یأتی هذا البحث فی ذیل الأبحاث الخاصة بمقامات الأئمة (ع) حیث إننا نعتقد على أساس الروایات بمقامات خاصة للأئمة فی علمهم و قدرتهم و ولایتهم و مسائل أخرى ما قد یؤدی إلى توهم البعض باستقلالهم الذی یستلزم الشرک و من هنا تطرح قضیة عدم الاستقلال لرفع ذلک التوهم.
یأتی هذا البحث فی ذیل الأبحاث الخاصة بمقامات الأئمة (ع) حیث إننا نعتقد على أساس الروایات الواردة لدینا بمقامات خاصة للأئمة فی علمهم و قدرتهم و ولایتهم و مسائل أخرى، مما قد یؤدی إلى توهم البعض باستقلالهم الذی یستلزم الشرک. فقد یتوهم أن الأمور قد فوّضت للأئمة أو أن بیدهم بعض الأمور على سبیل الاستقلال، و حتى عندما تنقل مقاماتهم العالیة قد یتوهم البعض أن لهم مقام الألوهیة. و لکن عندما یقال أن الإمام هو مرآة الحق فی جمیع هذه المقامات و هو متعلق و مرتبط بالله تماما، تنتفی کل هذه التوهمات من شرک و تفویض و غلو. مع أننا بهذا الکلام لم ننکر أی مقام من مقامات الأئمة (ع). یعنی أن الإمام صاحب الولایة الکلیة الإلهیة و هو واسطة الفیض لما سوى الله و لکنه غیر مستقل عن الله فی جمیع شؤونه، بل لا یصل أحد من المخلوقات إلى درجة فقرهم إلى الله، و هذا هو سر أفضلیة الإمام على غیره.
وقد أشیر إلى هذه الحقیقة فی القرآن بالنسبة إلى أفعال أنبیاء الله و الملائکة و غیرهم أیضا، حیث کانت کل هذه الأفعال الخارقة بإذن الله. یعنی لم یکونوا مستقلین فی أفعالهم و قدرتهم کما جاء فی النبی عیسى بأنه کان یحیی الموتى بإذن الله أو کان یخلق من الطین کهیئة الطیر فینفخ فیه فیکون طیرا باذن الله، و هذا لا یقتضی الشرک بالله فی مقام الخلق و الإحیاء و… إذ لم یکن النبی عیسى مستقلا فی أحد أفعاله بل کان مفوضا أمره إلى مشیئة الله و إرادته بشکل کامل.
وهکذا الأمر بالنسبة إلى الأئمة. إذن إن قلنا بأن الأئمة ما کانت لهم أیة قدرة و ولایة على الإطلاق فقد أنکرنا قسما کبیرا من مقاماتهم و وقعنا فی التقصیر فی حقهم. و إن قلنا أن الأئمة کانوا مستقلین عن الله فی هذه المقامات فقد تورطنا بالغلو. و کذا إذا قلنا أن بعض الأمور بید الأئمة و البعض الآخر بید الله فهذا شرک فی الأفعال، فالقول الحق هو أن الإمام واسطة فی تحقق المشیئة الإلهیة فی جمیع الأمور بلا أن یکون مستقلا بذاته، فإنه هو التوحید الخالص الذی یؤکد على فقر الأئمة الوجودی و على مقام ولایتهم الکلیة معا.
إذن جمیع مخلوقات الله غیر مستقلة فی وجودها و صفاتها و لا فرق فی هذا الأمر بین الإمام و غیره، و لکن الفرق یکمن فی أن الإمام و بسبب عبودیة الله قد أصبح مظهرا لجمیع أسماء و صفات الله و له سیطرة على جمیع کائنات العالم و مع ذلک لا یملک شیئا بشکل مستقل. و أما سائر الأشیاء فتحظى بقدر محدود من الوجود غیر المستقل (الرابطی) و لا یتوهم أحد فی شرک أو غلو تجاه هذه المخلوقات الضعیفة، إذ أن لهم طاقة محدودة و ضعیفة، و لکن الإمام له علم و قدرة لا یمکن تصورها للإنسان العادی و الأذهان الضعیفة، و لهذا یضاعف التأکید على عدم استقلالهم فی سبیل سدّ الطریق أمام الغلو و إنکار التوحید.