تشیر الروایات الواردة فی مصادرنا الى ان الملائکة خلقوا بعد خلق روح النبی الاکرم (ص) و ارواح الائمة (ع)، و ان الملائکة بما فیهم اسرافیل ملک الموت و سائر الملائکة المقربین یموتون قبل قیام الساعة، و عن کیفیة موت الملائکة و أرواح الشهداء و الأنبیاء و الأولیاء، فیحتمل أنّ المراد من موت أولئک هو قطع ارتباط الروح عن قالبها المثالی، أو تعطیل نشاط الروح المستمر.[i] و ان عمر الملائکة طویل جدا الا انهم یموتون فی نهایة المطاف.
تشیر الکثیر من الروایات الى ان الملائکة هی من اقدم المخلوقات الالهیة، فقد دلت الروایات على ان الملائکة خلقت بعد خلق الانوار و الارواح المقدسة للنبی و اهل بیته (ع)، [1] کما وردت روایات کثیرة متواترة ان اول ما خلق الله تعالى نور النبی محمد (ص) و الائمة الطاهرین (ع)، ثم بعد ذلک خلق السموات و الارض و بعدها خلق الملائکة.
عن جَابِرٍ الْأَنْصَارِیِّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (ص) یَقُولُ: "إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَنِی وَ خَلَقَ عَلِیّاً وَ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنَ وَ الْحُسَیْنَ مِنْ نُورٍ وَاحِدٍ فَعَصَرَ ذَلِکَ النُّورَ عَصْرَةً فَخَرَجَ مِنْهُ شِیعَتُنَا فَسَبَّحْنَا فَسَبَّحُوا وَ قَدَّسْنَا فَقَدَّسُوا وَ هَلَّلْنَا فَهَلَّلُوا وَ مَجَّدْنَا فَمَجَّدُوا وَ وَحَّدْنَا فَوَحَّدُوا، ثُمَّ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ، وَ خَلَقَ الْمَلَائِکَة".[2]
اما بالنسبة الى موت الملائکة، ان جمیع المخلوقات تموت قبل یوم القیامة و قیام الساعة کما اشارت الى ذلک الآیة المبارکة: "وَ نُفِخَ فِی الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِی السَّماواتِ وَ مَنْ فِی الْأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فیهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِیامٌ یَنْظُرُون".[3]
ان الآیة المبارکة تشیر ابتداء و بشکل مطلق الى موت الجمیع بما یشمل الملائکة ایضا، ثم ان الآیة تستثنی البعض من هذا العموم، من هنا یفهم ان هناک طائفة من المخلوقات مستثناة من الموت فی النفخة الاولى؛ و قد وقع الاختلاف بین المفسرین فی تحدید هذه الطائفة المستثناة من هی؟ فمجموعة من المفسّرین قالوا: إنّهم ملائکة اللّه الکبار، کجبرائیل و میکائیل و إسرافیل و عزرائیل. و قد ورد فی الروایةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: تَلَا رَسُولُ اللَّهِ (ص) هَذِهِ الْآیَةَ: "وَ نُفِخَ فِی الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِی السَّماواتِ وَ مَنْ فِی الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ" قَالُوا: یَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ هَؤُلَاءِ الَّذِینَ اسْتَثْنَى اللَّهُ؟ قَالَ (ص): جَبْرَئِیلُ وَ مِیکَائِیلُ وَ إِسْرَافِیلُ وَ مَلَکُ الْمَوْتِ، فَإِذَا قَبَضَ اللَّهُ أَرْوَاحَ الْخَلَائِقِ، تموت الملائکة بامره سبحانه و ان آخر من یموت جبرائیل"،[4] و فی روایة اخرى اضیف الى هؤلاء الملائکة حملة العرش.[5]
على کل حال یظهر من هذه الروایات،[6] و الروایات التی تقول اذا نفخ اسرافیل النفخة الاولى فی الصور یموت جمیع الاحیاء الا اسرافیل نفسه، ثم ان اسرافیل یموت بامر الله تعالى.[7] کما یظهر بوضوح من قوله تعالى: "کل شیء هالک الا وجهه"،[8] ان کل الاشیاء مصیرها الموت الا وجه الله تعالى، الذی یفید بان المخلوقات التی استثنیت من الموت اولاً سوف تموت فی نهایة الامر و انه لا یبقى موجود حی الاّ الباری تعالى.
اما بالنسبة الى کیفیة موت الملائکة؟
یمکن القول ان الموت کما نفهمه هو: خروج الروح من الجسم و انفصالها عن عالم المادة. اما بالنسبة الى الملائکة فهذا المعنى غیر متصور، لانهم لیسوا باجسام مادیة حتى تخرج ارواحهم منها، من هنا توجد عدة احتمالات حول ماهیة موت ملک الموت. یقول الشیخ مکارم الشیرازی: و عن کیفیة موت الملائکة و أرواح الشهداء و الأنبیاء و الأولیاء، فیحتمل أنّ المراد من موت أولئک هو قطع ارتباط الروح عن قالبها المثالی، أو تعطیل نشاط الروح المستمر.[9]
من هنا نعلم ان عمر الملائکة طویل جدا الا انهم یموتون فی نهایة المطاف.