لقد خلقنا نحن الناس جمیعا من أجل هدف مهم و مقدس. و بما أن خالقنا هو الله الحکیم فمن المحال أن یکون خلقنا عبثا بلا غایة.[1] إذن کلنا مکلفون بتکالیف و منها هی التکالیف التی تحدد العلاقة بین الرجل و المرأة. فإن کانت هذه العلاقة فی إطار الأحکام الإسلامیة و تمت من خلال الزواج، فهو أمر حسن ممدوح و قد شجّع الإسلام علیه فی تعالیمه؛ أما إذا لم تقم هذه العلاقات على أساس هذه الموازین، فمضافاً إلى مذمومیتها شرعاً، سوف تترک آثاراً سلبیة ثقافیة و اجتماعیة و نفسیة و غیرها من الخسائر التی لا یعوّض معظمها.
إذن و إن لم یشترط رضا الزوج الأولى فی الزواجات الأخرى للرجل و علیه فلا مانع شرعا من زواجه معک، لکن بما أن الإسلام هو دین الأخلاق نلفت نظرک إلى وصیة أخلاقیة لأمیر المؤمنین (ع).
یقول الإمام فی رسالة کتبها للإمام الحسن (ع): "یَا بُنَی… فَأَحْبِبْ لِغَیْرِکَ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِکَ وَ اکْرَهْ لَهُ مَا تَکْرَهُ لَهَا… أَحْسِنْ کَمَا تُحِبُّ أَنْ یُحْسَنَ إِلَیْکَ وَ اسْتَقْبِحْ مِنْ نَفْسِکَ مَا تَسْتَقْبِحُهُ مِنْ غَیْرِکَ وَ ارْضَ مِنَ النَّاسِ بِمَا تَرْضَاهُ لَهُمْ مِنْ نَفْسِک وَ لا تَقُلْ مَا لا تَعْلَمُ وَ إِنْ قَلَّ مَا تَعْلَمُ وَ لا تَقُلْ مَا لا تُحِبُّ أَنْ یُقَالَ لَک."[2]
یشیر کلام أمیر المؤمنین (ع) إلى هذه الحقیقة المهمة و هی أن مراعاة شعور الآخرین و رغباتهم و إن لم تکن واجبة، بید أنها تؤثر إیجابیا على حیاة الإنسان و عدم مراعاته قد یترک آثارا سیئة على حیاة الإنسان الفردیة و الاجتماعیة. عندما نبادر بالتعامل مع الآخرین یجب أن نجعل أنفسنا مکانهم و نرى هل نرضى للآخرین أن یتعاملوا معنا هکذا أم لا؟ و إن ارتضینا تعاملا ما لأنفسنا ینبغی أن نرتضیه لغیرنا أیضا و إلّا فیجب أن نغیر تصرفنا. فقبل أن تبادری الى أی فعل نطلب منک أن تجعلی نفسک مکان زوج الرجل الذی تحبیه، فهل ترضین لأحد أن یتعامل معک هکذا؟ فیما إذا تزوجت مع هذا الرجل و تکونت عائلتک مع أطفال صغار و ما لدیک من آلاف الآمال و الأمنیات لهم فهل ترضین أن تأتی امرأة و تنافسک فی زوجک و تحطم علیک حیاتک و تتفق مع زوجک على الزواج؟ من المؤکد جدا أنک لا ترضین بذلک! فلا ترضیه للآخرین. حتى و إن لم یکن عملک حراما شرعا.
بالإضافة إلى ذلک، إن أدى هذا الزواج إلى تألم و انکسار الزوج الأولى و أولادها فقد لا یحقق أمنیاتکم و طموحاتکم، إذ لیس هناک ضمان على أن لا تتکرر هذه القضیة بالنسبة إلیک أو أن لا تبرد نار غرامکم أسرع مما تتصورین و یدمّر کیان عائلتین لا عائلة واحدة.
إذن فاعلمی لو أنک آثرت الآخرین على نفسک فی سبیل رعایة حقهم و تخلیتی عن حقک، سوف یجازیک الله بأحسن وجه و یعطیک ثوابا عظیما فی هذه الدنیا و الآخرة.
إذن:
1ـ إن لم یتعد الحب و الغرام حدود الشرع و أحکام العلاقة بین غیر المحارم، فلا أنه لیس حراما و حسب، بل قد یمهد لحیاة مشترکة ناجحة.
2ـ مع أن الطلاق لیس حراما لکن قد ورد فی شأنه بأنه أبغض الحلال عند الله.
3ـ من الناحیة الحقوقیة لا یخدش فی صحة الزواج احتمال الانتحار أو تأنیب الضمیر على حق الطرف الآخر.
4ـ بالإضافة إلى الواجبات و المحرمات الشرعیة هناک مسائل أخلاقیة و قد یؤدی إهمالها إلى أضرار و خسائر فردیة واجتماعیة.
5ـ و أخیرا یبدو من سؤالک بأنک قد أخطأت فی اختیار طریق أدى بک إلى إیجاد علاقة حمیمة بینک و بین رجل متزوج. فمن الواضح أن هذا الحب لم یحصل فی یوم واحد و عبر نظرة خاطفة. من الناحیة الأخرى لم یستطع هذا الرجل إلى الآن أن یخرج بنتیجة واضحة مما هو فیه و یعین مصیره فی المستقبل، فقد لا ینفک عنه شعوره بالذنب تجاه زوجه حتى بعد زواجه معک، فیصبح خائبا بین حیاته الماضیة التی هدم دعائمها و حیاته معک التی لم یغتبط بها.
بناءً على ما ذکر، نحن لا نحرم زواجک مع هذا الرجل، لکن توصیتنا لک هی إما أن تتخلی عن حقک فی الزواج مع الرجل المحبوب لدیک و أن ترضی الله عز وجل بإیثارک على نفسک و أن تشجعی هذا الرجل بالتفکیر الأکثر و الاستمرار بحیاته مع زوجه الأولى، أو أن تتفاوضین مع هذا الرجل و زوجه و تصبحین زوجة ثانیة فی العائلة من دون إی طلاق.
للحصول على المزید من المعلومات راجعی المواضیع التالیة:
1ـ العلاقة مع غیر المحرم قبل الزواج، سؤال 1407 (الموقع: 1427)
2ـ علاقة الاولاد مع البنات، سؤال 6669 (سایت: 6745)
3ـ العشق المجازی و نیل الحقیقة، سؤال 1026 (الموقع: 1081)
4ـ العشق فی العرفان والفلسفة، سؤال 3212 (الموقع: 3515)
5ـ طریق التخلص من العشق غیر الإلهی، سؤال 3061 (الموقع: 3787)