كل المجتمعات البشرية و بشهادة التجارب التأريخية و آراء المختصين في الشأن التربوي و المتصدين لادارة المجتمعات، ترى أن التربية و التعليم من ضروريات الحياة، و اذا ما نظرنا الى الاطار العام للتربية المدونة نرى أن تلك الأطر إما هي بصدد تأمين حاجة شاملة تعليمية و توفير الارضية للتلقي المعرفي (الجامعي) أو هي بصدد تحقيق منافع المجتمع العامة.
و يمكن القول بان النظرة القرآنية ترى في المرحلة الاولى ضرورة الاهتمام بتعزيز المباني و الاسس الدينية كمعرفة المبدأ و المعاد و تنظيم السبل التي تكفل للانسان السلم حياة كريمة. و في المرحلة اللاحقة يكون المؤمنون ملزمين بتعلم المعارف الضرورية على المستويين الفردي و الاجتماعي. و هي حاجات و ضروريات تختلف باختلاف الزمان و المكان و خصوصيات الافراد، فهي متغيرة تبعا لتغير المجتمعات و الافراد، و ان مسؤولية تشخيصها تقع على كاهل الافراد أنفسهم.
كل المجتمعات البشرية و بشهادة التجارب التأريخية و آراء المختصين في الشأن التربوي و المتصدين لادارة المجتمعات، ترى أن التربية و التعليم من ضروريات الحياة، و اذا ما نظرنا الى الاطار العام للتربية المدونة نرى أن تلك الأطر إما هي بصدد تأمين حاجة شاملة تعليمية و توفير الارضية للتلقي المعرفي(الجامعي) أو هي بصدد تحقيق منافع المجتمع.
و هنا لابد من الاخذ بنظر الاعتبار ثلاث نقاط أساسية:
1. المتعلمون (الطلاب): قد يبتلي الطلاب و المتعلمون بسبب ضعف تجربتهم العلمية و الاجتماعية بالغفلة عن رصد الحاجات و الضرورات الاساسية التي يحتاجون اليها و الاهتمام بحاجات كاذبة، هذا من جهة، و من جهة أخرى من غير الممكن إعداد نظام تعليمي يلاحق حاجات الافراد الشخصية حاجة حاجة و يتابع جميع تلك الحاجات الفردية بصورة مستقلة.
من هنا، تكون مهمة الاساتذة و اصحاب الشأن التعليمي، بيان الادلة على ضرورة القوانين التعليمية للجامعيين، مما يخلق عندهم مرتبة جيدة من الهدفية أولا. و ثانياً: اذا رأى المختصون وجود ضرورات جديدة جديرة بالاهتمام، لابد من معالجتها. و قد تقتضي الضرورة إدراجها ضمن المتون الدراسية الجديدة.
2. الرؤية القرآنية: يمكن القول بان النظرة القرآنية ترى في المرحلة الاولى ضرورة الاهتمام بتعزيز المباني و الاسس الدينية كمعرفة المبدأ و المعاد و تنظيم السبل التي تكفل للانسان السلم حياة كريمة، و أن ذلك يعد من ضرورات حياة الانسان الفردية و الاجتماعية، بل ان فلسفة بعث الانبياء تكمن في هذه القضية و أنهم (ع) إنما ارسلوا لتأمين الحاجات الفطرية و العامة للمجتمعات البشرية.[1]
و في المرحلة اللاحقة يكون المؤمنون ملزمين بتعلم المعارف الضرورية على المستويين الفردي و الاجتماعي. و هي حاجات و ضروريات تختلف باختلاف الزمان و المكان و خصوصيات الافراد، فهي تختلف باختلاف المجتمعات و الافراد و تقع مسؤولية تشخيصها على كاهل الافراد أنفسهم، لكن المستفاد من مجموع الآيات، هو:
1-2: لم يتخذ الاسلام موقفاً سلبياً من العلوم غير الدينية الضرورية للمجتمع فقط، بل حكم بوجوب تحصيلها، أضف الى ذلك أن الله تعالى قد وضع نوعاً منها تحت متناول بعض الانبياء.[2]
2-2: لابد من التأكيد على قضية مهمة و هي أن العملية التعليمية لابد أن تتصف بخاصيتين مهمتين، الاولى: الاقتران بالرقي المعرفي و العلمي لدى الافراد، و الثانية: عدم هدر الوقت و ضياع العمر في أمور عبثية. فعلى سبيل المثال مع أهمية الشعر و قواعد الأدب و عدم حرمة تعليمه و تعلمه، إلا أننا نشاهد القرآن الكريم يؤكد عدم انشغال النبي (ص) بهذا النوع من العلوم: "وَ ما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَ ما يَنْبَغي لَه".[3]
و لما كان النبي الاكرم (ص) أفضل قدوة يقتدي بها، من هنا ينبغي على اتباعه الامعان و الدقة في تحديد الاوليات العلمية بنحو يؤمن لهم الكم الاكبر من المنافع و يجنبهم الوقوع في الانعكاسات السلبية، و يوفر لهم فرصة الاستفادة المثلى من الوقت.
3. من الواضح أن التعاليم الدينية في الشأن التعليمي قد صيغت بشكل عام و لم تلاحظ فيها حاجات كل فرد على حدة، من هنا لا ينبغي للافراد الاقتصار على تلك التعاليم و قصر الحركة في تلك الدائرة فقط، بل لابد من اعتماد الكفاءات الذاتية و الاستعانة بآراء اصحاب الاختصاص من خلال التشاور معهم لوضع الخطط المناسبة لتأمين الحاجات و حل المشاكل التي تواجههم؛ لأن الاسلام في الوقت الذي طلب من العالم أن ينشر علمه[4]، أراد لطالب العلم أن يخوض هذا المضمار بنشاط و حيوية، و بالتزاوج بين بذل الاستاذ و حيوية الطالب ترتقي عملية البحث و التحقيق العلمي في الاوساط العلمية[5]. و بعبارة أخرى: في العملية التعليمة تقع مسؤولية التعليم على كاهل المعلمين و مسؤولية التعلم على كاهل الطلاب، فيبذل كل منهم قصارى جهده في انجاز ما وقع على عاتقه من مسؤولية. و لا ريب ان الكفاءة و الاستعداد و الميول التي يتطلبها التعلم تختلف عن تلك التي يجب أن يتوفر المعلم عليها.
لكن في الوقت الذي يجب فيه على المراكز العلمية من تدوين للدساتير و البرامج التعليمية العامة، أن تضع توفر للطلاب الفرصة المناسبة لرصد الحاجات و الضرورات المتغيرة و القيام بوضع الحلول و المعالجات النافعة لها.
[1] انظر: البقرة، 129؛ آل عمران، 164؛ الجمعة؛ 2 و ... .
[2] الانبیاء، 80؛ "وَ عَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُم"؛ سبأ، 10 " وَ أَلَنَّا لَهُ الْحَديدَ".
[3] یس، 69.
[4] الکلیني، محمد بن یعقوب، الکافي، ج 1، ص 41، ح 3، دار الکتب الإسلامیة، طهران، 1365 هـ ش.
[5] نفس المصدر، ص 17، "وَ الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّم".