ورد فی الروایات تقسیم النوم الى الجهات الاربعة و أن أفضلها نوم المؤمن على الجانب الایمن متجهاً نحو القبلة.
فقد روی عن الامام علی (ع) أنه قال: "النوم على أربعة أوجه، الأنبیاء (ع) تنام على أقفیتهم مستلقین و أعینهم لا تنام متوقعة لوحی الله عز و جل، و المؤمن ینام على یمینه مستقبل القبلة، و الملوک و أبناؤها تنام على شمائلها لیستمرءوا ما یأکلون، و إبلیس و إخوانه و کل مجنون و ذی عاهة ینام على وجهه منبطح".
و بالنسبة الى دفن المیت مستقبلا القبلة فقد روی عن الامام الصادق (ع) أنه قال: "کَانَ الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ الْأَنْصَارِیُّ بِالْمَدِینَةِ وَ کَانَ رَسُولُ اللَّهِ (ص) بمکةَ و إِنَّهُ حَضَرَهُ الْمَوْتُ و کان رسول اللَّه (ص) و المسلمون یصلُّون إِلى بیت المقدس فأَوصى البراءُ أَنْ یُجْعَلَ وَجْهُهُ إِلَى تِلْقَاءِ النَّبِیِّ (ص) إِلى القبلة و أَنَّهُ أَوصى بِثلث ماله فجرَتْ به السُّنَّةُ" من هنا نرى الفقهاء و استناداً الى الادلة الفقهیة افتوا بوجوب کون الدفن مستقبل القبلة.
یتفرع السؤال المذکور الى قسمین نحاول الاجابة عنها وفقاً لهما.
کان السؤال فی القسم الاول عن النوم باتجاه القبلة.
جوابه:
بما أن الدین الاسلامی هو خاتم الدیانات الالهیة یهدف الى سوق الانسان نحو الکمال[1] من هنا ینبغی أن یکون دیناً جامعاً و کاملا[2] یوفر للبشریة جمیع متطلباتها و یلبی جمیع احتیاجاتها الصغیرة منها و الکبیرة.[3] و من جملة تلک المتطلبات قضیة أحکام النوم التی هی فی الحقیقة احکام غیر الزامیة بل من قبیل السنن و المستحبات التی جاءت الاشارة الیها فی الکثیر من الروایات، منها:
روی عن الامام الهادی (ع) أنه قال: "لنا أَهْل الْبَیْتِ عند نومنا عشر خصال، الطّهارةُ و توسُّدُ الیمین و تسبیحُ اللَّهِ ثَلاثاً و ثَلاثینَ و تحمیدُهُ ثَلاثاً و ثلاثینَ و تَکْبِیرهُ أَربعاً و ثَلاثینَ و نستَقْبِل القبلةَ بوجوهنا و نَقْرَأُ فَاتِحَةَ الْکِتَابِ و آیَةَ الْکُرْسِیِّ و شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلا هُوَ إِلَى آخِرِهَا[4]. فمنْ فعَلَ ذلکَ فقَدْ أَخَذَ بِحَظِّهِ فِی لَیْلَتِهِ"[5].
انواع النوم:
قسمت الروایات الورادة فی مصادرنا نحن معاشر الشیعة النوم الى أربعة أقسام أفضلها نوم المؤمن على الجانب الایمن متجها نحو القبلة.
