معنى الدلیل هو الشیء الذی یلزم من العلم به علم بشیء آخر و بواسطة الدلیل بإمکان العقل أن یصل إلى التصدیق الیقینی بصحة شیءٍ کان مورداً للشک.
نعم، یری علماء أصول الفقه ان الدلیل یمکن ان یکون دلیلا محصلا للقطع و الیقین بالحکم و یمکن ان یکون المستند والدلیل أمراً ظنیا قد اضفى علیه الحکم الشارع الحجیة و الاعتبار.
و أما العلة باصطلاح الحکماء: فهی الشیء الذی یتوقف علیه وجود شیءٍ آخر، و هی خارج الشیء و مؤثر فیه. و اما العلة فی الأحکام الشرعیة فتعنی فلسفتها و حکمتها و التی یراى بها مصالح و مفاسد جعل الأحکام و تشریعها.
إذن فالفرق بین الدلیل و العلة فی المسائل الفقهیة یتلخص بالقول: الدلیل مقولة و قاعدة لإثبات الموضوع و الحکم الشرعی و بالاعتماد على الدلیل بإمکان المجتهد أن یستنبط حکماً للموضوع. أما العلة فهی فلسفة و حکمة الأحکام الشرعیة التی أقرها الله سبحانه للعباد و التی یعبر عنها بالمصالح و المفاسد، أما ما یقال من أن الحکم الفلانی له علة و لیس له دلیل فهذه عبارة غیر صحیحة، و ذلک لأن أی حکم شرعی إنما یثبت بالاعتماد على الأدلة القطعیة أو الظنیة التی أعطاها الشارع الاعتبار بشکل أو بآخر، و لا یوجد أی حکم شرعی دون دلیل، و لکن من الممکن أن تکون للحکم الشرعی علة و لکن لم نتوصل إلى إدراکها. إذن فالأمر بالعکس تماماً فالحکم الشرعی الفلانی له دلیل و لکننا لا نعلم علته. أو أن الله تعالى لم یبین العلة من أجل أن یربی فی عباده روح التعبد و العبودیة.
من أجل أن یتضح الفرق بین الدلیل و العلة لا بد من تعریف کل منهما فی بدایة الأمر:
تعریف الدلیل:
المراد بالدلیل الحجة و البرهان الدال على صحة المدعى، و الدلیل فی اللغة یعنی المرشد، و الشیء الذی یوجب الإرشاد و الاستدلال، و فی الاصطلاح فالدلیل یعنی الشیء الذی یلزم من العلم به علم بشیءٍ آخر، و بواسطة الدلیل یمکن للعقل أن یصل إلى التصدیق الیقینی بصحة شیء کان مورداً للشک.[1]
نعم، یری علماء أصول الفقه ان الدلیل یمکن ان یکون دلیلا محصلا للقطع و الیقین بالحکم و یمکن ان یکون المستند والدلیل أمراً ظنیا قد اضفى علیه الحکم الشارع الحجیة و الاعتبار[2]. و علیه فالدلیل هو المبین للأحکام الواقعیة و الظاهریة للأشیاء، و هو عبارة ـ بشکل کلی ـ عن: (القرآن الکریم)، السنة (قول النبی الأکرم و فعله و تقریره و کذلک الأئمة المعصومین)، الإجماع و العقل.
تعریف العلة:
فی اصطلاح الحکماء العلة هی الشیء الذی یتوقف علیه وجود شیءٍ آخر و هو خارج الشیء و مؤثر به.[3]
وبعبارة أخرى: العلة تهب المعلول وجوده، و فی الواقع إن ما یأخذه المعلول من العلة هو تمام وجوده، و علیه فإذا لم تکن العلة موجودة فلا یمکن أن یوجد المعلول.
و المراد بالعلة فی الأحکام الشرعیة فلسفتها و حکمتها، و یطلق علیها المصالح و المفاسد بالنسبة للجعل و التشریع، أی أن الأحکام الشرعیة أقرت على أساس المصالح و المفاسد المتعلقة بالإنسان، و قد بینت بعضها بشکل کلی و بعضها بشکل جزئی فی الآیات و الروایات.
الفرق بین الدلیل و العلة:
بالعودة إلى تعریف کل من الدلیل و العلة فیمکن أن یقال أن الفرق بین الدلیل و العلة فی المسائل الفقهیة یتلخص بالآتی:
إن الدلیل مقولة و قاعدة لإثبات الموضوع و الحکم الشرعی و بالاعتماد على الدلیل یتمکن المجتهد من استنباط أحکام الموضوعات، أما العلة فهی فلسفة و حکمة جعل و تشریع الأحکام الشرعیة التی فرضها الشارع المقدس على الإنسان و التی یعبر عنها بالمصالح و المفاسد.
و علیه یمکن القول أن الدلیل فی الأحکام الشرعیة نوع "علم و اطلاع" و أما بالنسبة للعلة و المعلول فیقال "نوع رابطة بین شیئین" و لیس من الصحیح استعمال مصطلحی (الدلیل و العلة) فی معنىً واحد.
و قد تبین علة بعض الأحکام الشرعیة فی بعض أدلة الأحکام و تسری هذه العلة فی الموضوعات الأخرى و التی هی من مصادیق هذه العلة، و یطلق على هذا النوع من العلل مصطلح "العلة المنصوصة" بمعنى العلة المصرح بها فی الآیات و الروایات[4].
أما ما یقال من أن الحکم الفلانی له علة و لیس له دلیل فهذه عبارة غیر صحیحة، و ذلک لأن أی حکم شرعی إنما یثبت بالاعتماد على الأدلة القطعیة أو الظنیة التی أعطاها الشارع الاعتبار بشکل أو بآخر، و لا یوجد أی حکم شرعی دون دلیل، و لکن من الممکن أن تکون للحکم الشرعی علة و لکن لم نتوصل إلى إدراکها. إذن فالأمر على العکس تماماً فالحکم الشرعی الفلانی له دلیل و لکننا لا نعلم علته. أو أن الله تعالى لم یبین العلة من أجل أن یربی فی عباده روح التعبد و العبودیة.
للاطلاع یمکن الرجوع إلى:
1ـ فلسفة و حکمة الأحکام الفقهیة، 8993 (کاربر)
2ـ مصادر بیان حکمة الأحکام و المخلوقات، السؤال 4655 (الموقع: 5190).
[1] صلیبا، جمیل و صانعى دره بیدی، منوچهر، المعجم الفلسفی، ص 351، انتشارات حکمت، طهران، الطبعة الاولى، 1366ش.
[2] نفس المصدر.
[3] نفس المصدر، ص477.
[4] الامام الخمینی، سید روح الله، انوار الهدایة، ج 1، ص 263، مؤسسه تنظیم و نشر آثار الامام الخمینی، 1415 ق؛ ملا صالح المازندرانی، حاشیه معالم الدین، ص 243، نشر مکتبة الداوری؛ النائینی، محمد حسین، فوائد الاصول، ج 2، ص 555 – 556، دفتر النشر الاسلامی، 1417ق.