من اقدم الحرکات التی قام بها عمر بن الخطاب و الخلیفة الاول الاقدام على غصب فدک و احراق بیت فاطمة (ع) و قد وقع هذا الفعل بعد رحیل الرسول الاکرم (ص) بفترة قصیرة جداً، لکن التأریخ لم یذکر لنا أی الواقعتین هی الاولى؛ لکن یمکن القول بالنسبة الى احراق بیت فاطمة (ع) أنه جاء فی المصادر التاریخیة لاهل السنة بالنحو التالی: "... ثم إن أبا بکر بعث عمر بن الخطاب إِلى علی و من معه لیخرجهم من بیت فاطمة رضی الله عنها، وقال: إِن أبوا علیک فقاتلهم. فأقبل عمر بشیء من نار على أن یضرم الدار، فلقیته فاطمة رضی الله عنها و قالت: إِلى أین یا ابن الخطاب؟ أجئت لتحرق دارنا؟ قال: نعم، أو تدخلوا فیما دخل فیه الأمة...."[1]
و کذلک ورد عن الامام الصادق (ع) الحدیث عن غصب فدک بالنحو التالی: "عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ: لَمَّا بُویِعَ أَبُو بَکْرٍ وَ اسْتَقَامَ لَهُ الْأَمْرُ عَلَى جَمِیعِ الْمُهَاجِرِینَ وَ الْأَنْصَارِ، بَعَثَ إِلَى فَدَکَ مَنْ أَخْرَجَ وَکِیلَ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللّه مِنْهَا."[2]
هذه قرینة تکشف عن تقدم الغصب على إحراق البیت، و هناک قرینتان اخرییان یمکن الاشارة الیهما هنا بنحو مختصر.
الاولى: یحدثنا التاریخ بانه لما منع الخلیفة الاول فاطمة (س) حقها وغصب فدکا و اخرج عمالها منها تقدمت الزهراء (ع) بالشکوى من هذا الامر و اعترضت على هذا العمل کما فی خطبتها المعروفة و التی تقول فیها: "لَمَّا بَلَغَ فَاطِمَةَ عَلَیْهَا السَّلَامُ إِجْمَاعُ أَبِی بَکْرٍ عَلَى مَنْعِهَا فَدَکَ، لاثَتْ خِمَارَهَا وَ أَقْبَلَتْ فِی لُمَةٍ مِنْ حَفَدَتِهَا وَ نِسَاءِ قَوْمِهَا تَطَأُ ذُیُولَهَا، مَا تَخْرِمُ مِشْیَتُهَا مِشْیَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ حَتَّى دَخَلَتْ عَلَى أَبِی بَکْر...".[3] و قد رد علیها ابو بکر بالعبارة التی نسبها الى النبی (ص) "نحن معاشر الانبیاء لانورث ما ترکناه صدقة" و هذا یکشف عن کون القضیة ما زالت لم تتأزم بعد الى حد التجاسر المعروف باحراق الدار.
الثانیة: من المتعارف فی الاوساط السیاسیة أن رجال السیاسة یحاولون التدرج فی المواجهة مع المعارضة خشیة ردة فعل الجماهیر، و بما أن للزهراء (س) منزلة کبیرة فی اوساط المسلمین من هنا یکون الاقدام على احراق بیتها مباشرة أمراً لایستسیغه الشارع و الجماهیر و لایوجد مبرر له، کما لا یمکن التعتیم علیه بحدیث موضوع کما فی قضیة غصب فدک فهل یستطیعون القول بان النبی الاکرم (ص) امر باحراق بیتها مثلا!!!؛ من هنا نرى ان طبیعة الامور تقتضی تقدم الغصب على الاحراق.
اما بالنسبة الى تحدید ذلک بالایام فغیر ممکن لان المصادر التی تعرضت لذلک لم تذکره و انما یمکن القول انه لایتجاوز الشهر او الشهرین مقارنة بالفترة التی عاشتها فاطمتها سلام الله بعد ابیها.
لمزید الاطلاع على غصب فدک انظر السؤال رقم 3425 (الرقم فی الموقع: 4214).
[1] ابو الفداء،المختصر فی اخبار البشر(تایخ ابوالفداء)،ج1،ص107، باب اخبار ابی بکر الصدیق وخلافته؛ ابن عبد ربه، العقد الفرید،ج2،ص73 (برنامج المکتبه الشامله)
[2] بحارالانوار، ج29، ص 127، حدیث 27 (نسخه معجم موضوعی بحار الانوار).
[3] العلامة المجلسی، بحار الانوار، ج29، ص216، نشر مؤسسة الوفاء بیروت. و قد نقلت خطبة الزهراء (س) فی کثیر من المصادر السنیة منها: بلاغات النسأ، تألیف أبی الفضل أحمد بن أبی طاهر، المعروف بابن طیفور، (204 - 280هـ)؛ ـ السقیفة و فدک، تألیف أحمد بن عبدالعزیز الجوهری، من محدثی أهل السنة فی القرن الثانی الهجری؛ ـ مقاتل الطالبیین، تألیف أبی الفرج الاصفهانی و غیر ذلک من المصادر.