سن التکلیف فی الاسلام یقوم على أساس البلوغ، بمعنى أنه عندما تظهر علامات البلوغ التی منها (الحیض بالنسبة للبنات و الاحتلام بالنسبة للذکور) یکلفون بالشریعة و یکونوا ملزمین بالاوامر و النواهی، و هناک علامات أخرى غیر العلامات الطبیعیة اعتمدها الاسلام فی تحدید سن التکلیف الشرعی منها التحدید على أساس العمر؛ فاذا ظهرت العلامات الطبیعیة على البنات او الذکور تحدد التکلیف، و الا ینتقل الأمر الى التحدید على أساس العمر. إذن لیس الأمر کما ورد فی متن السؤال من کون أهل السنة یحددون سن التکلیف بالبلوغ الطبیعی و الشیعة یحددونه بالعمر فقط (اتمام تسع سنین قمریة) بل البلوغ الطبیعی کالحیض و الحمل من العلامات المتفق علیها عند جمیع المذاهب الاسلامیة حتى و إن لم تبلغ السن التی حددها فقهاء أهل السنة للتکلیف.
البلوغ حالة طبیعیة تکوینیة یصلها البشر سواء کانوا من الذکور أم الاناث. تحدث فی هذه المرحلة تحولات عضویة محسوسة و تختلف باختلاف طبیعة المحیط الذی یعیشونه و نوع الغذاء و ... من تلک التغییرات غلظ الصوت، نبات الشعر على موضع العانة، خروج المنی من الذکور، الحیض و.... فعندما یحصل التحول کالحیض أو الاحتلام مثلا حینئذ تکون البنت و الولد قد بلغا سن التکلیف الشرعی؛ و هناک معاییر أخرى حددها الاسلام فی بلوغ سن التکلیف هی التحدید على أساس العمر، فاذا لم تظهر على الولد او البنت علامات البلوغ الطبیعیة یصار الى التحدید بالعمر فاذا بلغا السن المحدد یکونا قد وصلا الى سن التکلیف الشرعی أیضاً.
اتففت کلمة المذاهب الاسلامیة سنة و شیعة[1] على أن البنات یبلغن سن التکلیف الشرعی عند الحیض[2] و هناک علامات أخرى ذکرها الفقهاء لم نذکرها لعدم الاتفاق علیها من قبل المذاهب الاسلامیة.
من هنا، لیس من الصحیح القول بان علماء أهل السنة یحددون التکلیف بالبلوغ الطبیعی دون العمر و أن علماء الامامیة یحددونه بالعمر فقط و بالتحدید بلوغ اتمام تسع سنین قمریة.
الجدیر بالذکر أنه قد تتقارن العلامة الطبیعیة (الحیض) مع اتمام البنت تسع سنین قمریة فی بعض الاماکن و البلدان؛ إذن من علامات البلوغ عند أهل السنة للبنات الحیض او الحمل[3] و ان لم تبلغ السن الشرعیة (العمر) الذی حدده الفقهاء عندهم[4]. فلا اختلاف فی علامات البلوغ بین علماء الفریقین (الشیعة و السنة)، نعم، الاختلاف فی التحدید بالعمر بالنسبة الى البنات حیث یحدده الشیعة بعمر معین و السنة بعمر آخر.
البلوغ السنی
یختلف فقهاء أهل السنة فی سن البلوغ لدى البنات و کذلک یختلف بعضهم مع البعض الآخر فی هذه المسالة.[5]
ذهب مشهور فقهاء الشیعة الامامیة الى أن البنت تبلغ سن التکلیف عندما تصل الى اتمام تسع سنین قمریة و الذکر عندما یتم خمس عشرة سنة قمریة.[6]
آراء فقهاء أهل السنة فی بلوغ البنات[7]
الحنفیة- قالوا: یعرف البلوغ... فإذا لم یعلم شیء من ذلک (ای العلامات الطبیعیة) عنهما فإن بلوغهما یعرف بالسن، فمتى بلغ سنهما خمس عشرة سنة فقد بلغا الحلم على المفتی به، و قال أبو حنیفة: إنما یبلغان بالسن إذا أتم الذکر ثمانی عشرة سنة، و الأنثى سبع عشرة سنة.
اما المالکیة فترى بلوغ الاثنین عندما یتم الصغیر ثمانی عشرة سنة و قیل: یبلغ بمجرد الدخول فی السنة الثامنة عشرة.
الشافعیة، البلوغ باتمام 15 سنة قمریة للذکور والاناث معاً.
الحنابلة: البلوغ باتمام 15 سنة قمریة للذکور و الاناث معا.
[1] انظر:الجزیری، عبدالحرمان، الفقه على المذاهب الأربعة و مذهب أهل البیت، ج2، ص 412، دار الثقلین، بیروت، 1419.
[2] الجدیر بالذکر ان الدم الذی تراه البنت بعد اتمام تسع سنین یعد حیضاً. ( انظر: الطهارة للامام الخمینی، الطبعة الحدیثة، ج1، ص9)
[3] یقدر وقت بلوغها حینئذ بما قبل وضع الحمل بستة اشهر .( الفقه على المذاهب الأربعة و مذهب أهل البیت، ج2، ص 412)
[4] الفقه على المذاهب الأربعة و مذهب أهل البیت، ج2، ص 412.
[5] الفقه على المذاهب الأربعة و مذهب أهل البیت، ج2، ص 412.
[6] انظر: الطوسی، محمد بن الحسن، المبسوط، ج3، ص 37؛ شرایع الاسلام، ج1، ص 179؛ جامع المقاصد، ج5، ص 180؛ تذکرة الفقهاء، ج 14، ص 188؛ ایضاح الفوائد، ج 2، ص 50؛ کشف الرموز فی شرح مختصر النافع، ج1، ص 552.
[7] انظر: الفقه على المذاهب الأربعة و مذهب أهل البیت، ج2، ص 412؛ فتاوای الازهر، ج10،ص 426؛ الموسوعة الفقهیة، ج2، ص 332، وزارة الأوقاف و الشؤون الإسلامیة بالکویت،: و قد اختلف فی سنّ البلوغ: فیرى الشّافعیّة و الحنابلة و أبو یوسف و محمّد من الحنفیّة، و برأیهما یفتى فی المذهب، و الأوزاعیّ، أنّ البلوغ بالسّنّ یکون بتمام خمس عشرة سنةً قمریّةً للذّکر و الأنثى ' تحدیدیّة کما صرّح الشّافعیّة ' ، لخبر " ابن عمر.