً و ما کانوا یجلسون جانباً بانتظار الید الغیبیة لتأتی و تحرک لم ما سکن من الامور. و قد أوصاهم القرآن أیضا بالصبر و الاستقامة فی سبیل الوصول إلى الهدف.
یجب أن تعلم أن هناک من کانت حالتهم أکثر أزمة منک من کل الجهات لکنهم استطاعوا بسعیهم و جهدهم و مقاومتهم أمام المصاعب و المشاکل أن یتغلبوا على مشاکلهم و یصلوا إلى قمم النجاح و الفلاح و من یسعى و یجاهد و یتقی الله یمدده الله بالعون و النصرة.[2]
لا بد من الإشارة إلى أن جامعیة الإسلام لیست بمعنى أن الإسلام قد عطل العقل وخاض فی تبیین تفاصیل أسالیب حل المشاکل، بل إنه قد فوض هذه المسائل للعقل و لتکفیر الناس و کیفیة معالجتهم لمشاکلهم من خلال المعالجات المدروسة و الخطط الصحیحة.
للحصول على المزید من المعلومات راجع: نظریة الفکر المدون، سؤال 900 (الموقع: 988) وکذلک سؤال 1137(الموقع: 239).