فعن عبد الله بن أحمد بن عامر الطائی قال: حدثنا علی بن موسى الرضا (ع) عن آبائه:" کان علی بن أبی طالب (ع) بالکوفة فی الجامع إذ قام إلیه رجل من أهل الشام فسأله عن مسائل فکان فیما سأله أن قال له: أخبرنی عن النوم على کم وجه هو؟ فقال: النوم على أربعة أوجه، الأنبیاء (ع) تنام على أقفیتهم مستلقین و أعینهم لا تنام متوقعة لوحی الله عز و جل، و المؤمن ینام على یمینه مستقبل القبلة، و الملوک و أبناؤها تنام على شمائلها لیستمرءوا ما یأکلون، و إبلیس و إخوانه و کل مجنون و ذو عاهة ینام على وجهه منبطحاً".[6]
اما بالنسبة الى جواب القسم الثانی، أی دفن المیت متجها نحو القبلة، فینبغی أن نقول: إن الاسلام قد رسم خطة لجمیع مراحل حیاة الانسان الاربعة منذ بدء الحیاة و حتى الممات، بل حتى بالنسبة الى ما بعد الموت من التکفین و الدفن و بیان سائر احکامها، نشیر الى بعضها:
قال الامام الصادق (ع): " إِذَا اشْتَدَّتْ علیه (الانسان حال الموت) النَّزْعُ فَضَعْهُ فِی مُصَلاهُ الذی کَانَ یُصَلِّی فِیهِ أَوْ عَلَیْهِ " و فی روایة أخرى "إِذَا عَسُرَ عَلَى الْمَیِّتِ مَوْتُهُ وَ نَزْعُهُ قُرِّبَ إِلَى مُصَلاهُ الَّذِی کَانَ یُصَلِّی فِیهِ "
اما بالنسبة الى توجیه المحتضر نحو القبلة فقد روی عن سلیمان بن خالدٍ قال: سمعت أَبا عبد اللَّهِ (ع) یقول: إِذا مات لاحدکم میِّتٌ فَسَجُّوهُ تُجَاهَ الْقِبْلَةِ وَ کَذَلِکَ إِذَا غُسِّلَ یُحْفَرُ لَهُ مَوْضِعُ الْمُغْتَسَلِ تُجَاهَ الْقِبْلَةِ فَیَکُونُ مُسْتَقْبِلًا بِبَاطِنِ قَدَمَیْهِ وَ وَجْهِهِ إِلَى الْقِبْلَة".[7]
و أما بالنسبة الى دفن المیت باتجاه القبلة فقد وردت روایات کثیرة فی کتاب وسائل الشیعة بحث عقد لها الحر العاملی باباً مستقلا، منها:
عن الامام الصادق (ع) أنه قَال: کَانَ الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ الأَنْصَارِیُّ بِالْمَدِینَةِ و کَانَ رَسُولُ اللَّهِ (ص) بمکةَ و إِنَّهُ حَضَرَهُ الْمَوْتُ و کان رسول اللَّه (ص) و المسلمون یصلُّون إِلى بیت المقدس فأَوصى البراءُ أَنْ یُجْعَلَ وَجْهُهُ إِلَى تِلْقَاءِ النَّبِیِّ (ص) إِلى القبلة و أَنَّهُ أَوصى بِثلث ماله فجرَتْ به السُّنَّةُ" [8]
من هنا نرى الفقهاء و استناداً الى الادلة الفقهیة افتوا بوجوب کون الدفن باتجاه القبلة، بأن یضجعه على جنبه الأیمن بحیث یکون رأسه الى المغرب و رجلیه الى المشرق مثلا فی البلاد الشمالیة، و بعبارة أخرى یکون رأسه إلى یمین من یستقبل القبلة و رجلاه إلى یساره، و کذا فی دفن الجسد بلا رأس، بل فی الرأس بلا جسد، بل فی الصدر وحده".[9]
[1] انظر بحث "خاتمیة الرسالات" رقم السؤال8923 من هذا الموقع.8935
[2] انظر: بحث " کمال الدین وثباته" السؤال رقم2585 من هذا الموقع.2798
[3] یعتمد فقهاء الشیعیة فی معالجة المسائل المستحدثة القواعد الکلیة التی وضعتها الشریعة تحت تصرفهم لاستنباط الاحکام.
[4] انظر: آل عمران،18.
[5] مستدرکالوسائل ج : 5 ص : 116.
[6] الشیخ الصدوق، الخصال، ج 1، ص 262، انتشارات جامعه مدرسین قم، 1403 هـ ق؛ الشیخ الصدوق، عیون أخبار الرضا (ع) ج1، ص 510، نشر جهان، طهران، الطبعة الاولی، 1378 هـ ق.
[7] الکلینی، الکافی، ج 3، ص 125-127، باب" بَابُ إِذَا عَسُرَ عَلَى الْمَیِّتِ الْمَوْتُ وَ اشْتَدَّ عَلَیْهِ النَّزْعُ " و " بَابُ تَوْجِیهِ الْمَیِّتِ إِلَى الْقِبْلَةِ "، الطبعة الرابعة، دار الکتب الإسلامیة، طهران، 1365 هـ ش.
[8] الشیخ الحر العاملی، وسائلالشیعة، ج 3، ص 230، مؤسسه آل البیت علیهمالسلام قم، 1409 هـ ق.
[9] الامام الخمینی (قدس)، تحریر الوسیلة، ج1، ص88، م2، مؤسسة دار العلم، الطبعة الاولى.