للوجود المطلق معان و استعمالات متعدّدة؛ فتارة یراد به المعنی الذی لیس فی مقابلة شیء و یصطلح علیه: المطلق غیر المقیّد بقید الإطلاق، و تارة لیس کذلک أی أنه رغم کونه مطلقاً و لکنه لیس مطلقاً من الإطلاق بل مقیّد بالاطلاق. فحین یقال أن الموجود المطلق مساوق للخارجیة و الوحدة و الفعلیة فالمراد هو الوجود المطلق غیر المقیّد حتی بقید الإطلاق.
و اما حین نقول أن الوجود إما خارجی أو ذهنی، و الوجود إما کثیر أو واحد و إما بالقوة أو بالفعل، فالمراد هو الوجود المطلق الذی یکون مقیّداً بقید الإطلاق، فالمقصود فی الواقع هو مرحلة من مراحل الوجود.
للوجود المطلق معان و استعمالات متعددة فتارة یراد به المعنی الذی لا یکون فی قباله شیء و یصطلح علیه المطلق غیر المقید بقید الإطلاق، و تارة لا یکون کذلک أی أنه رغم کونه مطلقاً و لکنه لیس مطلقاً من الإطلاق بل مقید بالإطلاق.
و بهذا البیان یندفع التهافت الظاهری بین الکلامین اللذین یقول أحدهما أن الموجود المطلق مساوق للخارجیة و الوحدة و الفعلیة و الآخر: أن الوجود إما خارجی أو ذهنی و الوجود إما کثیر أو واحد و إما بالقوة أو بالفعل.
و توضیح ذلک: أنه حین یقال أن الموجود المطلق مساوق للخارجیة و الوحدة و الفعلیة فالمراد هو الوجود المطلق الذی لا یکون مقیّداً حتی بقید الإطلاق و لهذا لا یکون له مقابل و لیس هناک شیء فی قباله. بل کل ما یفرض فهو ظلّ له، و فی هذه الصورة تکون الوحدة و الفعلیة و الخارجیة و هی صفاته، مساویة له أیضاً بحیث لا یکون فی مقابلها شیء الا العدم[1]، لأن الکثرة ما لم تکن لها وحدة فإنها لا توجد، و ما بالقوة أیضاً ما لم یحصل علی الفعلیة فی کونه "ما بالقوة" فإنه لا یتحقق، و الموجود الذهنی أیضاً خارجیته المطلقة هی کونه ذهنیاً و ما لم یحصل علی الخارجیة فی کونه ذهنیّاً فإنه لا یتحقق.
و أما حین نقول بأن الوجود إما خارجی أو ذهنی و الوجود إما کثیر أو واحد، و إما بالقوة أو بالفعل، فالمراد هو الموجود المطلق الذی یکون مقیّداً بقید الإطلاق فالمقصود فی الواقع هو مرحلة من مراحل الوجود أی تلک المرحلة التی یکون الوجود مقیداً بالإطلاق و لکنه لا یکون مقیداً بالخارجیة أو الذهنیة أو الکثرة و الوحدة، و فی هذه الصورة لا تکون الخارجیة و الفعلیة و الوحدة أیضاً مستعملة فی معناها المطلق، بل تکون بحیث تقابل الذهنیة و ما بالقوة و الکثرة.
یقول العلّامة الطباطبائی فی توضیح هذا الأمر: "فإن لازم الاختلاف الذاتی فی الوجود أعنی وقوع التشکیک من متن حقیقته أن یتحقق هناک کثرة یتنافی بعض أجزائها مع البعض تنافیاً قیاسیاً فیعرض البعض نوع من الفقدان بالنسبة الی البعض و لازمه أن یفارق المقیس إلیه فی وصف کماله و یساوق المقیس إلیه أصل الحقیقة کما أنا نقسّم الوجود الی ذهنی و خارجی و إلی ما بالقوة و ما بالفعل و الی کثیر و واحد ثم نقول: الوجود یساوق الخارجیة و یساوق الفعلیة و یساوق الوحدة".[2]
و مراده: أنه بالنظر الی کون الوجود ذا مراتب مختلفة فإننا نقسّم الوجود الی خارجی و ذهنی، ما بالقوة و ... و بالنظر الی أن جمیع هذا المراتب و اختلافها، مشترکة فی أصل التحقق و الوجود فإننا نقول أن الوجود مساوق للفعلیة و الخارجیة.
[1] حقیقة الوجود من حیث هو غیر مقیّد بالإطلاق و التقیید و الکلیّة و الجزئیة و العموم و الخصوص و لا هو واحد بوحدة زائدة علیه و لا کثیر و لا متشخّص بتشخص زائد علی ذاته کما سنزیدک انکشافاً و لا مبهم بل لیس له فی ذاته الا التحصّل و الفعلیة و الظهور و إنما تلحقه هذه المعانی الإمکانیة و المفهومات الکلیة و الأوصاف الإعتباریة و النعوت الذهنیة بحسب مراتبه و مقاماته المنبه علیها بقوله تعالی "رفیع الدرجات" فیصیر مطلقاً و مقیّداً و کلیّاً و جزئیاً و واحداً و کثیراً من غیر حصول التغیر فی ذاته و حقیقته و لیس بجوهر کالماهیّات الجوهریة المحتاجة الی الوجود الزائد و لوازمه و لیس بعرض لأنه لیس موجوداً بمعنی أن له وجوداً زائداً فضلاً عن أن یکون فی موضوع المستلزم لتقدّم الشیء علی نفسه و لیس أمراً اعتباریاً کما یقوله الظالمون لتحقّقه فی ذاته مع عدم المعتبرین ایّاه فضلاً عن اعتبارهم و کون الحقیقة بشرط الشرکة أمراً عقلیّاً و کون ما ینتزع عنها من الموجودیة و الکون المصدری شیئاً اعتیاریاً لا یوجب أن تکون الحقیقة الوجودیة بحسب ذاتها و عینها کذلک. صدر المتألهین، الحکمة المتعالیة فی الأسفار العقلیة الأربعة، ج 1، ص260.
[2] هامش الحکمة المتعالیة فی الأسفار العقلیة الأربعة، ج1، ص 260.